«حكيم باشا».. آخر عنـقود الدراما الصعيدية

«حكيم باشا».. آخر عنـقود الدراما الصعيدية
رجل طويل القامة، يرتدي جلبابًا فضفاضًا، ويلتف بشال صوفي، صوته أجش، وشاربه كثيف، ويده لا تفارق عصا غليظة يضرب بها الأرض بعد كل خطوة. هكذا اعتادت المسلسلات الصعيدية تقديم صورة الرجل الجنوبي، الذي يتمسك دائمًا بالعادات والتقاليد التي نشأ عليها.
وخلال التسعينات، قدم المخرج مجدي أبو عميرة أشهر مسلسلين تناولا قضايا الصعيد، وهما «ذئاب الجبل» و«الضوء الشارد»، اللذان حققا نجاحًا باهرًا ما زال حاضرًا في أذهان شريحة كبيرة من الجمهور حتى اليوم، وفي رمضان 2025، يأتي مسلسل «حكيم باشا»، المعروض ضمن الخريطة الفنية لـ«المتحدة»، ليكون أحدث الأعمال التي تدور أحداثها في الصعيد.
في عام 1986، عرض التليفزيون المصري مسلسل «غوايش»، بطولة صفاء أبو السعود وفاروق الفيشاوي ونبيل الحلفاوي، ويحكي قصة فتاة تعمل مع والدها وابن عمها في الموالد، وتحب شابًا من أسرة صعيدية، فتصطدم قصة حبهما بالعادات والتقاليد الصعيدية التي تحرم على «الشاب الصعيدي» الزواج من فتاة الموالد.
وفي عام 1992، عُرض مسلسل «ذئاب الجبل» من بطولة أحمد عبد العزيز وسماح أنور، وحقق نجاحًا منقطع النظير، إذ تناول عدة قضايا مهمة، كان من أبرزها العادات والأعراف التي تحكم الصعيد، ومشكلة إجبار الفتيات على الزواج من العائلة فقط وعدم إعطائهن حرية اختيار شركاء الحياة. وفي عام 1996 عُرض مسلسل «خالتي صفية والدير»، بطولة بوسي وممدوح عبد العليم، وتدور قصته حول الحب والمكائد والثأر، مسلطًا الضوء على عادات الثأر والانتقام في الصعيد. وفي عام 1997 عُرض مسلسل «حلم الجنوبي» للفنان صلاح السعدني، وتدور أحداثه حول قصة مدرس تاريخ صعيدي يعيش بالأقصر، يعثر على بردية أثرية فيكتشف أنها تدله على مكان مقبرة الإسكندر الأكبر، ليخوض صراعًا بين الحفاظ على تاريخ بلده والوقوف ضد تجار الآثار. وعُرض مسلسل «الضوء الشارد» في عام 1998، إخراج مجدي أبو عميرة وبطولة ممدوح عبد العليم ومنى زكي. ناقش المسلسل قضية الصراع بين طبقتي الأغنياء والفقراء من منظور الحب، والطمع والرغبة في الثراء السريع، إضافة إلى مشكلة توريث النفوذ والنزاعات العائلية. وفي عام 2000 عُرض مسلسل «الفرار من الحب» بطولة رياض الخولي وآثار الحكيم، الذي سلط الضوء على الصراعات بين أفراد العائلة الواحدة بسبب الميراث، والنظرة النمطية للفتاة بأنها إذا أكملت تعليمها وارتادت الجامعة تكون متمردة على مجتمعها.
