مصيف الغلابة: كورنيش و«حُسين»

كتب: جهاد مرسى وإنجى الطوخى

مصيف الغلابة: كورنيش و«حُسين»

مصيف الغلابة: كورنيش و«حُسين»


{long_qoute_1}
لم يستسلموا لظروف حياتهم ويحرموا أنفسهم من فسحة تخفف عنهم موجة الحر، لا يملكون أموالاً كثيرة للسفر إلى المدن الساحلية للاستمتاع بالبحر، لكنهم يملكون القليل الذى يكفى لفسحة «على قد الحال»، انتشروا على أسوار الكورنيش، جلسوا فى الحدائق العامة، تبركوا بزيارة الأضرحة واللعب فى ساحاتها، هكذا تحايل الفقراء على موجة الحر خلال شهر أغسطس، بعضهم اتخذ من ساحة مسجد الحسين مكاناً للترفيه عن أنفسهم، وبعضهم لبى دعوة بعض الجمعيات الخيرية التى تنظم رحلات للبسطاء وسكان المقابر للترفيه عنهم.
أسرة محمود سعيد، جاءت من منطقة شبرا للتنزه فى ساحة مسجد الحسين، جلس الأب وولداه على حصيرة مهترئة وإلى جانبهم مجموعة من زجاجات المياه المثلجة، يتحدثون بشغف عن آخر المستجدات الكروية، بينما انهمكت الزوجة فى تفريغ الأطعمة فى الأطباق لتوزيعها عليهم.
«الجو حر جداً فى البيت، وأنا مش هاقدر أروح المصيف دلوقتى، فقررت آخد مراتى وولادى وزوجاتهم ونقضى يوم فى ساحة الحسين»، قالها «محمود» الذى لم يجد مكاناً يستمتع فيه بالهواء دون أن يدفع مقابلاً غير «الحسين».
الفكرة نفسها راودت «منى» التى جاءت مع ابنتها وحفيدتها الصغيرة لتقضى يوماً فى «الحسين» مصطحبة معها ملاءة سرير افترشتها على الأرض وأوانى طهى حتى لا تتكلف شراء أكل: «جوز بنتى دايماً مسافر ومانقدرش نسافر إسكندرية لوحدنا، فقلنا نيجى الحسين نقعد فى الهوا.. أصل البيت نار».
باعة «سميط»، «فريسكا»، «بلالين»، و«لب وسودانى» انتشروا بين زوار الحسين ليلبوا طلباتهم وفى الوقت نفسه يسترزقون من التجمعات الغفيرة التى بدأت فى النزوح إلى «الحسين» بسبب ارتفاع درجة الحرارة، «الإيد قصيرة وآهى محاولة للخروج عشان نشوف الدنيا بدل القعدة فى البيت طول الوقت»، مبرر ساقه «عم أشرف» موضحاً أنه لا يحتاج أكثر من الجلوس فى الهواء الطلق إلى جوار ابنته التى تلعب فى البراح: «الجيش قالك اتصرف والحياة مش هتقف على المصيف، فيه أماكن ممكن الواحد يخرج فيها فى مصر بدل المصيف لو الظروف ماتسمحش».
ليس فى المقابر أى معالم للحياة الطبيعية، ولذا فكرت جمعية «العالم بيتى» الخيرية فى تعويض أطفال المقابر عن حياتهم القاسية بأخذهم فى رحلة ترفيهية لتمضية وقت ممتع وسط الخضرة والألعاب المائية.
رحلة إلى قرية «4 نجوم» فى طريق حلوان، استمتع بها أطفال مقابر الإمام الشافعى، اصطحبهم إليها الأسبوع الماضى «مدحت حامد»، رئيس الجمعية، فى محاولة لخلق توازن اجتماعى بينهم وبين باقى أطياف المجتمع، ومساعدتهم على اكتشاف أنفسهم وتطوير قدراتهم بمزيد من الأمل فى غد أفضل.
«أطفال منهم اليتيم والفقير والعامل باليومية، لا بيشوفوا رحلات ولا بيستمتعوا بالميه والخضرة والمراجيح، فكرنا نخليهم يعيشوا خارج مجتمعهم، لندفع بداخلهم طاقة أمل فى بكرة بشكل إيجابى»، قالها «مدحت»، موضحاً أن الأطفال استمتعوا خلال اليوم الترفيهى بالألعاب المائية «كريزى ووتر» والمسطحات الخضراء وتناولوا وجبة غداء شهية.
35 طفلاً نجح «مدحت» فى توصيل هدفه إليهم، من خلال أنشطة متعددة مثل اليوم الترفيهى أو بعض الفعاليات الفنية الأخرى، فيقول: «بعض الأطفال تجاوبوا وتحمسوا مع الفكرة، واكتشفت أن عدداً منهم أصبحوا من المتطوعين المشاركين فى تنظيم الفعاليات المختلفة، بخلاف ردود فعل واسعة فاقت توقعاتى بكثير من حيث السعادة المبالغ فيها، والإيجابية الشديدة تجاه زملائهم وأبناء منطقتهم الإمام الشافعى».
تنوى جمعية «العالم بيتى» تكرار التجربة واصطحاب الأطفال إلى مزيد من الرحلات الترفيهية، لما لها من وقع كبير عليهم، رصده كافة المشاركين فى الفعالية، ما علق عليه «مدحت»: «بعوّدهم يطلّعوا لبكرة بشكل يليق بالمستقبل الواعد».


مواضيع متعلقة