ماذا فعل حزب النور فى البرلمان؟

هذا السؤال أساس الحملة الانتخابية لحزب النور، حيث يوجه خطابه للمصريين بألا يخلطوا بينهم وبين الإخوان أصحاب الممارسات العنيفة وأن حزب النور حزب مسالم يركز على تطوير التعليم وتوفير فرص عمل ويحث المصريين على العودة إلى برلمان 2011 لإدراك الدور الذى لعبه.

لكن الحقيقة أن مواقف حزب النور أكبر من أن تطمسها أعوام قليلة فبعضها استعراضى كوميدى، مثل رفع الأذان داخل المجلس وبعضها دراما سوداء تدمى القلب تناقلته الصحف آنذاك مثل الدعوة إلى إلغاء سن الزواج فى قانون الأحوال الشخصية، أى يمكن تزويج الفتاة فى أى وقت حتى لو رضيعة ما دامت تحتمل «الوطء» مثلما أفتى بعض قيادات الدعوة السلفية.

لكن رد حزب النور أن هذه افتراءات، لذا أذكره بأمرين وثقتهما المضابط:

ففى برلمان 2011 ناقشت لجنة التعليم منحة مقدمة من البنك الدولى لمد كل المدارس الثانوية فى مصر بما تحتاجه من أدوات للأنشطة الطلابية، وخاصة الأدوات الموسيقية والأدوات والملابس الرياضية، وهنا نتكلم عن احتياجات ما يقرب من ثمانية آلاف مدرسة ثانوى للبنين والبنات، يدخلها أبناء وبنات الطبقات الكادحة والموظفين الصغار، لأن كبار الموظفين والطبقات العليا هاجروا بأولادهم للمدارس الخاصة والدولية، وإذا باللجنة المحترمة ذات القيادة السلفية ترفض نصف المنحة الموجهة للأدوات الموسيقية باعتبار أن الموسيقى حرام وتتهم وزير التعليم آنذاك بأنه يريد أن ينشر الرذيلة والفحش فى المدارس، ورحبت اللجنة بالأدوات الرياضية لمدارس البنين فقط، فالرياضة شأن البنين وتعلمهم الصلابة وترفع لياقتهم وتسهم فى تجنيدهم للقتال فيما بعد، أما البنات فلا يجب ولا يصح أن تهتز فى ملاعب المدارس، وهى تجرى هنا وهناك حتى فى المدارس غير المختلطة، فإن لم يكن فيها ذكور طلاب ففيها ذكور مدرسون، ونظراً لطبيعة المرحلة آنذاك وما مورس من إرهاب ضد الوزير لم يرد على المنحة بالسلب أو الإيجاب وفقدناها وحرمنا كل مدارس البنين والبنات من البسطاء أن يكون لهم مساحة حياة داخل المدارس البائسة بالأساس.

ويمكن من هذا الموقف أن نعرف رؤية حزب النور فى تطوير التعليم التى يسعى لمناقشتها فى البرلمان، وإن تمكن سيفرضها علينا حيث لا يرى فى بناتنا سوى أجساد تهتز لتثير الفتن، وأولادنا سوى وقود لحملاته الجهادية المستقبلة التى ربما نكون نحن المستهدفين منها.

أما فى لجنة الخمسين فقد شهدت المادة 19 المتعلقة بالتعليم معركة خاصة بمد سن الإلزام إلى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتحفظ ممثل حزب النور السلفى على ذلك، وأراد قصر الإلزام على نهاية مرحلة التعليم الإعدادى.

وهو ما عارضه ممثل حزب النور السلفى بشدة مُصراً على إبقاء التعليم إلزامياً حتى مرحلة التعليم الأساسى أى شهادة المرحلة الإعدادية، أى لعمر خمسة عشر عاماً تقريباً!.

وتوافقت الآراء على ضرورة أن يمتد التعليم الأساسى الإلزامى إلى مرحلة ما قبل الجامعة أى الثانوية العامة وما يعادلها لتكوين شخصيتهم وإكسابهم القدرة على اتخاذ القرار باستكمال التعليم أو التوقف قبل التعليم الجامعى لمسارات أخرى فى الحياة، كما تُجنبهم الارتداد إلى الأمية مرة أخرى، الأمر الذى يجعلهم فريسة لكل أشكال الفقر والاستغلال.

لكن الحزب كان يرى فى المادة ما لم يره الكثيرون، وهو فى حال نجاح الدولة فى توفير مقعد لكل ولد وبنت فى الدراسة إلى المرحلة الثانوية تكون نجحت فى الحد من مخزون الأجساد البشرية التى يتم قطافها مبكراً باسم الزواج، فالحزب الذى من المفترض أنه يسعى إلى مصالح المصريين وجد أنه من الضرورى الاكتفاء بالتعليم الإلزامى إلى الإعدادية وترك البنات والأولاد نهباً لمأرب كل من له غرض.