"حظر النشر".. إجراء متبع دوليا متعلق بـ"الأمن القومي"

10:13 م | الاثنين 07 سبتمبر 2015

ترتبط القضايا الكبرى في أية دولة على مستوى العالم بأعراف معينة تخضع لقوانين مختلفة، كأن تأمر الجهة القضائية المعنية في أي دولة الصحف والمؤسسات الإعلامية بحظر النشر أو تداول المعلومات والأخبار المتعلقة بهذه القضية، وذلك لعدم الإضرار بالأمن القومي الداخلي أو عدم توافر الأدلة المؤكدة أو الحيلولة دون دخول المجتمع في مشكلات كبرى وفتن طائفية لا يحمد عقباها.

ففي أمريكا، أمر قاض في عام 2006 بنشر الصور الخاصة بسجن أبو غريب في العراق، إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية استأنفت على قرار القاضي لأن نشرها يضر بالصالح العام، معتبرة النشر "تدخلا غير مبرر في خصوصيات السجناء"، ما أدى لحظر نشر الصور لحين البت في الاستئناف.

بتت المحكمة خلال استنئافها في 23 سبتمبر 2008 بشأن قرار حظر النشر، حتى أمرت محكمة استئناف الاتحادية الأمريكية في نيويورك رفع الحظر عن نشر 21 صورة تمثل الإساءات التي تعرض لها سجناء على يد جنود أمريكيين بالعراق وأفغانستان.

لم يقتصر حظر النشر في أمريكا وحدها، ففي 7 مايو 2008 نقل الإعلام المحلى الإسرائيلي عن مسؤول إسرائيلى بارز قوله إن التحقيقات الأخيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى وقتها إيهود أولمرت قد تؤثر بشكل كبير على الوضع السياسى الداخلى، وقد تؤدى إلى إجراء انتخابات جديدة، ما أدى إلى حظر النشر في قضيته التي اتهم فيها برشوة جنسية مع السكرتيرة الخاصة به، حيث استجوبته هيئة المحكمة "بحذر".

خلال منتصف عام 2014 ظهر مقطع فيديو على صفحات الإنترنت يحتوي على مكالمة صوتية بين رئيس الوزراء التركي -حينها- رجب طيب أردوغان ونجله بلال، يسأله فيها عن قيامه بتصفير المبالغ الموجودة بحوزته أم لا، فقال له نجله إنه لم يتمكن من تصفير كل الأموال حيث تبقى 30 مليون يورو، وبعد فترة قصيرة من بث تلك التسجيلات أصدرت رئاسة الوزراء التركية بيانا ذكرت فيه أن التسجيلات الصوتية مزورة وغير صحيحة على الإطلاق، وهي نتاج عملية مونتاج غير أخلاقي، فيما أصدرت المحكمة التركية قرارا للصحف بحظر النشر في التحقيقات المتعلقة بقضايا الفساد، وبالأخص قضية 17 ديسمبر 2013، والتي تورط فيها عدد من الوزراء وأبناؤهم.

لم تقتصر حظر النشر على المحاكم فقط، ففي أمريكا فرضت صحيفة نيويورك تايمز عام 2008 حظرا على نشر قصة اختطاف ديفيد رود مراسل الصحيفة في وكالات الأنباء أو المواقع الإخبارية لحين عودته في عام 2009.

واليوم، قالت النيابة في بيان أوردته وسائل الإعلام الرسمية، إن قرار حظر النشر في قضية تورط وزير الزراعة في فساد إداري، والذي سبق صدوره عن مكتب النائب العام، مازال ساريا عدا ما يصدر من بيانات بشأنها من مكتب النائب العام، حفاظاً على التحقيقات وأدلتها، بحسب البيان.

من جانبه، قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام إن وسائل الإعلام في كافة دول العالم تقوم بوظائف جليلة مهمة للمجتمع وللدفاع عن المجتمع وقضاياه العادلة، ورقابة السلطات الحاكمة في ظل المجتمع فضلا عن الكشف لكل العوارات والسيئات في أي مجتمع، لذلك تقوم وسائل الإعلام بدور رقابي شعبي مهم نحو ترسيخ دولة القانون والتي تعني انصياع الحكام والمحكومين جميعا للقانون.

وأوضح سلامة، في تصريح لـ"الوطن"، أن الإعلام منوط بمهام كشف الحقيقة التي يمكن أن تكون غائبة أو مخفية عن العامة، مضيفا أن العالمية والعلامية والشفافية من أهم المبادئ التي تحكم عمل الإعلام في كافة دول العالم، حيث يحظر النشر في قضايا بعينها تشغل الرأي العام والقضايا أمام المحاكم في حالات استثنائية حصرية.

وأشار أستاذ القانون الدولي أن المسائل المتعلقة بالأمن القومي والمصالح العليا للبلاد مسائل تقدرها المؤسسات الأمنية، فضلا عن القضايا التي تنظرها المحاكم المتعلقة ببعض القضايا الأحوال الشخصية، مضيفا أنه لا يجوز التعليق على أحكام القضاء، حيث يناط بالإعلام تحديدا ثم الفقهاء في القانون التعرض بالنقد الموضوعي البناء لأحكام القضائية لتحقيق أمرين الأول التنوير والتثقيف والتعليم والثاني ضمان عدم تغول وشطط السلطة القضائية.