والله زمان يا سلاحي
يعد صلاح جاهين نموذجا للمبدع الشامل ، فهو رسام ، شاعر ، كاتب أفلام ، سيناريست، وممثل، وربما تكون هناك مواهب أخرى لا أتذكرها أو لا أعرفها . أخيرا خصصت وزارتا الثقافة والتربية والتعليم يوم 19 فبراير للاحتفاء بصلاح جاهين.
تقرر أن تذيع الإذاعات المدرسية في كل أنحاء الجمهورية فقرة بعنون عمنا صلاح جاهين.
يستحق جاهين كمبدع ما هو أكثر من ذلك ، فهو صاحب دور وطني كبير مارسه بكتابة الشعر وتأليف الأعمال الدرامية وكتابة السيناريو والرسم الكاريكاتيري .
جاهين حفيد الصحفي المشهور أحمد حلمي الذي كان أول سجين للرأي في مصر والذي أطلق اسمه على شارع من أهم الشوارع في القاهرة، لكن الأغنيات الشعبية شوهت اسم صاحب الشارع، حتى أن الناس من العامة لا يعرفون من أحمد حلمي الصحفي المجاهد .
ولد جاهين في شبرا لأب قاض، ومن المفارقات أن الرئيس جمال عبد الناصر كان يكرم والده وعندما صافحه الرئيس، قال له وزير العدل إن القاضي المُكرم والد الشاعر صلاح جاهين ، فصافحه الرئيس مرة أخرى بحرارة وشد علي يده.
وبعدما عاد الوالد للمنزل قال لصلاح: صرت يتم تعريفي بك أنت! كان جاهين أحد أخلص أصوات ثورة يوليو وإيمانا بمبادئها وبزعيمها وهو مؤلف النشيد الوطني والله زمان يا سلاحي، الذي لحنه كمال الطويل وغنته أم كلثوم وصدر قرار جمهوري باعتماده سلاما جمهوريا بعدما انتشر في عام العدوان الثلاثي 1956.
كما أن جاهين مؤلف الأغاني الوطنية: ثوار، ناصر يا حرية.. ناصر يا وطنية.. يا روح الأمة العربية، ثوار، إحنا الشعب، بالأحضان، بستان الاشتراكية، المسؤولية، صورة، يا أهلا بالمعارك.
كانت علاقة عبد الناصر بجاهين قوية وكان له مكانة عند الرئيس ، وذات مرة طلب جاهين من محمد حسنين هيكل صورة من الرئيس بتوقيعه، وفي اليوم التالي طلب هيكل صلاح وقال له إن الرئيس اشترط لكي يعطيه صورة له بتوقيعه أن يهديه صلاح رباعياته بتوقيعه!! وبالفعل تبادل الرئيس وصلاح الإهداءات.
وعندما أثيرت شكوك بشأن تعكر العلاقة بينه وبين الرئيس أو الانقلاب عليه كتب صلاح: وحشتنا نظرة عيونك للبلد يا جمال.. والحزم والعزم فيها وحبها المكنون.. وحشتنا عبسة جبينك وانت بتفكر.. ونبرتك وانت بتعلمنا وتفسر.. وبسمة الود لما تواجه الملايين.. وقبضة اليد لما تدق ع المنبر.
وكان التقدير متبادل بينهما، ففي عام 1965 منحه الرئيس وسام الجمهورية، لكن جاهين لم يكن ممن يوافقون بدون اعتراض على كل الأمور، كتب في رباعياته رأيا صارخا: على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء.. أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء.. بحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب.. وبحبها وهي مرمية جريحة حرب.. بحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء.. وأكرهها وألعن أبوها بعشق زي الداء.. وأسيبها وأطفش (أهرب) في درب وتبقى هي في درب… وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب . كان ذلك بعد نكسة يونيو التي أصابته وأصابت الجميع بالصدمة .
كتب صلاح الرباعيات والتي صارت مثالا سار عليه كثيرون من شعراء العامية وصكت كأمثال ومأثورات ، وكتب الليلة الكبيرة أشهر وأجمل أوبريت للعرائس وكتب الفيلم الذي بقى في دار السينما لعام كامل ، خلي بالك من زوزو.
كان مبدعا شاملا، عمنا صلاح جاهين.