الإرهاب يضرب مبنى الأمن الوطنى فى شبرا الخيمة

كتب: محمود الجارحى وأحمد عبداللطيف وحسن صالح وإيهاب العجمى

07:14 ص | الجمعة 21 أغسطس 2015

استيقظت مصر صباح أمس، على انفجار مدوٍّ، هز أرجاء محافظات القاهرة الكبرى، حيث استهدفت الجماعات الإرهابية مقر الأمن الوطنى فى شبرا الخيمة، الذى يقع على بعد أمتار قليلة من ميدان المؤسسة، أهم حلقة وصل بين الوجه البحرى والقاهرة، ما أسفر عن إصابة 30 شخصاً، بينهم 8 من رجال الشرطة، والباقى مدنيون تصادف مرورهم من أمام المبنى لحظة الحادث. وتسبب الانفجار فى انهيار واجهة مبنى الأمن الوطنى، وتصدع وسقوط نوافذ وواجهات العمارات الكائنة بمحيطه، بالإضافة إلى تدمير سيارة ملاكى كانت تمر بموقع التفجير. وتبين أن التفجير تم باستخدام سيارة ربع نقل، رجحت مصادر أمنية أنها كانت محملة بنحو 2 طن متفجرات، ما أحدث حفرة كبيرة بعرض 2 متر وعمق 4 أمتار.
تم الدفع بـ25 سيارة إسعاف إلى مكان الحادث لنقل المصابين إلى مستشفيات النيل للتأمين الصحى، والشرطة بالعجوزة، كما انتقلت قوات الحماية المدنية والمفرقعات لفحص المكان وتمشيطه، حيث تبين خلوّ المنطقة من أى متفجرات أو عبوات ناسفة.
وفرضت الأجهزة الأمنية كردوناً حول المنطقة، وأعلنت حالة الطوارئ، وانتشرت الكمائن والدوريات الأمنية تبحث عن الجناة، بعد الحادث مباشرة. تولت النيابة العامة برئاسة المستشار مصطفى المتناوى، رئيس نيابة قسم أول شبرا الخيمة، وبإشراف المستشار عمرو سامى، المحامى العام لنيابات جنوب بنها، التحقيق، وأمرت بندب المعمل الجنائى لفحص حطام السيارة المفخخة التى تبين أنها «دبابة ربع نقل»، لونها أبيض، وتحطمت بالكامل، بالإضافة إلى حصر الخسائر والتلفيات. واستمع فريق من النيابة إلى شهادة المصابين وشهود العيان، الذين أكدوا أنهم سمعوا صوت انفجار شديد، إثر توقف إحدى السيارات بشكل مفاجئ فى الإشارة المقابلة لمبنى الأمن الوطنى، حيث تركها قائدها، واستقل دراجة بخارية مع شخص كان يسير خلفه وفرا هاربين.
وانتقل اللواء سعيد شلبى مدير أمن القليوبية، واللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية، إلى مكان الواقعة، وأمر بفرض كردون أمنى حول موقع الانفجار، ورفع بقايا السيارة المفخخة التى تبين أن الانفجار تسبب فى تفكيكها بالكامل، ومحو أرقام الشاسيه والموتور، ويعمل رجال المعمل الجنائى على فحص البقايا للعثور على أى معلومات عن السيارة. وأمر مدير الأمن بتشكيل فريق من البحث الجنائى برئاسة العقيد جمال الدغيدى، رئيس فرع البحث الجنائى، وضم رؤساء المباحث ومفتشى الأمن العام، لتحديد ملابسات الحادث.
وكشفت التحريات الأولية لفريق البحث أن السيارة دبابة ربع نقل، بيضاء اللون كانت محملة بـ2 طن مواد متفجرة، ومغطاة بغطاء للتمويه، وأنها وقفت فى الإشارة أمام المبنى، وفتح قائدها الباب ونزل منها، وعلى الفور نهره جندى الحراسة الموجود أعلى برج المراقبة بالمبنى، فقال له إن السيارة تعطلت وفجأة لحقه زميله بدراجة بخارية، فركب خلفه وفرا هاربين، متخذين الطريق المعاكس فى اتجاه القاهرة- بنها. وحاولت قوة الحراسة بالمبنى مطاردة المتهمين، لكن الانفجار كان سريعاً، ونجحا فى الهرب، وأصيب الجنود المكلفين بالحراسة، وتدمر المبنى الذى يتكون من 4 أدوار والسور، وتهشمت نوافذ المنازل المجاورة له.
وبدأ فريق البحث بتفريغ كاميرات المراقبة بمحيط الحادث، والموجودة فى المحلات التجارية، وعلى مبنى الأمن الوطنى، ونادى القوات المسلحة، ومبنى قصر محمد على.
فيما كشف مصدر أمنى أن مبنى الأمن الوطنى لم يكن به محتجزون وقت الانفجار، وأن جميع الملفات والأوراق المهمة فى أمان ولم يحدث لها أى تلفيات أو سرقة. ومن جهته قال اللواء سعيد شلبى، مدير أمن القليوبية، إنه تم إغلاق كافة الطرق والمداخل المؤدية إلى موقع الانفجار، وتم نشر عدد من الدوريات والكمائن الثابتة والمتحركة على الطرق المؤدية للمحافظة، منعاً لهروب مرتكبى الحادث الإرهابى.
وأضاف أنه تم تعزيز وجود أجهزة الأمن فى محيط مكان التفجير، ومحكمة شبرا الخيمة، ومبنى فرع البحث الجنائى وقسم أول شبرا الخيمة والسجل المدنى، وكلها تقع فى محيط مكان الانفجار، وكذا تم صدور تعليمات بتكثيف الوجود الأمنى بمحيط أقسام الشرطة والمنشآت العامة والحيوية والسجون. كما انتشرت العناصر الأمنية بمحيط محطات الكهرباء والوقود والغاز، ومياه الشرب تحسباً لأى طوارئ. فى الوقت نفسه أعلنت جماعة «بلاك بلوك» أو «الكتلة السوداء» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مسئوليتها عن الحادث الذى وقع فى الساعات الأولى من صباح أمس، وهى الجماعة التى كانت أعلنت مسبقاً تخطيطها لاستهداف المنشآت الشرطية ورجال الشرطة فى إطار عملياتها الإرهابية التخريبية. من جانبه تفقّد المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ القليوبية، مكان الحادث، وأمر بتشكيل لجنة متخصصة من حى غرب شبرا الخيمة والإدارة الهندسية ولجنة المنشآت الآيلة للسقوط لفحص المبنى، والمنازل المجاورة له، وبيان أثر الانفجار عليها.
وأثبتت المعاينة الأولية أن المساكن المجاورة لم تتعرض إلى خطورة كبيرة تهدد بانهيارها.
وأوضح المحافظ أن مبنى الأمن بشبرا الخيمة كان مؤمّناً تماماً بكاميرات سوف يتم تفريغها، وستكشف مرتكبى الحادث، مؤكداً أن الجناة فشلوا فى الوصول إلى المبنى بسبب بعد المسافة ووجود حاجز يمنعهم من الاقتراب منه.
وقال المحافظ إن مثل تلك العمليات الإرهابية لن تنال من أمن الوطن، ووحدة أبنائه، وسوف تزيد من رفض المجتمع المصرى كاملاً للجماعات الإرهابية المتطرفة.
وأضاف أن الجماعات الإرهابية تفتقر الآن لأى ظهير شعبى فى الشارع المصرى، فالإرهاب لا يهزم الأوطان، ولا تصالح مع تجار الدم، مشيراً إلى أن مصر تواجه حرباً حقيقية ولابد من اقتلاع الإرهاب من جذوره بمشاركة كل أطياف الشعب المصرى، والالتحام خلف الجيش والشرطة.

