الفلسطينيون والمقاومة بالكلمة (2)
مع «ثورة البراق» الفلسطينية عام 1929 انطلقت الأغنية الشعبية، لتُسجل بطولة ثلاثة من الفدائيين هم حجازي وجمجوم والزير، وكانوا أول ثلاثة شهداء فلسطينيين، خلد المُغنّى الشعبي واقعة إعدامهم فى أغنية من «الدلعونا» تحمل معاني الاستنكار، وتطلب من الله تعالى الانتقام للمظلومين، حيث تقول: «من سجن عكا وطلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي جازى عليهم يا رب جازى المندوب السامي وربعة عموما».
ولهذه الواقعة أيضا، غنت النساء فور رفع الأعلام السوداء على سجن عكا، الذي شهد شنق هؤلاء الفدائيين الثلاثة:
«هي ويا.. والمشنقة تاجك
هي ويا.. والقيد إلك خلخال
هي ويا.. وموتك عن بلادك عز
هي ويا.. زينة الرجال».
وحين اندلعت ثورة عام 1936، وهجم الثوار على مستعمرة كفر عصيون الإسرائيلية، انطلقت أغنية رددها الناس:
«على كفار عصيون صار المنادي
يوم عبوس يوم شر واستطاره
حسين عمر بنتخي مثل زيدان
صبيان لعب اليوم عجَّ الغبارة
والحاج ناجي بنتخي أول القوم
يوم عبوس يوم هذا النهاره».
وعندما انطلقت الثورة المسلحة عام 1965 رافقتها الأغاني الشعبية، فى مقدمتها أغنية «العاصفة»، التي تبدأ قائلة: «باسم الله باسم الفتح.. باسم الثورة الشعبية باسم الدم باسم الجرح.. اللى بينزف حرية».
وكذلك قصيدة «بلادي»، ومطلعها: «بلادي بلادي بلادي.. فتح ثورة على الأعادي»، وأغنية «طريق العزة»، التي تبدأ: «أنا كسرت القيد قيد مذلتي.. وسحقت جلادي وصانع نكبتي».
ومع هزيمة 1967، التي زلزلت العرب أجمعين، غنّى الشعب، فى تغلبه على الهزيمة النفسية، الكثير من الأغاني، منها هذه التى تبدأ بـ«طالع لك يا عدوى طالع.. من كل بيت وحارة وشارع»، ومنها أيضاً تلك التى يقول مطلعها: «طل سلاحى من جراحى.. يا ثورتنا طل سلاحىولا يمكن قوة فى الدنيا.. تنزع من إيدى سلاحى».
لكن الفلسطينيون لم يستسلموا للهزيمة، شأنهم شأن المصريين، فخاضوا «معركة الكرامة» عام 1968، التي حقّقوا فيها أول انتصار لهم على الجيش الإسرائيلي، لتُخلّد الأغنية الشعبية بطولتهم، قائلة: «وحدنا الدم يا كرامة.. وحدنا الدم والشمل التم يا كرامة.. والشمل التم فى حبال النار فدائية.. بين الأغوار فدائية عاجبين الأرض العربية.. وحدنا الدم لحرب التحرير الشعبية.. وحدنا الدم».
ومارست المرأة الفلسطينية دورًا مهمًا في مسار الغناء الشعبي، لتشجع المقاومين على مواصلة العمل، مثل هذه الأغنية التي تقول:
«هالفدائي يا محلاه
دخلك ياما اعطيني إياه
في أيدي باروده
وفي أيده باروده
وع الحدود أنا وياه».
أو تلك التي تقول:
«بإيدي رشاشي.. فرشتي ولحافي
وأرضنا المحتلة.. ما بترجع بلاشي».
وفي مسار الكفاح المسلح يغني الفلسطينيون أيضًا:
«والله لأحمل ديكتريوف.. وقلوبنا ما تحمل خوف
تحت حماية جرينوف.. ما بنهاب الطيارة
ولا بنخاف الفارة.. وإن متنا مش خسارة
هذه ثورة شعبية».
أو تلك الأغنية التي تشد على يد أم الشهيد، وتربط على قلبها، فتقول:
«يا أم الشهيد وقدمني للثورة ولادك.. إحنا ولادك يامَّا وإحنا رجالك».
وتعتمد الهتافات التي تعلو في المظاهرات والاحتجاجات الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي على الأغاني الشعبية ومختلف أنواعها، بحيث تتحول المظاهرة إلى ما يشبه الزفة، لنجد أغاني من قبيل: «يا صهيوني صبرك صبرك/ في رام الله نحفر قبرك، ويا أمتنا الوطنية/ بدنا أكثر جدية، وجابوا الشهيد جابوه/ وبعلم الثورة لفوه/ أنا أمه/ يا فرحة أمه في عرسه/ في ليلة دمه/ يا أخوانه للثورة انضموا/ زغرودة ياللا حيوه».