أصوات من بلدنا.. «البهتيمي» صاحب «الحنجرة الفولاذية»

أصوات من بلدنا.. «البهتيمي» صاحب «الحنجرة الفولاذية»
الشيخ كامل يوسف البهتيمى، أحد أعظم قراء القرآن الكريم فى مصر، ومقرئ القصر الجمهورى فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، شكّل مدرسة خاصة بصوته الخاشع الذى ما زال يأسر كل من يسمعه عبر أثير الإذاعة ووسائل التواصل المختلفة حتى اليوم، ويُعرف بلقب صاحب «الحنجرة الفولاذية».
محمد على من أهالى بهتيم، مسقط رأس الشيخ البهتيمى، قال لـ«الوطن»: «الشيخ ولد باسم محمد زكى يوسف حبلص عام 1922م ببلدة بهتيم، إحدى مدن شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية وهو الاسم الحقيقى للشيخ كامل يوسف البهتيمى الذى اشتهر به بعد ذلك، وأسماه من حوله «كامل»، لجمال صوته وهيئته وطباعه، وولد فى أسرة مستورة عُرفت بالتقوى والورع وأتم حفظ القرآن الكريم وجوّده على يد الشيخ شحاتة خضر، فلما رأى شيخه همته العالية وبراعته فى قراءة القرآن اصطحبه إلى مسجده للأذان وقراءة سورة الجمعة والإنشاد فى الحفلات».
وأضاف: «الشيخ البهتيمى لم يكمل تعليمه الأزهرى بسبب وفاة والده حيث كان أكبر أشقائه وتكفل بتربيتهم وعنايتهم، فصرفه ذلك عن إتمام تعليمه الأزهرى ولكنه اهتم بالقرآن الكريم وقراءاته فلما ذاعت شهرته، سمع به شيخان جليلان هما الشيخ محمد الصيفى والشيخ محمد سلامة، فعاش فى كنفهما واستقى منهما علم النغم والتقى بالشيخ عامر عثمان، أحد الأكابر فى علم القراءات، فأخذ منه القراءات مرة أخرى ثم تقدم للإذاعة فى منتصف الثلاثينات»، وتابع: «أصبح مقرئ القصر الجمهورى، والتحق بالإذاعة سنة 1946 وفى الخمسينات اختير قارئاً لمسجد عمر مكرم، وتوفى فى 6 فبراير 1969، عن عمر يناهز الـ 47 عاماً».
محروس محمود، صاحب محل بقالة، بالقرية قال إنه اعتاد الاستماع للشيخ كامل البهتيمى حباً فى صوته وأدائه المتميز الذى يعد مدرسة فى التلاوة لن تتكرر: «أثر الشيح كامل البهتيمى لا ينتهى، فالأهالى يحبون الاستماع إليه وهناك أماكن كثيرة من محلات ومتاجر تحرص على تشغيل القرآن بصوته، كما أن مؤسسته الخيرية التى يقوم عليها أحفاده تقدم خدمات مجتمعية لأهل المنطقة وخاصة حفظة القرآن».
وقال محمود كامل، نجل الشيخ البهتيمى، إن والده سمى باسم كامل حيث كان فى عز تألقه وشهرته وإن العديد من الأهالى يطلقون على أبنائهم اسم كامل تيمناً بالشيخ البهتيمى: «تأخر الشيخ البهتيمى فى الالتحاق بالإذاعة كمقرئ معتمد حتى أقنعه الشيخان محمد الصيفى وعلى حزين بضرورة التقدم لهذا الامتحان، فتقدم للامتحان ونجح بامتياز وتعاقدت معه الإذاعة المصرية فى 1 نوفمبر 1953 بمبلغ أربعة جنيهات شهرياً مقابل التسجيلات التى يقوم بها، وتم تعيينه بعد ذلك قارئاً للسورة يوم الجمعة بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير بالقاهرة ومقرئ القصر الجمهورى». وتابع: «فى عام 1943 زار الشيخ البهتيمى فلسطين وعاش بها فترة لا تقل عن ثلاث سنوات التقى خلالها بزميله القارئ الشيخ محمد فريد السنديونى، وقام خلال فترة سفره بتسجيلات قرآنية نادرة فى إذاعات الدول العربية، وفى عام 64 سجل نصف خاتمة من المصحف المرتل للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، كما سجل القرآن الكريم مجوداً للإذاعة».
