القصة الكاملة لـ "أزمة النفايات" بلبنان.. وخبراء: ستنتهي قريبًا

كتب: نانيس البيلي

القصة الكاملة لـ "أزمة النفايات" بلبنان.. وخبراء: ستنتهي قريبًا

القصة الكاملة لـ "أزمة النفايات" بلبنان.. وخبراء: ستنتهي قريبًا

أزمة جديدة تشهدها لبنان، بدأت في منتصف يوليو الماضي، وتطورت بعض فشل الحكومة برئاسة تمام سلام في حلها، وخرجت تظاهرات حاشدة في العاصمة بيروت احتجاجًا على "كثرة النفايات" التي أضيفت إلى قائمة أزمات بلد الأرز.

التظاهرات التي دعت إليها حملة "طلعت ريحتكم" بعدما طوت الأزمة شهرها الأول دون حل، بدأت الأربعاء الماضي، وشهدت اشتباكات عنيفة بين المتظاهران والأمن وسقوط عدد من المصابين، ومع فشل الاجتماع الطارئ للحكومة اللبنانية لمواجهة أزمة النفايات، اليوم الثلاثاء، ودعوات التظاهر يوم السبت المقبل للمطالبة بإقالة الحكومة، اتجهت الأزمة اللبنانية نحو مزيد من التأزم.

وترصد "الوطن" تفاصيل "أزمة النفايات" التي تشهدها لبنان وتوقعات خبراء العلاقات الدولية بشأنها وإلى أين ستتجه..

بدأت أزمة النفايات في لبنان في 17 من يوليو الماضي، بعد أن توقفت شركة "سوكلين" المكلَّفة بجمع ومعالجة النفايات، عن جمع نفايات محافظتي بيروت وجبل لبنان بسبب إقفال أهالي منطقة الناعمة جنوب العاصمة، لـ"المطمر" الذي أنشأ فيها، والذي اتخذته "سوكلين" للتخلص من نفايات بيروت وجبل لبنان قد أتخم منذ سنوات، ولم يعد يستوعب المزيد من النفايات، ورغم ذلك لم تتوقف الشركة عن اتخامه بمزيد منها، ما اضطر أهل المنطقة إلى الاعتصام أمام المطمر ومنع شاحنات نقل النفايات من الدخول إليه.

ومن وقتها تواجه لبنان "أزمة نفايات" غير مسبوقة، شعر بها المواطن اللبناني بعد يومين فقط، وتحولت ضواحي بيروت وشوارعها إلى مقلب قمامة كبير، وأغلقت القمامة عدد من الطرق ببيروت، وطاردت رائحة كريهة المارة أينما ذهبوا.

استخدام مادة كلسية بيضاء تساعد في تخفيف الرائحة، كانت هي وسيلة شركة "سوكلين" للتعامل مع الأزمة في أيامها الأولى، أما المواطنون الغاضبون لم يجدوا أمامهم حل غير إحراق النفايات للتخلص من حجمها، بينما عملت بعض البلديات على إزالة النفايات من الأحياء السكنية مستعينة بجرافاتها وذهبت بها إلى مطامر خاصة بها بشكل مؤقت، ولكن الدولة لجأت إلى العثور على مطامر في مناطق أخرى تركز معظمها في إقليم الخروب جنوب بيروت والذي قام أهلها بالاعتصام منعًا لتحول منطقتهم إلى مقلب قمامة كبير مليء بالأمراض والأوبئة كما حدث في بيروت وجبل لبنان.

الأربعاء الماضي 19 أغسطس، شهد أولى التظاهرات الاحتجاجية لحملة "طلعت ريحتكم" أمام مقر مجلس الوزراء "السراء الحكومي" في ساحة رياض الصلح بوسط بيروت وذلك بالتزامن مع انعقاد اجتماع لجنة فض عروض المناقصات في شأن معالجة أزمة النفايات، ووقعت اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين بعد أن حاولوا اقتحام السياج الشائك في محيط السرايا الحكومية لتفتح القوى الأمنية خراطيم المياه عليهم لتفريقهم، وبسبب الاشتباكات تم تأجيل فض العروض للمناقصات في شأن معالجة النفايات إلى اليوم الثلاثاء.

