القمة.. حتمية البناء على خطة مصر

لينا مظلوم

لينا مظلوم

كاتب صحفي

قرارات جديدة تقدم رؤى مختلفة، حتى اللغة التي تعكسها مطلوب أن تكون على مستوى التحديات لمواجهة بوادر أي تصعيد سياسي أو عسكري لن يهدد سلام المنطقة العربية، فحسب بل دول العالم. الشارع العربي يترقب قمة عربية استثنائية، قمة تطرح حلولا قابلة للتنفيذ الفورى، قادرة على التصدى لقرارات تبدو فى ظاهرها مجرد تصريحات مثيرة للجدل، لكنها فى الواقع تحمل أبعادا سياسية خطيرة مفادها تصفية القضية الفلسطينية، وخلق شرق أوسط جديد بما يتفق فقط مع الأطماع الإسرائيلية مقابل إلغاء المصالح العربية. التوترات التى تصدم المواطن العربى يوميا لم تعد تحتمل أنصاف الحلول خصوصا أن القادة العرب يواجهون لحظة تاريخية فارقة لا بديل لها عن التنفيذ الجاد والعاجل إنقاذا للمنطقة العربية من تجاذبات أطراف خارجية.

ثبات المواقف المصرية، السعودية، الأردنية، تمثل نقطة انطلاق إيجابية يمكن البناء عليها في شكل دعم مطلق يوحد الصوت العربي ويقر بتفويض هذه الدول بمخاطبة أمريكا حتى على أعلى مستوى. مع الوضع في الاعتبار أنّ مجموعة الدول المفوضة لن تعبر فقط عن الموقف العربي إذ ستكون مدعومة من مجموعة دول أوروبا، الاتحاد الأوروبي، آسيا، أفريقيا، التي أعلنت جميعها صراحة رفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه وتمسكها بحل الدولتين الضامن لعدم انفجار أي تصعيد عسكري. المثير للدهشة أن تخبط اليمين المتطرف داخل إسرائيل واندفاعه الوحشي نحو إراقة الدماء الفلسطينية، وتدمير البني التحتية في غزة والضفة لجعلها أرضا غير صالحة لعودة أهلها، كل هذا الفكر الاستعماري الدموي لن يجنب دولة الاحتلال التعرض لتهديد ضربات مستمرة من المقاومة الفلسطينية، أو حتى تكرار ما حدث يوم 7 أكتوبر 2013، بالتالى فإن السياسات الخرقاء لليمين المتطرف ستدفع إسرائيل إلى تلقى مزيد من الضربات الأمنية بالإضافة إلى الاضطراب السياسي الذي يهدد تحالفاتها الحزبية القائمة.

في سياق أهمية القمة العربية التي ستعقد في القاهرة يوم 4 مارس المقبل، تأتي دعوة السعودية إلى عقد قمة خماسية تضم مصر، والسعودية، والأردن، والإمارات، وقطر. إذ تشكل قوة الارتباط المصري السعودي عامل الصمود الأساسي لأي خطة عمل دفاع عربي مشترك لإجهاض مخططات خبيثة هي بالتأكيد ليست وليدة اللحظة بعد أن تم التمهيد لطرحها منذ أعوام خلال الفترة الرئاسية الأولى لترامب، دون دراسة جادة عن تداعيات تحملها خطة الرئيس الأمريكي ترامب من مخاطر لا تستبعد أن تسفر عن تعريض المقرات الرسمية الإسرائيلية والأمريكية في العالم لهجمات انتقامية.

أبرز المرجعيات الأساسية المطروحة للبناء عليها فى أجندة القمة الخماسية في الرياض كتمهيد للقمة العربية في القاهرة، مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت عام 2002.. خطة مصر لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها.. أوراق الضغط التي تملكها مصر والسعودية. اتفاقية «كامب ديفيد» بالتأكيد لا تحمل ضمن بنودها قيام إسرائيل بأي إجراء يمس الأمن القومي المصري، بينما كل الهراء الذي حملته التصريحات الإسرائيلية حول تهجير سكان غزة إلى سيناء لا يمكن إدراجه إلا في سياق مساس بالأمن القومي المصري.

السعودية بدورها تملك أوراق ضغط لا تقتصر فقط على الشق الاقتصادي واستثماراتها في أمريكا، أيضا هناك الورقة السياسية التي يسعى كل من ترامب ونتنياهو لتحقيقها، التطبيع بين السعودية وإسرائيل. فالأولى ستدرجها كانتصار لسياستها الخارجية، بينما الثانية ستعتبرها طوق نجاة ينقذ تحالفات حكومتها من الانهيار.

القمة العربية القادمة بكل الملابسات التي تحيط مستقبل المنطقة لا تملك رفاهية الوقت ولا الصيغ التقليدية. قمة عملية حاسمة تستدعي كل أوراق الضغط العربية لمواجهة خطط سياسية أصبحت تهدد الوجود العربى وتقويض أمن الدول التي ما زالت تنعم بالاستقرار فى المنطقة. أبرز سمات القمة أيضا التفاف الشارع العربي حول سياسات قادته في شكل دعم غير مسبوق.

أصدق مظاهر التعبير عن هذا الدعم تجاوب الشارع مع مواقف قادته الحشود التي نقلتها الكاميرات للعالم وهي تعكس التأييد الشعبي الجارف في مصر عند معبر رفح للثوابت الحاسمة التي يتمسك بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في حماية سيادة الأراضي المصرية والتمسك بحل جذري للقضية الفلسطينية يضمن قيام الدولتين.