السيسي امتلك شعبية «عبدالناصر» ودهاء «السادات»
- أمن قنا
- السوق السوداء
- حملات مكبرة
- حملة تموينية
- دقيق بلدى مدعم
- شن حملة
- أجهزة الأمن
- أخطار
- أمن قنا
- السوق السوداء
- حملات مكبرة
- حملة تموينية
- دقيق بلدى مدعم
- شن حملة
- أجهزة الأمن
- أخطار
كانت حقبة الرئيس جمال عبدالناصر مرحلة مهمة في حياة مصر والمصريين، حيث شهدت مصر أحداثا تاريخية عديدة جعلتها محور الشرق الأوسط ورئيسها زعيما عربيا له شعبية جارفة في الوطن العربي تستطيع رصدها في أي عاصمة عربية، فأينما ذهبت إلى أي دولة عربية، فستجد شارعا من الشوارع الرئيسية في عاصمة تلك الدولة، أو ميدانا من الميادين الكبرى بها يحمل اسم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أو تمثالا له في شارع أو ميدان بها.
ومن المفارقات التي تزيد هذا المثال تجليا هو أنّ هذه الحقيقة تستوي بين البلدان التي كانت علاقات حكامها بمصر الناصرية قوية، وتلك التي كان بين حكامها و«عبدالناصر» خلافات خلال سنوات حياته.
لم تختفِ أو تخفت شعبية «ناصر» حتى بعد وفاته بل امتدّت لأجيال متتالية من الشباب العربي من الذين وُلدوا بعد رحيله عن دنيانا ولم يروه رأى العين ولم يعاصروه فعليا.
وكان أهم دليل على تلك الشعبية لدى الشباب العربي أنّه خلال العديد من الموجات المتتالية من الثورات والانتفاضات التي جرت في العديد من البلدان العربية منذ نهايات عام 2010 فإنّ الكثير من الشباب المشاركين كانوا يرفعون صورة الزعيم المصري الذى كان موقفه واضحا من «الخرفان»، أقصد الإخوان، وكانوا لكل تحركاته بالمرصاد كما يفعلون الآن.
كان «ناصر» يمتلك «كاريزما القيادة» وبما أن أغلب الدول العربية والأفريقية كانت تحت الاحتلال وتتطلع للاستقلال، وكان بزوغ نجم قائد ملهم يساعد الدول على تحقيق أحلامهم، ساعده ذلك على الشعبية التي تحققت.
وليس هناك أدل على ذلك أنّها عند تحقيق حلم للشعب تزداد الشعبية وتتوارثها الأجيال، فعندما حقق «ناصر» أول وحدة اندماجية عربية بين دولتين عربيتين في التاريخ المعاصر، وهي الوحدة بين مصر وسوريا متمثلة في الجمهورية العربية المتحدة في فبراير 1958، بالرغم من قصر عمرها والشكل الذي انتهت به.
وما زال مشهد الجماهير السورية تحمل سيارة جمال عبدالناصر في دمشق في زمن الوحدة ماثلا في الأذهان، ولكن هذه الجماهيرية لم تكن فقط في زمن الانتصار، بل وجدناها حتى في زمن الانكسار، وتكرر المشهد في العاصمة السودانية الخرطوم، وهذه المرة كان خلال توجه الرئيس المصري الراحل إلى هناك للمشاركة في القمة العربية بعد هزيمة 1967.
وكأن التاريخ يعيد نفسه، نفس ما حدث مع عبدالناصر يحدث مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث يأتي به الشعب وكانت نكسة عبدالناصر والتآمر عليه من خلال ضربات عسكرية أفقدتنا سيناء وأضعفت جيشنا، لكن الشعب ظل داعما للقيادة والقائد المخلص واثقين من النصر، وتحسَّب الرئيس السيسي لهذا الفخ وبنى جيشا قويا عظيما، لكن التآمر كان للدولة المصرية من خلال الاقتصاد.
ورغم ارتفاع الأسعار الذي أثر على كل المواطنين المصريين، فإنهم دعموا القيادة والقائد ضاربين المؤامرة عليه وعلى مصر في مقتل، بل زادت شعبية الرئيس بعد مواقفه القوية في القضية الفلسطينية، ووقوفه أعاد للأذهان وقوف مصر مع العرب ضد الاستعمار، لكن الاختلاف الوحيد أنّ الرئيس السيسي أدار الأزمة بدهاء الرئيس السادات، الذي وصفه مستشار الأمن القومي الأمريكي وزير الخارجية الأسبق، هنرى كسينجر.
