خبراء: تقديم المساعدة النفسية للاجئين يطرح تحديا في إيطاليا
خبراء: تقديم المساعدة النفسية للاجئين يطرح تحديا في إيطاليا
![صورة أرشيفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/4118109481441142283.jpg)
صورة أرشيفية
يحمل الكثير من المهاجرين الذين يتدفقون إلى إيطاليا صدمات وجروح يترتب التكفل بمعالجتها بدون إبطاء لما تتركه من آثار بشرية واجتماعية عميقة، برأي العديد من الخبراء.
وألقى رجل في الشتاء نفسه من النافذة، أثناء مقابلة أمام لجنة للنظر في طلبات اللجوء، في أول مرة سمحت له الفرصة بعد أشهر من وصوله إلى إيطاليا، للتحدث لأحد عن معاناته بعد تعرضه للاضطهاد في بلده وفقدان زوجته وابنته في غرق زورقهم في المتوسط، ونجا واصيب بكسور.
تشير التقديرات، إلى أن ما بين 10 و30% من طالبي اللجوء خضعوا للتعذيب في بلادهم، ويضاف إلى ذلك معاناة المنفى وكابوس الرحلة عبر الصحراء أحيانا، وسوء المعاملة في ليبيا ثم القلق في البحر، وأخيرا الانتظار في مراكز الاستقبال.
ذكرت منظمة "أطباء بلا حدود"، مؤخرا في تقرير، أنه من أصل مئة طالب لجوء جرت مقابلتهم في صقلية، فإن أكثر من نصفهم شهدوا وفاة أحد رفاقهم في الرحلة أو حتى أقربائهم.
وفي 2013، كشفت دراسة أجراها المجلس الإيطالي للاجئين بين طالبي لجوء في هذا البلد، أن 82% من بينهم يعانون من اضطرابات نفسية وأكثر من نصف هؤلاء مصابون باكتئاب حاد.
وتقديم المساعدة النفسية، من ضمن عمل جميع مراكز الاستقبال في إيطاليا، وبوسع طالبي اللجوء نظريا الحصول على الخدمات العامة نفسها التي يحق بها للإيطاليين.
وقالت ماريا كيارا مونتي عالمة النفس في باليرمو، والتي خصصت بعد ظهر يومين في الأسبوع لاستقبال طالبي لجوء برفقة عالم إنتروبولوجيا ووسيط اجتماعي يتكلم لغة اللاجئ، "نعمل على الدوام ضمن فريق وإلا فإن الأمر يشكل عبئا نفسيا كبيرا جدا".
وقالت متحدثة لوكالة "فرانس برس"، "إنها قصص تترك ندبات عميقة موردة، مثل إفريقي شاب عمره 26 عاما، قضى ساعات طويلة في الماء بعد غرق مركبه، وظل بعد ذلك يحس كل نهار بأنه عائم على سطح الماء وكل ليلة أنه يغرق".
وتابعت "جامبيا عمره 30 عاما بقيت ذاكرته متوقفة عند أعمال التعذيب التي عانى منها في بلاده، إلى حد أنه كان ينسى كل ما تبقى ولا يذكر شيئا من جلسة إلى أخرى".
أقر جينارو ميليوري رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في مسألة استقبال اللاجئين، أنه في ظل تشرذم آلية الاستقبال ما بين أجهزة عامة كبرى ومجموعة واسعة من الهيئات الخاصة التي حولت أنشطتها إلى هذا القطاع، فإن هناك تباين كبير في تقديم المساعدة النفسية.
لكن النائب لفت إلى أن هناك أحيانا عمليات تكفل ممتازة باللاجئين ولا سيما في المراكز الخاصة بالقاصرين الذين لا يرافقهم بالغون، لكن الضرورات الصحية العاجلة غالبا ما تكون في مكان آخر في مكافحة الأمراض مثلا.
وقالت فيوريلا راتهاوس رئيسة المجلس الإيطالي للاجئين، إنه في العديد من الهيئات غالبا ما يكون العالم النفسي غائبا أو أنه يحضر لبضع ساعات في الأسبوع فقط، وهو عموما متخرج شاب غير مهيأ للتعاطي مع مثل هذه الصدمات.
يمكن لأعراض اضطراب الكرب التالي للصدمة في العديد من الأحيان أن تزول إذا ما وجد الشخص ظروف حياة لائقة وفرصا للتسلية وآفاقا للمستقبل، بحسب ماسيمو جيرماني، الطبيب النفسي الذي تولى إدارة مركز لضحايا التعذيب في روما.
لكنه حذر بأن العديد من اللاجئين يعانون من أعراض أكثر حدة بكثير ويتطلبون عناية مبكرة ومحددة، وشرح أنهم أشخاص تعرضوا لتعديات متكررة لفترة طويلة وفي محيط عنيف، وهو وضع يتقاسمه ضحايا التعذيب مثلا مع الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة.
وأوضح جيرماني، أن بقوا ضمن المجموعة، فلن يمكنهم اللحاق بالآخرين، مضيفا "لا يتمكنون من التركيز بما يكفي لتعلم الإيطالية وهم في حالة نفسية غير مستقرة وحالتهم تزداد سوءا".
وشدد على أن هؤلاء الأشخاص يصبحون أشبه بأشباح يترددون على الخدمات الاجتماعية لسنوات، مشيرا إلى أن الأصغر سنا ينتهي بهم الأمر في تعاطي الدعارة، والبعض يقوم بأعمال عنف.
تعمل طاولة مستديرة منذ نوفمبر على وضع خطوط عامة ينبغي تعميمها على جميع المراكز لتقديم المساعدة النفسية.
ورغم أن راتهاوس، أكدت أن الإرادة موجودة بما في ذلك على المستوى العام، ألا أنها أقرت أن الأمر يبقى هدفا بعيد المدى، واضطر جهاز جيرماني في روما إلى الإغلاق في العام 2012 لنقص التمويل العام.