جاء بيان شركة «إينى» الإيطالية الخاص باكتشاف أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط بالمياه الإقليمية الاقتصادية المصرية على امتداد 64.3 كيلومتر مربع، وبمخزون متوقع لا يقل عن 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى فى الأيام الماضية، لا ليمثل بشرى خير فى طريق تتبدى فيه المصاعب الاقتصادية لمصر وحسب، لكن ليعيد تذكيرنا بحقيقة الصراع الخفى فى المنطقة منذ سنوات طويلة، حينما ظهرت أهمية ذلك السلاح وقوته فى تغيير مسارات المستقبل لدى الغرب.

فأمريكا المهيمنة على بترول العالم بعملتها فيما يُعرف باتفاقية «البترودولار» والموقعة مع المملكة العربية السعودية، باعتبارها أكبر الدول المصدّرة للبترول منذ عام 1974، أدركت منذ سنوات مضت أن البترول مصيره إلى زوال، وأن الغاز كنز المستقبل، كما أدركت أن جزءاً أساسياً من حربها الباردة مع روسيا يتصدّره عنوان الغاز الذى رفعته روسيا أكثر من مرة فى صراعها مع الغرب فى أكثر من أزمة، كما حدث فى أعقاب الأزمة الأوكرانية، وما آلت إليه من تداعيات بين موسكو والغرب الأمريكى، حينما قرر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى 12 يناير الماضى خفض 60% من إمدادات الشركة الروسية الحكومية العملاقة «غازبروم» -إحدى كبرى شركات توريد الغاز الطبيعى فى العالم- إلى وعبر أوكرانيا، التى ينتقل منها الغاز إلى عدد من دول أوروبا، بالإضافة إلى قطع إمدادات الغاز عن 6 دول أوروبية أخرى، هى بلغاريا واليونان ومقدونيا ورومانيا وكرواتيا وتركيا. وهو أمر سبق حدوثه فى عامى 2005 و2009، كما تحفل التقارير عن ذلك بشكل مثّل أزمة طاقة فى أوروبا.

ليس هذا فحسب، بل إن أمريكا العالمة -عبر تقدمها العلمى غير المسبوق- ببواطن الطاقة فى العالم، بما فيها الغاز، كانت تعلم بثراء منطقة البحر المتوسط بالغاز منذ سنوات، وتعلم أنه لا يمكن للعالم أن يعتمد على الغاز القطرى مدى الحياة، مهما كانت درجة ولائه أو كثرة مخزونه. ولذا كان التخطيط منذ منتصف التسعينات للسيطرة على ذلك الكنز عبر انقلاب فى قطر يجعل من الحاكم تابعاً ينفذ إرادة الغرب، وعبر دعم «أردوغان» فى تركيا، ليكون الإعلان عن خط «نابوكو» فى 2002 عقب صعود العدالة والتنمية الإخوانى.

وكما يعرض أحد التقارير المهمة فى هذا الشأن، فإن المستهدَف الأمريكى كان يسعى إلى جعل خط نابوكو «صُرة» الغاز عبر ضم غاز ليبيا ومصر وإسرائيل وسوريا وتركيا وقبرص، ليصل الغاز إلى أوروبا بوفرة. ولهذا كان التخطيط الأمريكى لربيع عربى يسمح للفوضى بتفتيت مصر إلى ثلاث دول، وسوريا إلى أربع دول، والعراق إلى ثلاث دول، يكون فيها النفوذ التركى على دويلات السنة. وكانت قطر للأسف إحدى أذرع تنفيذ المخطط بأموالها، ولذا كان الوجود القطرى فى ليبيا فى أعقاب اندلاع الثورة ضد معمر القذافى، حيث أعلنت مسئوليتها عن تصدير البترول فى المناطق المحررة من النظام!

أتذكر ما حكاه لى الكاتب الراحل عبدالله كمال عن توتر العلاقات المصرية - القطرية، وكيف كان حديث أهوج لجمال مبارك وحسين سالم فى عام 2005 سبباً فى هذا التوتر حينما أعلنا فى حضور أمير قطر السابق ووزير خارجيته عن توقعات شركات التنقيب عن الغاز فى منطقة البحر المتوسط وثراء المياه الإقليمية المصرية بهذا الكنز، وهو ما أقلق قطر وأشعرها بتهديد مصر لمصالحها فى المنطقة والعالم، واحتمال فقدها أحد أسباب تأثيرها. وأتذكر دولة الخلافة السنية التى حلم بها الإخوان وكانوا على استعداد لبيع الغالى والرخيص فى سبيل تحقيقها، بالتنازل عن أرض فى سيناء تارة، وحلايب وشلاتين تارة أخرى، والتقارب مع طهران والأمريكان والقطريين تارات ثالثة. وأسمع سخرية الغافلين وعمى بصيرة من يدعون العلم عن الكشف المصرى الأخير، وأدعو ربى أن يحمى بلادى ويرزقها المخلصين المبصرين، ويكفيها شر رياح الخماسين المتخفية وراء الربيع.

• أزمة طاقة
• أمير قطر
• إمدادات الغاز
• الأزمة الأوكرانية
• البحر المتوسط
• التنقيب عن الغاز
• الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
• العدالة والتنمية
• العلاقات المصرية
• أردوغان
• أزمة طاقة
• أمير قطر
• إمدادات الغاز
• الأزمة الأوكرانية
• البحر المتوسط
• التنقيب عن الغاز
• الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
• العدالة والتنمية
• العلاقات المصرية
• أردوغان
• أزمة طاقة
• أمير قطر
• إمدادات الغاز
• الأزمة الأوكرانية
• البحر المتوسط
• التنقيب عن الغاز
• الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
• العدالة والتنمية
• العلاقات المصرية
• أردوغان
• أزمة طاقة
• أمير قطر
• إمدادات الغاز
• الأزمة الأوكرانية
• البحر المتوسط
• التنقيب عن الغاز
• الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
• العدالة والتنمية
• العلاقات المصرية
• أردوغان