دكتور وسيم: نوّرت مصر

سحر الجعارة

سحر الجعارة

كاتب صحفي

(ذنب مصر الوحيد أنها «عظيمة»)، بهذه العبارة بدأ الداعية الإماراتى الدكتور «وسيم يوسف» زيارته لمصر، خلال لقاء تليفزيونى، بعد أن قرر قضاء شهر رمضان الكريم فى مصر.. وأخذ يتجول فى شوارعها وهو يتغنى بجمال كل خطوة على أرض مصر، وأضاف: مدح مصر ليس تملقاً لأن مصر تجلى الله عليها لسيدنا موسى، مصر جاءت ثم جاء التاريخ، وأسهب فى الإعراب عن مشاعره تجاه مصر ووجَّه كلماته للشعب المصرى قائلاً: مصر مستهدفة فى سيناء، فى أمنك وأمانك، حتى حضارتك ينازعونك فيها.. يستهدفونك فى عروبتك، فى قادتك، فى كل شىء.. «وإذا سقطت مصر فلن تبقى العروبة».. هل هناك رسالة أبلغ من هذه لعاشق لبلادى؟!

«وسيم يوسف» الذى تعافى مؤخراً من السرطان، بعد أن صارع سرطاناً آخر وهو الهجوم عليه من السلفيين والمتأسلمين على منصة إكس ومختلف منصات التواصل الاجتماعى.. لم يهن ولم يضعف خلال رحلته (هو لا يزال فى الأربعينات من عمره).. ولا يزال محارباً يسبح ضد التيار ويصدم المجتمعات العربية التى يعيش بعضها فى غيبوبة «تدين زائف» حتى تحولوا إلى مدمنى الكراهية.

استنكر الداعية الإماراتى قصر بعض الناس وأئمة المساجد دعائهم بالشفاء لمرضى للمسلمين فقط، بقولهم «اللهم اشفِ المسلمين»، طارحاً السؤال: وهل الدعاء للشخص المسيحى حرام؟

وخلال مقابلة مع الإعلامية نهال طايل فى برنامج «تفاصيل»، عبر فضائية صدى البلد، قال الداعية وسيم يوسف عن اقتصار بعض الأئمة على الدعاء للمسلمين فقط: «لماذا نقول اللهم اشفِ مرضى المسلمين فقط؟ الألم هو الألم، سواء أصاب مسلماً، مسيحياً، يهودياً، بوذياً، أو أى إنسان آخر».. لاحظ أنه يعيش فى الإمارات التى تضع تمثالاً لبوذا وتجعل «التعايش وقبول الآخر» واقعاً حتى مع أصحاب الديانات الفلسفية.

وأشار الداعية الإماراتى إلى أن الأطباء الذين أشرفوا على علاجه من السرطان، وبذلوا جهوداً كبيرة لإنقاذه، كانوا من ديانات مختلفة، قائلاً إن الخير والرحمة لا يجب أن يكونا محصورين فى فئة دون أخرى.. لكننا بكل أسف لا نعترف بذلك برغم أن شيخ الأزهر شخصياً يتعالج فى ألمانيا!!

أثار يوسف حالة من الجدل بسبب آرائه التى تحمل جانباً من التفكير والتفسير المختلف عن مشاهير العلماء والشيوخ وجهات الفتوى الرسمية. وفيما يعتبره البعض من أخطر الشخصيات على الإسلام، يراه آخرون داعية مستنيراً ومفكراً إسلامياً يحمل آراء جديرة بالطرح والمناقشة.

فقد خرج د. يوسف عن سياسة القطيع، وطالب بمراجعة الأحاديث النبوية الواردة فى «البخارى»، قائلاً: «أنا أؤمن أن القرآن لا خطأ فيه، لذلك إن كانت هناك أحاديث تعارض منطوقه فهذا وضع طبيعى أن يتم النظر فيها والبحث عن الحقيقة»، مؤكداً أن دعوته بإعادة النظر فى صحيح البخارى تأتى حفاظاً على الدين وجودة الأحاديث النبوية، مشدداً على أن البخارى هو جهبذ عصره، وبالرغم من ذلك هو نفسه ضعّف 10 آلاف حديث.

وفى مداخلة هاتفية مع الإعلامى عمر أديب، على قناة «MBC مصر»، قدّم «يوسف» بعض الأمثلة الواردة فى البخارى والتى تجافى العقل والمنطق، منها أن الرسول عليه الصلاة والسلام حاول الانتحار عندما توقف الوحى!

وما إن طرح «يوسف» رؤيته لتنقية «أيقونة المتعصبين»، حتى بدأ طوفان التكفير يجتاح الرجل وأسرته ويهدد حياته بإهدار دمه، ولأنه «مسالم» يعيش فى دولة تنتصر للحريات العامة، أو ربما لأنه رأى المملكة العربية السعودية نفسها تنشئ هيئة لتنقية الأحاديث النبوية بهدف «القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة وأى نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب».. لذلك فهو لا يعلم أن لدينا «ماكينة تكفير» لها أذرعها القانونية وأبواقها الإعلامية ورجالها!!

قول د. يوسف: «إن الأفكار الجديدة التى تُطرح فى المجتمعات العربية بشأن تنقيح التراث الدينى دائماً ما تتعرض للتنمر والتكفير أو التهميش».. تصوُّر فى منتهى «البراءة»، فكلمة «التكفير» ببساطة أن دمك قد أُهدر فى عالم مفخخ بألغام التنظيمات الإرهابية، وأنت سطرت اسمك فى «قائمة الاغتيالات» بكل أسف!وكأنه قدرنا أن نعيش فى غيبوبة تبرر السحر والدجل والشعوذة، وتبرر الخرافة بل وتحميها، لأن «الرسول نفسه قد سُحر»!!.. وأن نستمر فى «حظر الاجتهاد»، ورفع عقولنا من الخدمة!دكتور وسيم: «نوّرت مصر».