«البحوث الفلكية»: نرصد الأهلة من مواقع بعيدة عن مصادر التلوث وباستخدام مناظير حديثة

«البحوث الفلكية»: نرصد الأهلة من مواقع بعيدة عن مصادر التلوث وباستخدام مناظير حديثة
قال الدكتور طه توفيق رابح، القائم بأعمال رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إنّ رصد الأهلة من أبرز المهام الخدمية التي يضطلع بها المعهد، حيث يعتمد على أحدث التقنيات العلمية والحسابات الفلكية الموثوقة، ما يسهم في تحديد بدايات الأشهر الهجرية بدقة.
وأوضح أنّ الحسابات الفلكية الدقيقة تُجري لتحديد إمكانية رؤية الهلال الجديد بعد غروب شمس يوم 29 من كل شهر هجري، وفقًا للأسس العلمية التي تعتمد على عدة عوامل، أبرزها حساب وقت الاقتران بين الشمس والقمر والأرض، حيث يكون القمر في طور المحاق عند اجتماع الأجرام الثلاثة في خط واحد، وهي مرحلة يصعب تحديدها بالأرصاد العملية، ولكن يمكن حسابها بدقة كبيرة عبر الحسابات الفلكية.
وأضاف أنّ المعهد يُجري عمليات رصد الهلال الجديد باستخدام أحدث المناظير الفلكية من مواقع مختارة بعناية، تتميز بصفاء الجو وبعدها عن مصادر التلوث البيئي والضوئي، لضمان أفضل ظروف للرصد.
نرسل تقارير شهرية عن ظروف رؤية الهلال الجديد
ويعمل المعهد بالتنسيق مع دار الإفتاء، حيث يرسل تقارير شهرية عن ظروف رؤية الهلال الجديد، ويشارك في عمليات استطلاع الأهلة، لضمان توافق الرؤية الشرعية مع الحسابات الفلكية، ما يُسهم في الحد من حالات الاختلاف في تحديد بدايات الأشهر الهجرية.
ومن خلال بروتوكول التعاون مع دار الإفتاء، يتم تنفيذ عمليات الرصد من عدة مواقع في مصر، أبرزها مرصد القطامية المجهز بمنظار عاكس قطر مرآته الرئيسية 74 بوصة (1.88 متر)، والذي تم تشغيله خلال الفترة من 1961 إلى 1964، ليكون واحدًا من أكبر المناظير الفلكية في المنطقة، إضافةى إلى الرصد من مرصد حلوان الذي يضم منظارًا عاكسًا قطر مرآته 30 بوصة (75 سم)، وكان يُعد واحدًا من أكبر المناظير في العالم عند تركيبه عام 1905، إلى جانب نقاط رصد أخرى في أسوان والخارجة وقنا وسوهاج ومرسى مطروح، حيث توفر المواقع بيئة مناسبة للرصد الفلكي بعيدًا عن التلوث الضوئي والبيئي.
رؤية الهلال الجديد من أصعب الأرصاد الفلكية
وتعد رؤية الهلال الجديد من أصعب الأرصاد الفلكية، حيث يولد بعد فترة من حدوث الاقتران تتراوح بين 6 و16 ساعة، ويكون موضعه على صفحة السماء قرب قرص الشمس، ما قد يجعله غير مرئي بسبب إضاءة الشمس، لذلك يعتمد الفلكيون على حساب فترة بقاء الهلال على صفحة السماء بعد غروب الشمس، وعلى تحديد موقعه الدقيق بالنسبة لقرص الشمس، لتوجيه المناظير الفلكية بشكل أكثر دقة.
كما تعتمد إمكانية رؤية الهلال بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوبات على عدة شروط، بينها ولادته قبل غروب الشمس بفترة كافية، وهو أمر تحدده الحسابات الفلكية، إضافة إلى السطوع النسبي للهلال مقارنة بلمعان الشفق، حيث قد يؤدي توهج الشفق إلى طمس الهلال، ما يجعل رؤيته صعبة أو مستحيلة.
وأضاف الدكتور طه توفيق أنّ المعهد تبنّى برامج بحثية متقدمة لتطوير معايير رؤية الهلال، كما شارك في مؤتمرات محلية وإقليمية تهدف إلى توحيد معايير تحديد أوائل الأشهر الهجرية على مستوى العالم الإسلامي، في إطار تأكيد التزام المعهد المستمر بتطوير أدواته البحثية ورصد الظواهر الفلكية بدقة، بما يضمن تقديم خدمات علمية موثوقة تخدم المجتمع وتساعد في اتخاذ القرارات الشرعية بناءً على أسس علمية دقيقة.