توليفة مميزة من الفنانين شاركوا في مسلسل «امرأة من الصعيد الجواني»، الذي عُرض عام 2000، إذ جمع عددًا من النجوم أبرزهم معالي زايد، وعبد الرحمن أبو زهرة، ويحكي الصعوبات التي تواجه سيدات الصعيد عند حصولهن على الطلاق، وأزمة تعليم الفتيات. وفي عام 2003 أطل الفنان يحيى الفخراني بلون جديد من الدراما الصعيدية على جمهوره، إذ ناقش الصراع بين الحب والعادات، وقضية الميراث بين الإخوة، وتضحية الأخ الأكبر بتعليمه والعمل منذ الصغر من أجل الإنفاق على تعليم أشقائه. وفي عام 2006 قدم الفنان جمال سليمان مزيجًا من القسوة والقوة في مسلسل «حدائق الشيطان»، إذ يجسد شخصية الرجل الصعيدي القيادي الذي يستغل نفوذه في الاتجار بالمواد المخدرة، مسلطًا الضوء على الصراع بين النفوذ والكسب غير المشروع للمال. كما قدم الفنان الراحل نور الشريف تحفة فنية خلال مشاركته في مسلسل «الرحايا» عام 2009، إذ استعرض مشكلة الطمع والغدر من أقرب الناس، والموازنة بين السلطة والمال وكسب احترام أهل بلدته وشيم أهل الصعيد المعروفين بالكرم. تلاه «شيخ العرب همام» في عام 2010، بطولة يحيى الفخراني.
وعُرض مسلسل «سلسال الدم» عام 2013، ويحكي قصة «نصرة» التي تدافع عن الحق وتقف في وجه الظلم بعد مقتل زوجها غدرًا، ويناقش مشكلة رغبة البعض في السيطرة على أملاك غيرهم والنفوذ والقوة وظلم الغير، وهو من بطولة الفنانة عبلة كامل ورياض الخولي، وامتد على مدار 5 مواسم كاملة. وفي عام 2016 قدم الفنان عمرو سعد دورًا مميزًا في مسلسل «يونس ولد فضة» عام 2016، الذي سلّط الضوء على قضية الشخص الذي يستطيع امتلاك كل ما يريده وأحيانًا بطرق غير مشروعة دون النظر إلى غيره، والانغماس في التجارات المشبوهة بداية من المواد المخدرة حتى تجارة الآثار.
هذا العام يقدم الفنان مصطفى شعبان تجربة مختلفة لأول مرة، من خلال مسلسل «حكيم باشا»، إذ يقدم دور شاب صعيدي يجد نفسه وسط عائلة تتاجر بشكل غير مشروع في الآثار، ليقرر الانضمام إلى «كار أسرته» ومحاولة تنمية ثروته وسط العديد من التحديات، وقال مصطفى شعبان لـ«الوطن»: «حكيم باشا شخصية متفردة، وحرصت على عقد جلسات تحضير مع مصحح لغوي للهجة الصعيدية لمذاكرة الدور جيدًا»، لافتًا إلى اختلاف اللهجة الصعيدية وفق المكان، وأنها ليست صعبة، ووصف المخرج أحمد خالد أمين مسلسل «حكيم باشا»، بأنه يحمل الكثير من الإثارة، مشيدًا بامتلاك مصطفى شعبان لخبرة فنية هائلة ومهارات تؤهله لتجسيد الشخصية الصعيدية، لافتًا إلى أن أحداث العمل الفني المعروض ضمن الخريطة الدرامية لـ«المتحدة» في رمضان 2025، ستدور في قنا.
«لأول مرة أجسد دورًا يتسم بالشر، وهذا يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة لي وأيضًا لونًا جديدًا تمامًا في الدراما».. هكذا وصفت الفنانة سهر الصايغ مشاركتها في مسلسل «حكيم باشا»، لافتة إلى أن الدور مختلف كليًا عن أي عمل قدمته من قبل، كما أن «حكيم باشا» مسلسل صعيدي يتسم بأحداثه المشوقة والصراعات المتعددة.
وفسّر الناقد الفني مصطفى الكيلاني، تجسيد مصطفى شعبان لشخصية صعيدية، بأن الأعمال الصعيدية تمثل أهمية كبيرة لشريحة عريضة من الجمهور، لذا يحاول إرضاء أذواق الجمهور والتغيير من أدواره المعتادة كما فعل في مسلسل «المعلم» الذي عُرض في رمضان 2024، بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.