{long_qoute_1}

من ناحية أخرى أعلن الدكتور محمد لاشين، وكيل وزارة الصحة، أن مصابى الحادث بلغوا 30 مصاباً من رجال الشرطة والمدنيين، وتم نقلهم إلى مستشفيات الشرطة بالعجوزة والنيل للتأمين الصحى ومعهد ناصر.
وقال «لاشين» إن 20 حالة من الحالات المصابة خرجت من المستشفى لاستقرار حالتها الصحية، وتم احتجاز 7 حالات بمستشفيات القليوبية، منها حالة بالعناية المركزة لسوء حالتها. وانتقل اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، وفريق من مباحث الوزارة من الأمن الوطنى والأمن العام، إلى مكان الانفجار، وأجرى معاينة مبدئية للتلفيات والخسائر التى لحقت بالمبنى، ووجّه بسرعة إجراء التحريات اللازمة من رجال المباحث للوصول إلى هوية مرتكبى الحادث، واطمأن الوزير على المصابين فى التفجير.
ومشط خبراء المفرقعات محيط المنطقة بالكامل، وتم عمل أكمنة ثابتة ومتحركة وتحويلات مرورية فى محيط ميدان المؤسسة. وقالت التحريات الأولية والمعاينة إن الانفجار ناتج عن سيارة «ربع نقل دبابة شيفروليه، ورقم الماتور الخاص بها هو87923، وإن التفجير حدث عن بُعد باستخدام هاتف محمول»، وأضافت التحريات التى أشرف عليها اللواء كمال الدالى، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن الوطنى، أن السيارة كانت محملة بقرابة طن من المتفجرات «تى إن تى»، وهى مادة شديدة الانفجار.