محمود الجارحى يكتب: كيف وقف الشيطان "شاهدا" على قتل الأطفال؟

محمود الجارحى يكتب: كيف وقف الشيطان "شاهدا" على قتل الأطفال؟

محمود الجارحى يكتب: كيف وقف الشيطان "شاهدا" على قتل الأطفال؟

المكان: شقة إيجار في عقار سكني قريب من محطة مياه المرج

الزمان: قبل 6 سنوات.. مارس 2019

الضحايا: ثلاثة أطفال أشقاء «ملك 3 سنوات – جنى عامين – محمد رضيع 4 أشهر».. من قتل هؤلاء الأطفال؟ وماذا عن تسجيل الأب لفيديو الجريمة؟ تفاصيل كثيرة جاءت طبقًا لما ورد في التحقيقات والتحريات كالتالي:

مارس 2019

قبل 6 سنوات من الآن، وتحديدًا في بداية شهر مارس 2019، كان يوم الخميس هو أول أيام الكشف عن تفاصيل جريمة مرعبة راح ضحيتها 3 أطفال: «ملك، 3 سنوات»، و«جنى، عامين»، و«محمد، مات وعمره لا يتجاوز 4 أشهر». كان الضحايا يقيمون مع والدهم ووالدتهم وزوجة الأب في شقة بمنطقة المرج شرق محافظة القاهرة، بالقرب من محطة مياه المرج، لكنهم اختفوا فجأة عن أنظار الجيران، ليرحلوا للأبد بعد أن قُتلوا بطريقة بشعة على يد المتهمين الثلاثة: والدة الضحايا «إيمان، عمرها قارب الثلاثين»، ووالدهم «أحمد عبدالقادر، جاوز عمره الـ35»، و«زوجة الأب، وعمرها قارب الستين»، وهي الزوجة الأولى للأب والمسيطرة على الأحداث.

الدليل: فيديو القتل مسجل بيد الأب وعلى هاتفه

لم يتمكن المتهمون من إخفاء جريمتهم لفترة طويلة، فقد كشفت الشرطة اللغز بعد مرور قرابة عام و9 أشهر، عندما تلقت بلاغًا من سيدة مالكة للعقار الذي يقيم فيه المتهمون، أكدت السيدة أن المتهمين كان لديهم 3 أطفال منذ استئجارهم الشقة، لكنها لاحظت اختفاءهم مؤخرًا، وعندما سألت والدتهم، ظهرت عليها علامات القلق والخوف دون أن تخبرها بمكان الأطفال، مما دفعها لتقديم بلاغ لقسم شرطة المرج.

عقب البلاغ، تم تشكيل فريق بحث وتحرٍّ أكدت تحرياته اختفاء الأطفال الثلاثة: «ملك وجنى» وطفل رضيع يدعى محمد، دون معرفة أسباب اختفائهم. بعد ذلك، تم إخطار نيابة حوادث شرق القاهرة، التي أصدرت قرارًا بضبط وإحضار الأب وأم الأطفال وزوجة الأب.

عند القبض عليهم وفحص هواتفهم، عُثر على فيديو مسجل بيد الأب يوثق جريمة القتل. وماذا وجدت النيابة في فيديو الإدانة؟

والدة الأطفال تقتل.. والأب يسجل الجريمة

الجمعة 2 مارس 2019.. كان المشهد هناك فى سرايا النيابة، نيابة حوادث شرق القاهرة، كان الأب وزجته الأولى "ام الضحايا"، وزوجته الثانية، واقفين أمام مكتب محقق النيابة، للمناقشتهم حول ما ظهر فى الفيديو، وسؤالهم حول جثامين الضحايا، وبدأ المحقق فى مواجهة الزوجة – أم الأطفال – بالفيديو الذى عثر عليه على هاتف زوجها – والد الأطفال - ، وتبين أن الفيديو أظهر والدة الأطفال وهي تقتلهم بيديها أطفالها ملك وجنى.. تظهر وقد أغرقتهم جميعا في المياه، أحضرت إناء كبيرا من البلاستيك وملأته قبل أن تضع رأسي «ملك وجنى» في المياه تباعا حتى انتهت حياتهن، وعندما جاء مولودها الثالث قتلته بنفس الطريقة وصوره الأب بنفس الهاتف المحمول، وكان يستخدم «الفيديو» ليكون أداة ضغط على زوجته حتى لا تتجرأ وتبلغ الشرطة بتفاصيل الجريمة.. اعترفت الزوجة بما جاء فى الفيديو وتفاصيل الجريمة كاملة وأعترفت أمام المحقق.. بحبها لزوجها وأنها هربت من منزل أسرتها وتزوجته، وهي تعلم بأن لديه زوجة أخرى، وأنها تعرفت عليه خلال فترة عمله فرد أمن خاص في متروالأنفاق قبل أن يفصل من العمل، وأنجبت منه «ملك وجنى»، لكنها كانت تعاني من «دسائس» ضرتها، ولم يتوقف الزوج وضرتها عن التعذيب و«التنكيل» حتى أجبراها على قتل الطفلتين، وكانت وقت الجريمة حاملا في طفلها «محمد» الذي لاقى نفس المصير.. تواصل المتهمة «إيمان»، وعقب الجريمتين.. تركت باقي المهمة للزوج و«الضرة » تخلصا من الجثتين في الرشاح.. وبنفس الطريقة تخلصا من الطفل الثالث محمد.

