أصوات من بلدنا.. «محمود علي البنا» سفير القرآن وصاحب الحنجرة الذهبية

أصوات من بلدنا.. «محمود علي البنا» سفير القرآن وصاحب الحنجرة الذهبية

أصوات من بلدنا.. «محمود علي البنا» سفير القرآن وصاحب الحنجرة الذهبية

يُعد الراحل الشيخ محمود على البنا أحد القراء البارزين فى عصره خلال القرن الماضى، ولمع نجمه وذاع صيته فى عالم التلاوة عندما التحق بالإذاعة والتليفزيون فى سن 22 عاماً فقط ليكون أصغر قارئ يلتحق بها حتى اليوم، وحينها بدأت رحلة أحد أشهر القراء الذى لُقب بصاحب الحنجرة الذهبية والصوت الهادئ وسفير القرآن، وهو الذى يرجع نسبه إلى السيدة فاطمة ابنة رسول الله وزوجة الإمام على بن أبى طالب وفقاً لبيان السادة الأشراف.

وقال الشيخ أحمد، نجل الراحل محمود على البنا، إن والده نشأ فى قرية «شبرا باص» التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، ووالد ووالدة الشيخ البنا قد توفى لهما عدد من الأبناء عند ولادتهم، فتعهدوا أن يهبوا طفلهم القادم إلى حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وبالفعل بعد ولادته أطلقوا عليه الشيخ محمود مباشرة وهو فى اللفة، وحفَّظه والداه القرآن على يد الشيخ موسى منقاش، وبعدها ذهب لمعهد المنشاوى فى طنطا وتعلم القراءات على يد الشيخ إبراهيم سلام إمام وخطيب المسجد الأحمدى، وعندما سمع صوته وكيل المعهد وشيخه أطلقا عليه الطفل المعجزة ونصحاه بأن يذهب إلى القاهرة ليكمل تعليمه وتلاوة القرآن الكريم.

وكشف الشيخ أحمد أن الصدفة البحتة كانت وراء التحاق والده بالإذاعة والتليفزيون عندما كان عمره 22 عاماً، وعندما كان فى جمعية شباب المسلمين، حينها وُجدت الإذاعة وقرأ ما تيسر من القرآن الكريم ليُعحب به جميع الحاضرين وتتم دعوته إلى التقديم فى الإذاعة والتليفزيون، وبعد اجتياز الاختبارات ونجاحه حصل على أول أجر له فى الإذاعة وهو 6 جنيهات وهو راتب كبير جداً حينها وتساوى بعمالقة القراء رغم حداثة سنه، كما أنه تم تعيينه قارئاً فى أكبر المساجد بمصر، أبرزها «الرفاعى- الحسين- السيد البدوى»، والمسجد الأخير هو استجابة لدعوة والدة الشيخ الراحل عندما ذهبت به وهو صغير إلى مسجد السيد البدوى ودعت أن يكون ولدها خادماً لهذا المسجد ليستجيب الله دعاءها ويكون قارئ المسجد لمدة 25 عاماً.

وأضاف الابن أن هناك موقفاً حدث بين الشيخ البنا والرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى عزاء والد الأخير، عندما قرأ القرآن مرتلاً فأُعجب الرئيس ناصر بترتيله وذهب ليسلم عليه عقب الانتهاء وسأله لماذا لم يسجل القرآن مرتلاً حتى الآن فى الإذاعة، فأجابه بأنه لم تُتح له الفرصة ولم تتم دعوته إلى تسجيله، وبعدها بعدة أيام اتصل به وزير الإعلام شخصياً وقال للشيخ الراحل إن هناك قراراً جمهورياً بأن تسجل المصحف مرتلاً داخل الإذاعة والتليفزيون، كما أنه سافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية وقرأ القرآن فى المسجد الحرام والمسجد النبوى، مضيفاً: عندما ذهبت إلى السعودية استقبلونى بمقولة: «أهلاً وسهلاً ومرحباً يا ابن الأكابر».

وتابع أن والده كانت تربطه علاقة صداقة قوية مع القراء الكبار، مصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد وأبوالعينين شعيشع، وكان الشيخ محمد متولى الشعراوى صديقاً مقرباً لوالده طوال حياته، خصوصاً عندما انتقل إلى القاهرة فى مسجد الحسين، وعندما زاره الشيخ الشعراوى فى المستشفى أثناء مرضه أوصاه الشيخ البنا بحضور جنازته والدعاء له عند قبره، وبالفعل عندما توفى ذهب الشيخ الشعراوى مهرولاً لحضور جنازته فى مسقط رأسه بقرية شبرا باص، وحينها دعا أمام قبره قائلاً: «اللهم أثبه عن كل حرف تلاه من القرآن الكريم عدد مرات تلاوته وأثبه عن كل من سمع منه حرفاً من القرآن عدد مرات سماعه».

وقال حمدى سلام، 60 عاماً، أحد أهالى شبرا باص، إن أهالى القرية كانوا يستقبلون الشيخ البنا بكل حب وحفاوة عند نزوله، وإن له الكثير من الأعمال الخيرية والخدمية على مدار حياته وبعد وفاته، حيث تبرع بأرضه لإقامة الجمعية الزراعية على مساحة 4 قراريط، وما زال المزارعون يستفيدون منها حتى الآن، كما أنه أنشأ مسجداً ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وجمعية خيرية لخدمة أهالى قريته تحمل اسم الشيخ محمود على البنا، كما أنه كان متواضعاً إلى أبعد الحدود ومنزله مفتوح أمام الجميع ولا يتأخر عن طلب أحد، وخصص معاشاً شهرياً لبعض الفقراء فى القرية للتخفيف عنهم ووصى أولاده من بعده بعدم قطع المعاش، ويقول إنه منذ وفاة والده أكمل مسيرته بتلاوة القرآن الكريم فى مسجده والمناسبات المختلفة باعتبار صوته مقارباً لوالده.

وكشف محمد سالم، 40 سنة، أحد أهالى القرية، أن قلبه متعلق ومتيم بحب الشيخ محمود البنا ويعشق سماع تلاوته كل يوم، ومنذ عدة سنوات قرر أن يأتى بتسجيلاته فى الإذاعة والتليفزيون ونشرها عبر صفحته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعى لكى يساهم فى سماع أصدقائه أجمل التلاوات للشيخ البنا، يكاد لا يمر يوم إلا وينشر أحد تسجيلاته حتى ظن الناس أنها صفحة تنتمى للشيخ الراحل وليست «بروفايل» خاصاً به، كما أنه حرص على تحفيظ أولاده القرآن الكريم فى المدرسة القرآنية التى أنشأها الشيخ الراحل منذ أكثر من 40 عاماً، وما زال يُحفظ بها المئات من أطفال وطلاب القرية.

وقال عبدالفتاح شكر إنه منذ صغره تعلق قلبه بحب الشيخ محمود البنا وصوته المميز الذى يريح القلوب، وحينها عزم على تقليد صوت الشيخ البنا من خلال سماع تلاوته يومياً حتى يستطيع التقرب منه فقط لأنه يعلم أنه لا يوجد أحد يستطيع تقليد الراحل الشيخ البنا، وبعد إتقانه الصوت إلى حد ما قرر الذهاب إلى المناسبات الدينية المختلفة لكى يقرأ بها القرآن بصوت مقارب للشيخ البنا حتى قال بعض الأهالى «صوت البنا رجع من جديد»، وعندما يجوب المدن والقرى الأخرى يشعر بالفخر والاعتزاز بأنه من القرية التى وُلد بها الشيخ البنا.


مواضيع متعلقة