والذي لخص حياته وتحدياته «أنّ السادات جمع بين سمتين مهمتين، الأولى القيم الأخلاقية والإنسانية والتي أخذها في الاعتبار وهو يصنع سياساته، والثانية استعداده للمغامرة لتحقيق أهداف تبدو مستحيلة، والدليل على ذلك عملية السلام، وأن فكرة السلام لدى السادات كانت هدفا إنسانيا مطلقا، وفي الوقت نفسه كانت جزءا من تكوينه الإنساني».
وبحسب كسينجر، «تجاوز نمط الأيديولوجية العربية وصنع سلاما مع إسرائيل وأن إرادة السادات الفولاذية وإرادته الجريئة، كما خطط السادات ونفذ أجندة دبلوماسية وعسكرية أدت إلى استعادة سيناء، وأسس تحالفا بين مصر والولايات المتحدة، وأطلق واقعا جديدا في الشرق الأوسط باتفاقيات كامب ديفيد، وأنّ السادات استرد كذلك ثقة مصر في نفسها بعد هزيمة يونيو 67، وضمن سلاما مع إسرائيل قائما على فلسفة متعالية على الوضع الراهن في ذلك الوقت، وكل هذا جعل سنوات حكم السادات قصيرة، لكنها مذهلة في سجلات التاريخ».
أما الدكتور محمود جامع فقد أكد في شهادته عنه أن أهم صفة في الرئيس السادات، رحمه الله، هي الدهاء.. والقدرة على التخلص من المواقف الصعبة.. فقد استطاع السادات أن يخدع عبدالناصر.. وكان أكثر دهاءً منه.. كما استطاع أن يخدع ويهزم مراكز القوى.. رغم أنهم كانوا أكثر منه قوة وبأسا وجبروتا وسلطة، كما استطاع أن يخدع الاتحاد السوفيتى بجبروته، ويحصل منه على أحدث الأسلحة المتطورة.. والتي مكنته من خوض حرب 1973م والانتصار فيها.. وتحقيق أول نصر مصري عربي إسلامي على إسرائيل.
كما استطاع أن يخدع إسرائيل خداعا استراتيجيا وتكتيكيا كاملا وبارعا وفاجأها مفاجأة تامة بالحرب.. في الوقت الذى كانت تظن فيه أنّه أبعد الناس عن القيام بهذه المغامرة. فالدهاء والذكاء أهم مفتاح لشخصية الرئيس السادات الذي كان يستطيع أن يصبر طويلا على فريسته حتى تسقط وحدها.. أو تسقط هي نفسها من تلقاء نفسها.. أو تنزاح من طريقه.. أو يضطر هو لافتراسها بعد وقوعها في سلسلة متشابكة من الأخطاء القاتلة.
والآن العالم كله ينظر لمصر ويرصد رد فعلها على ما يقال أو يحدث في غزة، ويعلمون أنّ الرئيس عبدالفتاح السيسي رجل مخابرات وما يعلنه قد يكون نقطة في بحر مما يفعله أو يعلمه، فالعمل في جهاز المخابرات أكسبه صفات لم تكن موجودة في أي رئيس مصري من قبل رغم شعبية ناصر التي امتلكها السيسي ودهاء السادات الذى يميز التحركات السياسية المصرية منذ ثورة 30 يونيو، فالخداع الذي حدث في حرب أكتوبر حدث مثله في إعادة تسليح الجيش بعيدا عن عيون العالم حتى وإن كانت الصفقات معلنة، ودخول الجيش سيناء وتعميرها بعد دحر الإرهاب كان تحت أعين وموافقة العالم وما خفي كان أعظم.
وعندما يقول الرئيس السيسي «لا» فتكن كلمة مصر وبعدها يقول العرب «آمين».
وحد الكلمة والمواقف العربية على كلمة سواء، والنتيجة مصر تمتلك قرارها وتعمل بقيادة وطنية مخلصة مكنها الله من شعبية جارفة ووهبها ذكاء التعامل مع المواقف الصعبة.