مواجهات عنيفة وسط العاصمة بيروت اندلعت السبت الماضي 22 أغسطس، بين قوات الأمن وبين المتظاهرين الذين استجابوا لدعوة حملة "طلعت ريحتكم"، وفي ساحة رياض الصلح قرب مبنى مجلس النواب أطلق المتظاهرون شعارات مناهضة للحكومة، ومع قيام المتظاهرون برشق قوات الأمن بالحجارة ورد الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم اشتعلت الأحداث، وسقط عدد من المصابين بين المتظزاهرين وقوات الأمن، لتتوقف المواجهات، مساء نفس اليوم، مع استمرار مئات المتظاهرين في اعتصامهم في ساحة الشهداء وسط بيروت.

اليوم التالي لتظاهرات السبت العنيفة، عقد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام مؤتمراً صحفيًا، لوّح خلال كلمته بالاستقالة إن لم تنجح جلسة الحكومة الخميس المقبل في التعامل مع أزمة النفايات، وأكد على محاسبة كل مسؤول عن إطلاق النار في المظاهرات التي وقعت بين الأمن اللبناني ومتظاهري النفايات، وقال إن في لبنان نفايات سياسية، مؤكدا على حق اللبنانيين في التعبير عن آلامهم بأي طريقة.

مساء الأحد الماضي، قامت قوات الأمن بالتعاون مع الجيش اللبناني بإخلاء ساحتي رياض الصلح والشهداء في وسط بيروت كليًا من المعتصمين، وأوقفت عددا من مثيري الشغب، وفي بيان لحملة "طلعت ريحتكم" مساء الأحد، قالت الحركة إن "مندسين" أشعلوا الاشتباكات بين المتظاهرين وعناصر الأمن وأن هؤلاء هم من حاولوا اختراق السياج الأمني المحيط بمقر رئاسة الوزراء.

في مؤتمر صحفي لحملة "طلعت ريحتكم"، الاثنين، دعت المواطنين للتظاهر السبت المقبل ضد الحكومة وللمطالبة بإقالتها، ولم تحدد موقع التظاهرة. وانتهى اجتماع الحكومة اللبنانية الطارئ لمواجهة أزمة النفايات، اليوم الثلاثاء، بفشل وبالاتفاق على إلغاء جميع المناقصات التي كان قد أُعلِن عنها مع شركات لرفع النفايات، بما يعني إعادة الملف إلى نقطة الصفر. وقد تم إعادة تكليف اللجنة الوزارية مرة أخرى في البحث في البدائل ورفعها إلى مجلس الوزراء.

قال السفير رخا حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الأزمة الحالية بلبنان سببها أنه "طفح الكيل" فاللبنانيون فاض بهم من طول فترة الانتظار والفشل في اختيار رئيس الدولة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الوضع الداخلي في لبنان على صفيح ساخن لأنه مرتبط بالوضع في سوريا وزادها مشاركة حزب الله في القتال بسوريا وكذلك اللاجئون السوريون في لبنان، وأيضًا التوتر في إسرائيل على الحدود، فالمواطنون يعيشون في قلقل وتوتر وضغوط، لذلك الموقف اللبناني الحالي ليس وليد التطورات الآخيرة.

وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحات لـ"الوطن"، أن الموقف السياسي في لبنان أبعد من مجرد تغيير أشخاص ولكنه يحتاج إلى تغيير في التوجهات، مشيراً إلى أن استقالة الحكومة لن تحل المشكلة.

ويتوقع السفير ناجي الغطريفي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تنتهي الأزمة الحالية وأن لبنان ستعود إلى الاستقرار مرة آخرى، كما توقع أن الحكومة لن تستقيل وأنها يمكن أن تتوصل إلى اتفاق مع الأطراف المتنازعة، مضيفًا "وحتى إذا استقالت الحكومة فلبنان اعتادت على الاستمرار بدون حكومة لفترات طويلة وبدون مجلس نواب لفترة أطول".

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريحات لـ"الوطن"، أن الشعب اللبناني شعب واعي على جانب كبير من الثقافة السياسية ومتابع جيد للأحداث ومرت به تجارب كثيرة خلال العقود الماضية أكسبته خبرة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، مشيراً إلى أن لبنان كدولة موقفها شديد الحساسية لما يجري بالدول المحيطة بها وخاصة سوريا والسعودية.


مواضيع متعلقة