التهجير.. هكذا أعادت مصر بناء قوتها الشاملة في 10 سنوات!
هل تمتلك مصر أوراقاً أخرى تمكنها من استمرار صمودها لمواجهة مخطط التهجير؟! هكذا تساءلنا فى ختام مقال الأمس.. وربما استعدت مصر مبكراً وقبل أكثر من عشر سنوات لمثل ذلك.. ووضعت عملياً الإجابة عنه.. ليس بالضرورة رداً على مؤامرة التهجير، وإنما فى الطريق لبناء بلد حديث مستقل يعيد بناء أركان الدولة بالكامل ويربط مفاصلها ببعضها ويعيد إليها توازنها.
ولم تعد المناورات مع طرف واحد، بل مع دول عديدة بالعالم، منها روسيا وفرنسا وعدد من دول حوض البحر المتوسط، فى حين تتنوع المناورات فى البحر الأحمر بشكل متعدد مع الدول العربية المطلة عليه السعودية والأردن والسودان والصومال وجيبوتى، ومع السعودية بشكل ثنائى بحرياً وجوياً وبرياً!
كان الطريق إلى ذلك يبدأ -فى زاوية منه- بإعادة هندسة علاقات مصر الخارجية.. لم يكن استمرار ربطها وربط اقتصادها وتسليحها وقطع غيار تسليحها بجهة واحدة ممكناً.. كانت إعادة التوازن لعلاقات مصر الخارجية أمراً حتمياً.. بدأه الرئيس عبدالفتاح السيسى حتى قبل أن يتولى المسئولية رسمياً فى 2014، والعالم يتذكر زيارته لروسيا لتبدأ مسيرة التنويع الحقيقى لمصادر السلاح لتستقبل مصر طائرات حربية ومنظومات دفاع جوى روسى، فضلاً عن غواصات ألمانية وقطع بحرية إيطالية وكورية وطائرات فرنسية وحاملتى مروحيات فرنسية أيضاً مع بقاء كل التعاون السابق مع دول أخرى كالولايات المتحدة وبريطانيا كما هو..
وفى الاقتصاد والتعاون الدولى تنوعت مسارات التعاون فى مجال الطاقة واستكشافها، فكانت «إينى» الإيطالية و«روسنفت» الروسية وغيرهما من الشركات.. ودخلت الصين على خط العمل بالعاصمة الإدارية وفى مشروعات الجر الكهربائى، فى حين شيدت ألمانيا محطات الكهرباء، وانطلقت روسيا فى تشييد المحطة النووية بشمال مصر وفى شرقها بالمدينة الصناعية بقناة السويس، فى حين بقى التعاون السابق مع باقى دول العالم كما هو!
انضمت مصر إلى «بريكس» وزاد تعاونها البينى مع دول المجموعة بتبادل تجارى تجاوز الـ30 مليار دولار فى الأشهر الثمانية الأولى للعام الماضى موزعة على الصين فى الصدارة ثم روسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، فى حين بلغ التبادل التجارى رقماً شبيهاً يزيد على الـ30 مليار يورو مع الاتحاد الأوروبى الذى وقّع أيضاً مع مصر بروتوكولات تعاون عديدة للحكومات وللقطاع الخاص بدوله!
وكذلك زاد التبادل التجارى مع الدول الأفريقية ويقترب من الـ10 مليارات دولار، ويتجاوز الـ60 مليار دولار مع دول مجموعة الـ20!
أما التعاون المصرى العربى فبلغ حداً غير مسبوق على صعيد التبادل التجارى الذى يقترب أو حتى يتجاوز رقم التبادل مع أوروبا، فضلاً عن حجم الاستثمارات المتصاعد وكذلك تحويلات المصريين من البلاد العربية الشقيقة الذى يقدر وحده بأكثر من نصف أو حتى يقترب من ثلثى إجمالى تحويلات المصريين بالخارج كله!
كل ما سبق عناوين دون تفاصيل.. والتفاصيل كثيرة.
الخلاصة: العلاقات مع الولايات المتحدة بعيداً عن قضية التهجير قوية ومستقرة وتشمل كافة النواحى.. لكنها لم تعد وحدها كما كانت، إنما نوعت مصر منذ 2014 علاقاتها كلها مع دول العالم كله، ولم تعد تضع «البيض كله فى سلة واحدة» كما يقولون، وبالتالى اعتبارها بلداً مهماً للاستقرار فى المنطقة وبوابة لأفريقيا والشقيقة الكبرى للدول العربية.. بها قناة السويس ومنها تعبر تجارة العالم.. تستضيف رصيداً كبيراً من ضحايا الصراعات الدولية، وهى صمام الأمن والأمان للمنطقة وللوطن العربى، كلها مقولات ومعادلات صحيحة، وفكرة انهيارها من أى ارتباك محتمل مع أى طرف فى العالم غير صحيحة! ولن تحدث!
ويبقى السؤال: ماذا عن الأوراق بين الأطراف الأخرى؟!
المقال القادم نقول.