وأوضح «كامل» أن «البهتيمى» توفى فى 6 فبراير 1969 عن عمر يناهز 47 عاماً، تاركا رصيداً من التلاوات والابتهالات بالإذاعة المصرية، وأمر الرئيس جمال عبدالناصر بجنازة عسكرية للشيخ حضرها الآلاف من محبيه، وبعد رحيله أنشأ عشاق صوته جمعية لإحياء تراثه مقرها بحى عابدين فى القاهرة، والجمعية تقتنى بعض التسجيلات النادرة بصوته وتعمل على إحياء ذكراه سنوياً».
فيما أوضح د. هاشم كامل البهتيمى، مؤسس مؤسسة الشيخ كامل يوسف البهتيمى الخيرية بشبرا الخيمة وابن نجل خال الشيخ كامل، لـ«الوطن»: «الشيخ عاد بعد جولته فى الدول العربية إلى الإذاعة وكانت أصدرت قراراً بأن كل من ينقطع عنها مدة لا بد من خضوعه للامتحان مرة أخرى وذلك 1953م ثم زادت أسفاره شرقاً وغرباً، حيث استقبله الملوك والأمراء ووضع الله له القبول فى قلوب وآذان مستمعيه ولا غرو فى ذلك، فقد كان قارئ القصر الملكى ثم بعد ذلك استطاع أن يحجز لنفسه مقعداً فى دولة التلاوة وأسس لنفسه مدرسة فى فن التلاوة وسجل القرآن مجوداً وسجل نصفه مرتلاً ولم يسعفه الزمن كى يكمل ما بدأ من تلاوات، حيث عاجله القدر فى يوم 6 فبراير سنة 1969م بالقاهرة عن عمر 47 عاماً من العطاء مخلفاً وراءه تركة من التسجيلات النادرة ومدرسة فريدة فى تلاوة القرآن الكريم».
وأشار «هاشم» إلى أنه ما زال مريدوه ومحبوه يحيون سيرته بإنشاء جمعية خيرية باسمه ببلدية منطقة بهتيم بشبرا الخيمة فى محافظة القليوبية تسهم فى رفع المعاناة عن الناس، مشيراً إلى أن الجمعية تحولت إلى مؤسسة أسهمت فى تأسيس معهد لإعداد الدعاة وتحفيظ القرآن الكريم وما زال العطاء مستمراً حيث أطلقت الدولة اسمه على شارع من أهم شوارع بلدته بهتيم بشبرا داعياً بالرحمة لأحد أهم أعلام التلاوة الذى شغف الآذان وأخذ الألباب وملك القلوب. أوضح «هاشم» أن المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، وجّه خلال لقاء مع أحفاد الشيخ بالموافقة على إطلاق اسم الشيخ البهتيمى على شارع بهتيم الرئيسى تكريماً له كأحد القامات الكبرى فى دولة التلاوة فى مصر وابن محافظة القليوبية، حيث يعد إطلاق اسم الشيخ على أكبر شوارع بهتيم فخراً كبيراً للمحافظة، كما وجّه المحافظ بالتنسيق مع عدد من الجهات لتخصيص قطعة أرض بمساحة 4 آلاف متر لاستكمال مشروع مؤسسة الشيخ كامل يوسف البهتيمى، الذى تشرف عليه أسرته، حيث يهدف المشروع إلى إقامة عدد من المشروعات الخيرية ذات النفع العام باسم مؤسسة البهتيمى، وتشمل هذه المشروعات نشر الفكر الدينى المعتدل فى مجالات الدعوة وحفظ القرآن الكريم، وإنشاء مستشفى خيرى ووحدة حضانات ودار مسنين ومغتربات.