بروفايل| نور الشريف.. دمي.. ودموعي.. وابتساماتي

كتب: محمد شنح

بروفايل| نور الشريف.. دمي.. ودموعي.. وابتساماتي

بروفايل| نور الشريف.. دمي.. ودموعي.. وابتساماتي

دقات الساعة تتعاقب "بتوقيت القاهرة"، ودور العرض تفتح أبوابها، والقاعات تُطفئ أنوارها، والجمهور يجلس في صمت، وكأن على رؤوسهم الطير، في انتظار لقاء طال انتظاره، وتفتح الشاشة الفضية ستار الظلام، بضوء يبزغ رويدًا رويدًا تتناسق مع خطوات عجوز قادم من بعيد يحمل في حقائبه تاريخًا طويلًا، يمر على شريط الذكريات من الأبيض والأسود لعالم الألوان، حتى تكتمل الصورة بـ"نور شريف".

رحلة طويلة قطعها "محمد جابر"، ليكون "الفنان نور الشريف"، اسم مستعار لنجم محبوب، يضم قائمة من أسماء أبطال أعماله، "كمال- الطالب الجامعي"، و"شمس- المصور الصحفي"، و"الحاج متولي- تاجر الأقمشة"، و"الحاج عبدالغفور البرعي- تاجر الخردة"، و"الدكتور حاتم زهران"، و"الفتوة سماحة الناجي" و"كابتن الزمالك شحاتة أبوكف"، ليقف في آخر أعماله، وينسى كل ما جناه الزمن عليه من تجاعيد على وجهه، وشيب يغطي رأسه، وصوت متهدج يخرج بالكاد، ويواصل العطاء.

بداية الرحلة، كانت في 28 أبريل من عام 1946، عندما صرخ مولود جابر محمد عبدالله بمنزل صغير في حي السيدة زينب بالقاهرة، والذي عاش فيه سنوات حياته الأولى، حتى انضمامه في المرحلة الثانوية لفريق التمثيل بالمدرسة، وهنا ظهرت موهبة، واكتملت بالدراسة حين حصل على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1967، بتقدير "امتياز"، وكان الأول على دفعته.

من باب المسرح، وعلى يد الفنان والمخرج المسرحي الراحل سعد أردش، كان ظهور "نور" الأول في مسرحية "الشوارع الخلفية"، ومن بعدها ظهر في مسرحية "روميو وجوليت" فكانت فاتحة خير عليه، إذ تعرف في أثناء بروفات المسرحية على الفنان عادل إمام، الذي ساعده في خوض غمار السينما بتقديمه للمخرج حسن الإمام، حيث أعجب به حسن الإمام واختاره في دور "كمال" في فيلم "قصر الشوق"، رائعة الروائي العالمي نجيب محفوظ، وأبدع نور الشريف في دوره، وحصل عن هذا الدور على شهادة تقدير، فكانت الجائزة الأولى في مشواره الفني.

ومن "قصر نجيب محفوظ"، رفض نور الشريف التنازل عن مرتبة "الأمير"، فواصل مسيرة فنية، وشيد بروج عالية من النجومية لم يتخطاها أحد، فصنع بموهبته 237 عملًا فنيًا، ما بين ظهور على الشاشات في السينما والتلفزيون، وحضور على خشبة مسرح، فانتزعت آهات الجماهير وتصفيقهم ودموعهم وابتساماتهم.

"آخر الرجال المحترمين"، رحل اليوم وبقيت آهات الوجع في نفوس جماهير ترك لهم البسمة والدمعة مرسومة على وجوههم، تاركًا رفيقته و"حبيبته دائمًا- بوسي"، والحب يجري بينهم مجرى الدم في العروق، لتكون حياته "دم ودموع وابتسامات".

 


مواضيع متعلقة