القتل بضمير مرتاح

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

الحرب امتداد للسياسة بوسائل أخرى , هكذا قال القائد والمفكر العسكري البروسي كلاوزفيتز . وإذا نظرنا إلى الحرب الإسرائيلية على غزة فإنها لا تخرج عن مقولة كلاوزفيتز التي صارت منحوتة في الفكر العسكري منذ حوالي مائتي سنة . إسرائيل تقتل في غزة وتدمر كل ما فيها من منشآت ومرافق لكي تصل إلى أهداف سياسية . لكن المفترض أن نتائج الحرب تصل إلى السلام , فهل تريد إسرائيل السلام حقيقة ؟ . المؤكد لا , فالسلام ليس في مصلحة إسرائيل ولا يناسب بأي شكل أهدافها . السلام يحرم إسرائيل من العدو الذي تتسلح من أجل محاربته والانتصار عليه , لذلك فإن أكبر هزيمة لها حرمانها من العدو وهذا الحرمان سيجعلها تعيش في مجالها المحدد ولا يسمح لها بالتمدد والتوسع والانتشار .

لذلك تسعى إسرائيل كدولة احتلال استعمارية إلى البحث عن ذرائع لمواصلة الحرب والتوسع وقتل الخاضعين للاحتلال , لأنها تدرك بشكل مؤكد أن الاحتلال ادعاء تاريخيا وثقافيا . وهي كدولة  احتلال تشعر دائما أنها في حرب خفية مع الشعب الأصلي في فلسطين وعليها أن تبرهن على قوتها باستمرار ولذلك , فكل عنف يصدر عنها مشروع في نظرها بل واجب تجاه البربريين الخاضعين للاحتلال أو كما وصفهم وزير الدفاع الصهيوني إبان الأيام الأولى لطوفان الأقصى بأن – الفلسطينيين – حيوانات بشرية , كما أن أي عنف أو مقاومة تصدر من جانب المقاومين يعتبره المحتل إرهابا يتم تحقيره , لذلك فإن استخدام القوة العسكرية أمر مبرر ويتم إعطاء المقاوم صفة العسكرية حتى يمكن قتله بضمير مرتاح .

إن إسرائيل ترفض أي مقاومة من الشعب الفلسطيني الذي تمثله في غزة حماس التي انتخبت في انتخابات غير مزورة وراقبها غربيون أقروا بسلامتها , لكن الجميع يصنفها منظمة إرهابية لأنها ترفض الاعتراف بإسرائيل وتقاوم من أجل تحرير وطنها , في نفس الوقت فإن الأنظمة الغربية وعلى رأسها أمريكا على علاقة قوية للغاية بالحكومة الإسرائيلية التي تدمر غزة وتقتل الفلسطينيين في الضفة وتواصل الاستيطان وتضرب بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن . كما أن الحكومة الإسرائيلية تضم وزراء يمكن لأقوالهم وتصريحاتهم العنصرية أن تدان في محاكم غربية – فرنسا على سبيل المثال – لو قدموا للمحاكمة .

علينا أن نتيقن من أن الانتخابات القانونية والديمقراطية الحقيقية في عرف الغرب هي التي تنتج أنظمة موالية للغرب . وعلينا أن نكون على يقين بأن الاستعمار لن يترك ما تحت يده وأنه يقتل الشعب الفلسطيني بدون ذرة مشاعر وبدون أي تأنيب للضمير , ولن يكون هناك سلام بدون استرداد ما أخذ بالقوة بذات الطريقة أي بالقوة .