تواصل المتهمة الرئيسية «الأم»، حديثها أمام محقق النيابة قائله:"بعد ما قتلت أولادى التلاته.. بدأت رحلة جديدة من التعذيب على يد الزوج – والد الضحايا – وضرتها، قاما الاثنين بالتعدي على الأم المتهمة بالقتل، بالضرب والتعذيب والكى وفقأ للعين مما دفعها وجعلها فاقدة للبصر بعد أن وضع الاثنين لها ب«سن سرنجة» مرة في العين، ووضع «كلور حارق» بها.. الحكاية كما جاءت على لسان الأم اكد عليها الاب وزوجته الاخرى.

أبريل 2022

عقب الانتهاء من مناقشة المتهمين الثلاثة، توجهت قوة أمنية بصحبة محقق النيابة إلى مكان الشقة – مسرح الجريمة – لإجراء معاينة تصويرية، وتحديد دور كل متهم فى الجريمة، ومثلت الأم كيف قتلت أبنائها الثلاثة غرقا.. كيف أمسكت الأطفال الثلاثة واحدة تلو الاخرى وقتلهم فى برميل مياه، بينما كان الزوج يقوم بتصوير زوجته وهى ترتكب الواقعة، كانت هناك التفاصيل قبل عام و9 أشهر، وتوجهت القوات إلى مكان التخلص من الجثامين – جثث الضحايا – ولم تتمكن من استخراجها من – الرشاح – نظرا لمرور وقت كبير على إلقائها فى المياه، وعقب ذلك قررت النيابة حبسهم على ذمة التحقيقات، وعقب الانتهاء من إعداد تقرير الطب الشرعى، إحالة النيابة المتهمين للمحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنايات.. وعقب صدور الإحالة مثل المتهمين أمام المحكمة.. وأثناء محاكمة المتهمين أمام محكمة جنايات القاهرة، لفظ الأب أنفاسه الأخيرة أثناء وجوده فى حجز القسم.. وبالتحديد 2 مارس 2022.
وفى جلسة يوم الاربعاء 27 أبريل.. قضت محكمة جنايات شمال القاهرة المنعقدة في العباسية، بالإعدام الأم، وزوجة الزوج الاخرى، المتهمتان بقتل أطفالها الثلاثة، وقضت بانقضاء الدعوى الجنائية للمتهم الثانى لوفاته داخل محبسه فى القضية المعروفة بمذبحة أطفال المرج.

فبراير 2025

قبل ساعات قليلة، وتحديدًا في نهاية شهر فبراير الماضي، قضت محكمة النقض برفض الطعن المقدم من المتهمتين في القضية المعروفة إعلاميًا بمذبحة المرج، وأيدت حكم الإعدام الصادر ضدهما، بهذا القرار، انتهت حكاية جريمة شقة المرج، تلك الجريمة المروعة التي ارتكبتها أم تخلصت من أطفالها الثلاثة بدم بارد.

فقد أمسكت الأم بكل طفل من أطفالها واحدًا تلو الآخر، وأغرقتهم في برميل مياه دون أن ترحم ضعفهم أو تستجيب لصراخاتهم واستغاثاتهم، بينما وقف الأب شاهدًا على الجريمة، بل ووثقها بالصوت والصورة باستخدام هاتفه المحمول، كانت زوجته الثانية (الضرة) تراقب المشهد في صمت، لتقول له في النهاية: «هذا ما اتفقنا عليه».