فتحى السباعى: المرحلة الحالية مملوءة بالتناقضات ولا توجد إجراءات لتحفيز الاستثمار على أرض الواقع

كتب: إسماعيل حماد

فتحى السباعى: المرحلة الحالية مملوءة بالتناقضات ولا توجد إجراءات لتحفيز الاستثمار على أرض الواقع

فتحى السباعى: المرحلة الحالية مملوءة بالتناقضات ولا توجد إجراءات لتحفيز الاستثمار على أرض الواقع

اللعبة السياسية ليست مؤشرا لقياس معدلات نمو التمويل الإسلامى المرتقبة، والمرحلة الحالية تحتاج إلى إجراءات على أرض الواقع لتهيئة بيئة الاستثمار؛ منها تعديلات فى القوانين والتشريعات الاقتصادية بما يجذب رؤوس الأموال إلى السوق المحلية لدفع عجلة الاقتصاد وإحداث التنمية. والمرحلة الحالية، حسب وصف فتحى السباعى، رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، مملوءة بالتناقضات ولا تزال تهيمن عليها الضبابية. السباعى تطرق إلى عدة محاور بالغة الأهمية فى حواره مع «الوطن»؛ منها ما يتعلق بأداء القطاع المصرفى والدور المنوط بمصرفه القيام به فى الفترة الحالية، وأسباب فشل عملية الدمج التى انتظرتها السوق لسنوات طويلة، وطبيعة المرحلة الحالية ومتطلباتها لتشجيع الاستثمار. وإلى نص الحوار.. * ما تداعيات الثورة على سير العمل باستراتيجية البنك الخمسية التى تنتهى فى 2013؟ - قمنا بتعديل خطة البنك فى فبراير 2011 بما يوائم ظروف المرحلة الانتقالية، وكنا قد فكرنا منذ شهرين فى العودة إلى مسار الخطة الأساسية، بسبب رؤيتنا بتحسن الأمور فى القريب العاجل بعد انتخاب رئيس الجمهورية ووجود مجلس وزراء دائم ومجلس شعب منتخب ولجنة التأسيسية تعمل على وضع الدستور، لكن للأسف عدنا مرة أخرى لننظر إلى الخلف وبدأنا نتكلم عن الحزب الوطنى والفساد مرة أخرى، فلا أحد ينكر أهمية محاربة الفساد والفاسدين لكن الأهم هو الاتجاه إلى البناء والتنمية وتشجيع الاستثمار. * الحكومة أكثرت من وعودها بتحفيز الاستثمار، فأين المشكلة إذن؟ - نقول «إننا نشجع الاستثمار»، لكن لا بد من إجراءات وحوافز استثمارية وتطمينات للمستثمرين العرب والأجانب والمصريين، بمنتهى البساطة، فلن تحدث تنمية دون ضخ الأموال فى شرايين السوق.[Quote_1] * هل ترى أن تحركات الحكومة لا تسير فى ذلك الاتجاه؟ - أرى أشياء كثيرة عكس بعضها، فدعوات الحكومة جيدة باحترام التعاقدات وتشجيع الاستثمار، لكنه حتى الآن لم نرَ إجراءات واضحة ومحددة، لأن التعاقدات تتم بناء على نفس القوانين السابقة التى ما تزال معمولا بها ولم تتغير، رغم ما فيها من مخالفات كثيرة، ولا تزال التحقيقات التى يعانى منها المستثمرون المتعاقدون بناء عليها موجودة حتى الآن، لذا لا بد من وجود أرضية قوانين جاذبة للاستثمار. * نفهم من ذلك أن الحكومة لم تلبِّ تطلعات المستثمرين حتى الآن؟ - لا أريد مهاجمة الحكومة، فلقد قامت بدعوات جيدة خلال الفترة القليلة الماضية، لكن لم نرَ بعد تصرفات على أرض الواقع تحاكى تلك الدعوات، ولا بد من خطوات فعلية لجذب الاستثمارات، من بينها ما يخص التشريعات والقوانين، مثل آليات تخصيص الأراضى للمستثمرين فى كافة القطاعات مثل الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية وغيرها، فهل ستكون بالإيجار أو حق الانتفاع أو سيتم تمليكها؟ وما آلية التملك، فهل ستكون عبر مزايدات أو تخصيص مثل العهد السابق؟ فى النهاية ما الإطار القانونى والتشريعى السليم المقنن المقبول من الدولة من ناحية، ويشجع المستثمر من ناحية أخرى؟ ونتعشم أن تكون الحكومة تدرس شيئا فى هذا الإطار. * إذن لماذا بنيتم تصوركم بتحسن الأمور بعد تولى الحكومة مباشرة؟ ألم يكن من الأولى أن تنتظروا قليلا حتى تتضح الرؤية؟ - تشكيل الحكومة متوازن من وجهة نظرى الشخصية ولا يوجد فصيل محدد يسيطر عليها، وتضم فى تشكيلها إما فنيين أو من داخل مطبخ الوزارات نفسها، فكنا متفائلين جدا ونتمنى تطبيقا جيدا على أرض الواقع، فالبلد لن تنهض ولن تكون هناك فرص عمل جديدة وزيادة فى الدخل القومى إلا بتشجيع الاستثمار، وهو أمر واضح. * بالنسبة لخطتكم للعام المقبل، ما الخطوط العريضة؟ - الصورة لا تزال غير واضحة، وحتى تتضح نتبع حاليا سياسة تحفظية إلى حد ما ونحافظ على المصروفات، ويستغل البنك الفترة الحالية فى توسيع شبكة الفروع بإضافة 5 فروع جديدة، وإعادة تفعيل مشروع تطوير نظم المعلومات بالبنك بعد أن تم تجميده خلال الفترة الماضية، حيث ندرس حاليا العروض المقدمة من الشركات لاستكماله. لكن فيما يخص نشاط البنك فإنه مرتبط بحركة السوق، فإذا بدأت المؤشرات فى النمو فالبنك يمتلك من السيولة والقدرات ما يؤهله للانطلاق بقوة، لكننا نترقب ظهور بوادر النجاح، لأنه لا يمكن المخاطرة بأموال مودعين فى تمويل مشاريع إلا إذا كانت هناك مؤشرات نجاح فى الأفق. * قبل الثورة قلتم إنكم تسعون لأن تكونوا من أكفأ 5 بنوك موجودة فى السوق، فأين موقعكم منها الآن؟[Quote_2] - بدأنا فى تنفيذ الخطة بنجاح ورفعنا رأسمال البنك فى 2010، لجمع الأموال اللازمة للتوسع فى عدة قنوات، من بينها شبكة الفروع، حيث كان من المخطط الوصول بها إلى 100 فرع فى 2013، بخلاف تطوير نظم المعلومات والتوسع فى مشروعات عقارية عبر المساهمات فى شركات تمتلك أراضى، بالإضافة إلى النشاط التجارى. * كم عدد الفروع الآن وقبل عام من انتهاء الخطة؟ - 58 فرعا حاليا، وإن الأسباب وراء عدم تحقيق المستهدف تتركز فى الفترة الانتقالية وما شهدتها من أحداث لم تكن مشجعة على التوسع والاستمرار بنفس القدرات. * ما نسبة الإنجاز فى تحقيق أهداف الخطة الخمسية التى أوشكت على الانتهاء؟ - فى الواقع لم نحقق نسبة كبيرة منها، لكننا بدأنا بخطوات ثابتة إلى أن جمدنا تنفيذها لمدة عامين، ولأن الجزء الأول من الخطة تطلب وقتا كبيرا لجمع الأموال اللازمة للتوسع، ومنها زيادة رأس المال ليصل إلى 1.150 مليار جنيه. * كان التعمير والإسكان على مشارف إتمام عملية دمج انتظرتها السوق طويلا مع البنك العقارى المصرى العربى، إلا أنه تم إلغاؤها بعد الثورة، فهل كانت لديكم آمال كبيرة معلقة على عملية الدمج تلك فى الوصول إلى تنفيذ استراتيجيتكم التى تستهدف الوصول بالكيان إلى واحد من أفضل 5 بنوك؟ - لم يكن الاندماج عنصرا أساسيا فى الخطة، لكنه كان عاملا مكملا لها. * ما السبب الأساسى الذى أدى إلى فشل عملية الدمج بعد سنوات طويلة من المحاولة؟ - الدمج لم يكن غاية فى حد ذاته، وكانت الفكرة فى خلق كيان ضخم وقوى، وعملية تطوير البنكين تمهيدا للدمج بدأت بالتعمير والإسكان لأن مشاكله كانت أصغر وأقل، أما الكيان الآخر فبدأنا فيه فى وقت متأخر، كما أن حجم مشاكله أكبر وأعمق بكثير، وكان يعانى من فجوة مالية قدرت بنحو 5 مليارات جنيه، وكنا نسير وفقا لخطة مدروسة ومدققة، إلى أن أثرت الأزمة المالية العالمية فى 2007/2008 على الاندماج بشكل كبير نظرا لتداعياتها على السياحة التى تشكل جزءا كبيرا من محفظة قروض البنك العقارى، لكننا بدأنا العمل كرّة أخرى بعد 2008 وتجاوزنا تلك المشكلة، وفى النصف الأول من العام المالى 2010/2011 كان أداء البنك العقارى جيدا جدا وأحرزنا خطوات متقدمة فى سبيل الدمج، وفقا لخطة يتابعها البنك المركزى بمنتهى الدقة. * هل حقق البنك العقارى أرباحا خلال تلك الفترة؟ وكيف توقف الدمج بعدها؟ - بالفعل حقق البنك أرباحا جيدة خلال تلك الفترة، إلا أن الثورة وتبعاتها جعلتنا نشعر أننا نحتاج إلى عدة سنوات أخرى لتعويض حالة الركود الواقعة فى السوق، ولهذا أبلغنا البنك المركزى بالتراجع عن فكرة الدمج، لأن خطة تطوير «العقارى» كان من المتوقع لها الانتهاء فى منتصف 2013، إلا أن استكمالها سيحتاج إلى فترة أطول. * هل ما زالت فكرة الدمج ممكنة حتى بعد التراجع عنها رسميا؟ - الجمعيات العمومية أخذت قرارا بالعدول عن إتمام عملية الدمج، لكن فى مرحلة مستقبلية يجوز جدا العودة إليها ما دام فيها مصلحة للبنكين والدولة. * ما خطتكم للتوسع فى الخارج؟ - وقعنا مذكرة تفاهم لتأسيس شركة رأسمالها 10 ملايين دينار ليبى، ويتوزع هيكل ملكيتها بواقع 49% للتعمير والإسكان و51% لبنك التجارة والتنمية الليبى، لإنشاء شركة تقوم بعمليات تعمير فى الأراضى الليبية، نظرا لأن الأخير يمتلك أراضى فى مواقع مميزة ويرغب فى الاستفادة من خبرة التعمير والإسكان. * هل هناك أسواق خارجية أخرى مطروحة على طاولة البنك فى الوقت الحالى؟ - فى الوقت الحالى لا. * بالنسبة للبنك فى السوق المصرية، لديكم 7 مليارات جنيه قروضا من إجمالى 9 مليارات ودائع، وهو ما يشير إلى أن معدلات التشغيل بالبنك وصلت إلى نحو 77%، فهل أنتم فى مسار آمن؟ - بالفعل يسير البنك فى مسار آمن، ومعدلات التشغيل المرتفعة تشير إلى أن البنك يسعى لتوظيف أمواله فيما يخدم المجتمع ولا يتجه إلى الاستثمار فى أدوات الدين الآمنة، فى الوقت الذى لا تحمد فيه توجهات البنوك للاكتتاب فى أذون الخزانة بشكل كبير. * ما تطورات محفظة الديون المتعثرة والقروض غير المنتظمة بعد الثورة؟ - ارتفعت نسبة الديون المتعثرة إلى 7.5% حاليا مقارنة بنحو 5% قبل الثورة، لكننا نجحنا فى تغطيتها بالمخصصات بنسبة 97%. * البنك حقق أرباحا 175 مليون جنيه مؤخرا، فهل ترى أنها تلبى طموحات إدارة البنك؟ - بالطبع لا، فهى أرباح منخفضة، لكنها تناسب طبيعة المرحلة الحالية. * ما خطتكم فى الفترة المقبلة لتعظيم الأرباح؟ - نسير وفقا لخطة متحفظة خلال الفترة الحالية حتى تتضح الرؤية، وذلك منذ تعديلها فى فبراير 2011، ولدينا سيولة تصل إلى 25% ستدعم انطلاق البنك فى كافة الأنشطة والخدمات المصرفية والعقارية لتعظيم الأرباح، لكن كل ذلك مرهون بنمو السوق ككل. * حجم الودائع فى البنك يقول إن حصتكم فى السوق أقل من 1%، فكيف يتسق ذلك مع توجهاتكم نحو الوجود ضمن أفضل 5 بنوك فى السوق؟ - الحصة السوقية ليست هدفا فى حد ذاتها، وكل ما يهمنى الكفاءة والعائد على كل من الأصول والاستثمار ورأس المال، لأن هذه المعايير هى التى تحاسبنى عليها الجمعية العمومية، فنحن لسنا بنكا حكوميا. * لدينا بنوك تضع الحصة السوقية إلى جانب تحقيق ربحية عالية على رأس أولويات استراتيجياتها التوسعية. - كلاهما مهم فعلا، وهو ما عملت عليه منذ توليت رئاسة البنك، حيث ارتفع إجمالى الأصول من 5 مليارات جنيه إلى 13 مليار جنيه. فعلا مضاعفة الأصول مرة ونصف فقط خلال 10 سنوات ممكن يراه البعض أنه تطور متواضع، لكننا ضاعفنا الأرباح أكثر من 10 مرات، وهو ما تقيم عليه الإدارة. * أنتم كبنك التعمير والإسكان هل لمستم من السوق طلبا على منتجات التمويل الإسلامى؟ - لا توجد لدينا رخصة لما يسمى أعمال صيرفة إسلامية، فلم نطلبها من عهود سابقة، ولا توجد لدينا منتجات بهذا المعنى، لكننا رصدنا ارتفاع الطلب عليها قبل الثورة، وعملنا بعض المنتجات مثل شهادة الحج والعمرة. * استنادا إلى خبرتكم فى قطاع الإسكان كبنك، هل رصدتم طلبا على المنتجات العقارية بالصيغة الإسلامية؟ - نقدم خدمات التمويل العقارى بطريقتين؛ الأولى: بيع الوحدات التى كان يقوم البنك ببنائها، وهى متوافقة مع النظام الإسلامى بنسبة 100%، أما الطريقة الأخرى فهى التمويل العقارى حسب قانون 148 لسنة 2001، الذى صدرت بشأنه فتوى بأنه معاملة شرعية، ويتم عبر عقد ثلاثى، يقوم خلاله الممول بشراء الوحدة من صاحبها، ومن ثم يبيعها للعميل النهائى، وهى متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. * هل هناك ما يدفع البنك إلى التقدم إلى البنك المركزى للحصول على رخصة تمويل إسلامى؟ - لا شك فى أن أى بنك يعمل فى السوق لا بد أن يكون جاهزا دائما وسباقا، لذا فإن أى خدمة تتاح فى السوق يجب أن نستعد لها، فقد بدأنا بدراسة تقديم تلك المنتجات من خلال لجنة عمل متخصصة، فإذا فتح الباب أمام البنوك للحصول على رخصة مزاولة الصيرفة الإسلامية وفتح فروع لها، فإننا جاهزون لها ولدينا الفروع المناسبة لذلك. * ما توقعاتك لنمو الصيرفة الإسلامية خلال الفترة المقبلة؟ - لا أستطيع التحديد، لأن البنوك الإسلامية تعمل فى السوق منذ أكثر من 30 عاما، وحجمها لا يزال أقل من 5%، لكن قد يمكنها فتح الباب بشكل أوسع نطاقا أمامها من النمو بمعدلات أعلى. * التحليلات تقول إن خدمات التمويل الإسلامى ستنمو بسرعة إذا فتح الباب أمامها، واستدلوا على تجربة «الريان» ذات الصبغة الإسلامية، التى جمعت نسبة كبيرة جدا من مدخرات القطاع العائلى خلال فترة وجيزة لأنه إسلامى، فما رأيك؟ - «الريان» لا.. لم تكن تجربة توظيف إسلامية، فهى كانت «نصبة كبيرة»، يترجمها منح المودعين عوائد 2% من أول شهر، الموضوع يقف عند الإغراءات غير المنطقية كعنصر جاذب لأموال المودعين، وفى ذلك الوقت كنا متخوفين من نتائج تلك الأعمال وقدمنا شكاوى للبنك المركزى وقتها، لأنه كانت لدينا معلومات أنهم يستثمرون فى عملات ومعادن نفيسة فى الخارج، وتكبدوا خسائر ضخمة جدا فى بداية الثمانينات، وكان المرحوم على نجم، «الله يرحمه»، أول من تصدى لها لأنه أخذ المعلومات التى جمعها القطاع المصرفى وعمل عليها وحده، لأن المسئولين فى ذلك الوقت كانوا إما مقتنعين أو متورطين أو مستفيدين من هذه الأنظمة. * إذا كانت آراء المحللين أيضاً تستدل بنسبة نجاح التيار الإسلامى فى الانتخابات الماضية على نسبة نمو التمويل الإسلامى خلال الفترة المقبلة، فما هى وجهة نظرك؟ - بعيدا عن اللعبة السياسية، هل يريدون القول بأن هناك أموالا كثيرة داخل مصر ستدخل القطاع المصرفى مع وجود نظام اقتصادى إسلامى؟ «هى فين الفلوس دى؟»، المهم فى المرحلة الحالية تشجيع الاستثمارات من كل دول العالم لتضخ أموالها فى السوق المحلية، وهو ما يتطلب بيئة صالحة لمزاولة الأعمال الاقتصادية لتحقيق نهضة وتنمية، «لكن تقولى نظرية وجود منتجات إسلامية، الناس ستدفع المواطنين لإخراج أموالهم من تحت البلاطة لتودعها فى البنوك الإسلامية، لا أتوقع ذلك، لأنه لدينا بنوك إسلامية بالفعل». * كم حجم استثمارات البنك فى القطاع الإسكانى؟[Quote_3] - أعتقد أننا ساهمنا فى إنشاء نحو 500 ألف وحدة سكنية باستثمارات 5 مليارات جنيه، من ضمنها المشروع القومى الأخير للإسكان الذى ساهمنا فيه بنحو 1.3 مليار جنيه، و«نعتبر نفسنا أداة مهمة فى مشاريع الإسكان فى مصر ولنا دور اجتماعى نحب دائما القيام به». * أنت واحد من القيادات المصرفية التى تولت منصبها فى عهد النظام السابق، ولا زلتم فى منصبكم حتى الآن، فما ردكم على اتهامات البعض بأنه تم تعيينكم من قبل الحزب الوطنى بدفع من جمال مبارك؟ وما رأيكم فى أن قيادات البنوك كانوا أعضاء فى الحزب المنحل؟ - للحق أقول إن عددا صغيرا جدا من رؤساء البنوك كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى، فتقريبا كانوا 3 فقط، لكن بقية رؤساء البنوك لم تكن لديهم أى علاقات بالحزب على الإطلاق. * هل كنت واحدا من أعضاء الحزب؟ - لا، «وماكنتش أعرف حتى مكان الحزب الوطنى فين». * مقر الحزب على كورنيش النيل، وهو ما تم حرقه يوم 28 يناير 2011. - كنت أشاهد التليفزيون فى ذلك اليوم لمتابعة الأحداث، وفجأة وجدت عربات تحرق، وعندما قال المذيع إنه تم إشعال النيران فى مقر الحزب الوطنى، «بصيت وقلت لمن كان يتابع الأحداث إلى جانبى: «ده الاتحاد الاشتراكى مش الحزب الوطنى». * فعلا لم تكن تعلم أنه مقر الحزب الوطنى؟ - أعرف أنه مقر الاتحاد الاشتراكى وليس «الوطنى»، لأنه لم تطأ قدماى الحزب ولم أحضر أيا من اجتماعاته، ولا أعلم أيا من أعضائه، ومن رشحنى لرئاسة «التعمير والإسكان» كان المرحوم على نجم، لأنه كان عضوا بمجلس الإدارة فى أحد البنوك التى كنت أديرها فى أفريقيا، وبالفعل قابلت محافظ البنك المركزى ووزير الإسكان إبراهيم سليمان فى إطار قانون البنوك الجديد وتوجهات القطاع المصرفى نحو فصل الملكية عن الإدارة، بعد أن كان يدار منذ تأسيسه بواسطة بعض الزملاء المهندسين من وزارة الإسكان ولم يكن أداؤه على النحو المرجو منه. * هل حاولت أى جهة التدخل فى عمل البنك قبل وبعد الثورة؟ - عندما دخلت البنك كان شرطى الأساسى تحقيق الاستقلالية وأن تكون الإدارة محترفة، فمساعدة الدولة لن تكون على حساب مصالح البنك، والوزارة لم تتدخل على الإطلاق فى عمل البنك قبل أو بعد الثورة، لأنها تعلم جيدا أن هناك اتفاقا مكتوبا فيه شروط لطريقة عمل البنك، فلم تتدخل فيه نهائيا، إلا أنه كانت هناك محاولات من بعض الجهات الأخرى للتدخل فى عملنا. * ما الجهات؟ وما طبيعة التدخلات؟ - مسئولون فى الدولة فى ذلك التوقيت طلبوا توصيات معينة لكننا لم نرضخ لها، وهذا أيضاً سبب كافٍ دفعنى للابتعاد عن الحزب الوطنى رغم العروض التى وصلتنى بالانضمام إليه، لأنه كان سيتم الضغط علىّ، لكن بالابتعاد عنه أصبحت مستقلا، وما قدمناه من مساعدة للوطن كان فى إطار اللوائح والقوانين وما يكفل الصالح العام والخاص، كما أننا استطعنا تحقيق نجاح فى المشاريع التى استثمرنا فيها فى ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وانخفاض دخول الأفراد التى نجمت عن الخلل فى النظام الإدارى للدولة والرواتب الضعيفة. * من وجهة نظركم، كيف يمكن تقييم دور القطاع المصرفى خلال الفترة الماضية وما شهدته من تداعيات لأزمات عالمية ومحلية؟ - لولا إعادة الهيكلة القوية التى تمت فى القطاع المصرفى خلال الفترة من 2004 حتى 2008 لكانت تأثرت مصر بشكل سلبى جدا فى الأزمة العالمية، لكن نتيجة الإصلاح لم يشعر أحد بتداعياتها التى امتصتها قوة البنوك. كما أنه فى الوقت الذى تراجع فيه الإنتاج وتراجعت مؤشرات النمو وارتفع الاستهلاك والاستيراد من الخارج فى ظل ضعف الناتج المحلى خلال فترة اقتربت من عامين، ومع خلل فى الاقتصاد بهذا الشكل، فإن السبب فى توافر السلع فى الأسواق واستقرار الأسعار ووجود الكهرباء والمواد البترولية، حتى وإن شهدت أزمات عرضية لفترات، يرجع إلى نجاح القطاع المصرفى وقوة البنك المركزى، وحتما سيثبت التاريخ أن الوضع الحالى للجهاز المصرفى هو من أهم العناصر التى حمت مصر من تدهور غير عادى. * ما متطلبات المرحلة المقبلة لتكليل ذلك النجاح؟ - نسبة كبيرة من السيولة لدى الجهاز المصرفى استخدمت فى تمويل عجز الموازنة خلال الفترة الأخيرة، وهو ما لا يمكن الاستمرار فيه بأى حال من الأحوال، ويجب الاتجاه نحو معاودة الإنتاج مرة أخرى لتعاود البنوك ممارسة أنشطتها الطبيعية وتساهم فى التنمية من خلال تمويل المشاريع والشركات والأفراد، فنحن على أعتاب مرحلة فى منتهى الخطورة، ودور البنوك سيدرس، وسيذكر الجميع حمايته للاقتصاد ومساندته للدولة لتقف على قدميها خلال فترة هى الأصعب على مدار العقود الماضية.