«تلتزم الدولة»: كلمتان «خفيفتان» فى الدستور.. «ثقيلتان» على الحكومة

كتب: محمد يوسف

«تلتزم الدولة»: كلمتان «خفيفتان» فى الدستور.. «ثقيلتان» على الحكومة

«تلتزم الدولة»: كلمتان «خفيفتان» فى الدستور.. «ثقيلتان» على الحكومة

تحول الكثير من الحقوق الموجودة بالدستور إلى استحقاقات واجبة النفاذ منذ الاستفتاء وموافقة الشعب على الدستور، حيث ألزم الدستورُ الدولةَ بتنفيذ الكثير من الاستحقاقات العامة أو التى تخص فئة من الفئات، وكانت الدساتير السابقة تهرب من هذا الالتزام من خلال تعبيرات غير ملزمة مثل «تعمل أو تكفل أو تدعم أو تضمن الدولة»، لكن قامت لجنة الخمسين بتغييرها إلى «تلتزم الدولة»، وهو ما يمثل فرقاً كبيراً، وفق فقهاء الدستور «ليجعل هذه الحقوق استحقاقات دستورية واجبة النفاذ الفورى، إلا المحددة بزمن، وعلى الحكومة تنفيذها أو مقاضاتها».

{long_qoute_1}

وجاءت تلك الاستحقاقات فى أكثر من 30 مادة تلتزم الدولة بها، فيما جاءت مواد أخرى بـ«تكفل الدولة، أو تعمل الدولة»، وهى الأقل إلزاماً، كما حدث فى دساتير سابقة. ومن أبرز تلك المواد «18 و19 و21 و23»، التى ألزمت الدولة بتخصيص نسب من إجمالى الناتج القومى فى الموازنة العامة لخدمات أو فئات مثل التعليم والصحة والتعليم الجامعى وغيرها، ووضعت سقفاً زمنياً متدرجاً.

قال الدكتور داود الباز، أستاذ القانون الدستورى وعضو لجنة إعداد دستور 2012، إن النص بتعبير الإلزام، بما لا يقبل اللبس، هو التنفيذ المباشر لنص المادة، وكانت الدساتير السابقة تستخدم تعبيرات مثل «تكفل أو تعمل الدولة أو توفر»، وهى تعبيرات تعبر عن تنفيذ ما تستطيعه الحكومة وتضع أمام المشرّع عند عمل القوانين الخيارات أو السبل للإتاحة أو التوفير الذى تقدّمه أو تعمل على تنفيذه الدولة.

وأشار إلى أن الالتزامات الحكومية واجبة النفاذ منذ دخولها حيز التنفيذ، وهناك بالطبع مواد لا تعد استحقاقاً قدر ما هى التزام، مثل التأمين الصحى الشامل فى المادة 18، وفى المادة نفسها تحسين أوضاع الهيئات الطبية والتمريض، ومادة الحفاظ على الرقعة الزراعية أو أخرى تنص على الالتزام بمكافحة الفساد، هنا ليس هناك التزام تنفيذى، مثل التزام الدولة بدعم ذوى الإعاقة وتوفير الإتاحة لهم، أو بتوفير موازنات للصحة أو التعليم أو تحقيق استقلال أو حماية العمالة، وهو ما يستوجب تشريعات تنفّذ هذه الالتزامات، مثل تكريم الشهداء ورعاية مصابى الثورة، وهو التزام دستورى، وليس منحة من الدولة وإذا كان هناك شهيد أو مصاب لم تحقق له الرعاية يمكنه اللجوء إلى القضاء.

ورصدت «الوطن» أبرز المواد أو الاستحقاقات واجبة النفاذ وهى:

مادة (13)، ونصت على: «تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفى العملية الإنتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعى».

مادة (18)، ونصت على: «لكل مواطن الحق فى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل.

وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة، لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض. وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.

وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى».

{left_qoute_1}

مادة (19)، وتنص على: «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز. وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية.

والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى له، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية».

المادة (21)، وتنص على: «تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعى، وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها، وفقاً للقانون.

وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية».

مادة (29)، وتنص على: «الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتجريم الاعتداء عليها، كما تلتزم بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعى والحيوانى، وتشجيع الصناعات التى تقوم عليها.

وتلتزم الدولة بتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والحيوانى وشراء المحاصيل الزراعية الأساسية بسعر مناسب يحقق هامش ربح للفلاح، وذلك بالاتفاق مع الاتحادات والجمعيات الزراعية. كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الأراضى المستصلحة لصغار الفلاحين وشباب الخريجين، وحماية الفلاح والعامل الزراعى من الاستغلال، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون».

مادة (41)، وتنص على: «تلتزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد، وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة».

مادة (42)، وتنص على: «تلتزم الدولة بأن يكون للعاملين نصيب فى إدارة المشروعات وفى أرباحها، ويلتزمون بتنمية الإنتاج، وتنفيذ الخطة فى وحداتهم الإنتاجية، وفقاً للقانون. والمحافظة على أدوات الإنتاج واجب وطنى».

مادة (43)، وتنص على: «تلتزم الدولة بحماية قناة السويس، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها، كما تلتزم بالتنمية المستدامة لقطاع القناة، باعتباره مركزاً اقتصادياً عالمياً متميزاً، تحت إشراف الدولة».

مادة (46)، وتنص على: «لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة، وحمايتها واجب وطنى. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليها، وعدم الإضرار بها والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، بما يكفل تحقيق التنمية المستدامة، وضمان حقوق الأجيال القادمة فيها».

{left_qoute_2}

مادة (68)، وتنص على: «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية. وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات وإعطاء معلومات مغلوطة عمداً.

وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقاً للقانون».

مادة (72)، وتنص على: «تلتزم الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأى العام».

مادة (78)، وتنص على: «تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والآمن والصحى، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية.

وتلتزم الدولة بوضع خطة وطنية للإسكان تراعى الخصوصية البيئية، وتكفل إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى واستراتيجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين ويحفظ حقوق الأجيال المقبلة.. كما تلتزم الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة كما تكفل الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة».

مادة (80)، وتنص على: «يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع.

وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى. ولكل طفل الحق فى التعليم المبكر فى مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر.

كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم والشهود. ولا يجوز مساءلة الطفل جنائياً أو احتجازه إلا وفقاً للقانون وللمدة المحددة فيه. وتوفر له المساعدة القانونية ويكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين.

وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كل الإجراءات التى تتخذ حياله».

 

 


مواضيع متعلقة