عوامل القوة المصرية لإسقاط مخطط التهجير!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

هذا هو السؤال الرئيسي على لسان كل المصريين والعرب منذ إعلان ترامب عن خطته التي تقضى بتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم أو انتظار الجحيم عليها!

والسؤال كالانفجار النووي ينشطر فور طرحه إلى عشرات الأسئلة الأخرى من نوعية: ما الذي تملكه مصر للصمود؟!

ما الأوراق التي بيد الرئيس عبدالفتاح السيسي المؤتمن على البلاد والعباد؟! وإلى متى يمكنها ويمكنه ذلك؟ وما الذي تمتلكه الولايات المتحدة من أوراق ضغط؟! وما السقف الذي يمكن أن تصل إليه الولايات المتحدة في سبيل تحقيق خطة رئيسها؟! وهكذا.

وللحق -والحق نقول- فقد مرت مصر منذ ثورة 2013 ومرّ الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصياً بأكثر من اختبار ونجحت فيها مصر ونجح فيها.. كان استرجاعها يكفي للإجابة عن الأسئلة حتى لو بدت الظروف مختلفة.. لكنها تبقى مختلفة في الدرجة وليس في النوع.

ولأن علينا المساعدة في إنعاش الذاكرة السياسية واستنفار الذاكرة الشعبية نروي القصة من بدايتها.. بتبسيط نتمناه حتى يقف رجل الشارع مع منتسبي النخبة على ذات الدرجة.. فعلى أرض مصر ومن خارجها حاول السيناتور جون ماكين إنقاذ عصابة الإخوان.. فلا أنقذهم ولا استمع له أحد.

ومن عند جون ماكين في 2013 حدثت مشكلة في تسلم مصر بعض المروحيات التي احتجناها بشدة عند الحرب على الإرهاب.. وبالتوالي حدث الأمر نفسه مع قطع غيار طائرات مهمة.. وتزامن ذلك وسبق وأعقب في نفس الوقت الحديث عن منع وحجب وتخفيض المساعدات الأمريكية لمصر أو الاستقطاع منها.

وحتى اللحظة لم يصدر أي تصريح رسمي مصري واحد يستجدي أو يستعطف أو يطلب من أي مسؤول أمريكي ولا أي جهة أمريكية السماح بالأولى أو تسهيل الثانية أو التغاضي عن الثالثة! بل حدث ما يضع الكبرياء المصري في أعلى عليين.. حيث كانت الصفقات البديلة بأكثر من طراز وكله يعمل وكله يؤدي مهامه وكله في الخدمة الآن داخل مصر!

ومع احترامنا لكل الأسماء التي لعبت دوراً في خدمة بلادنا وشعبها منذ خلع جماعة الإخوان وإبعادها عن السلطة وعن الفعل العنيف والسياسي داخل مصر، لكن الحقيقة تقتضي القول إن الرئيس السيسي هو من قاد البلاد في ظروف أشد قسوة كانت فيها مصر خارج الاتحاد الإفريقي وهي من أسسته والتوصيفات تتدفق على مصر تعتبر ما جرى من ثورة شعبية انقلاباً عسكرياً وما ترتب عليه من عقوبات وتلويح بعقوبات إلخ إلخ.

وبعد فترة وجيزة كنا نترأس الاتحاد الإفريقي وأعضاء غير دائمين بمجلس الأمن ثم انطلقنا إلى أدوارنا التاريخية التي تعطلت طويلاً مع أمتنا العربية ومع مساحات الأمن القومي والمصالح المصرية الممتدة بامتداد القارة الأفريقية!

وبوتيرة متسارعة تعوض الأمة العربية ما فاتها وقد تغيرت الظروف عكسياً، حيث حل غيرنا محلنا والبعض منا تتعارض مصالحه معنا ويستحيل اجتماعها ولا اتفاقها.. ومع ذلك في سنوات قليلة حققنا حضوراً واسعاً يمتد عبر القارة كلها وهو ما يحتاج إلى حديث مستقل!

المقصود: في ظروف تشوهت فيها -وبفعل فاعلين- ثورة شعبنا ضد عصابة تسللت إلى السلطة في ظروف مرتبكة وعبرناها أيضاً.. بل وأضفنا مساحات جديدة لأمننا القومي.. فلم يعد الدعم العربي وحده.. هناك أصدقاء في كل مكان ومصالح اشتبكت مع قوى دولية أخرى!

اليوم.. ونحن أمام قضية عادلة.. تقف فيها مصر ومعها الأشقاء العرب.. ومعها إفريقيا.. ومعها -معنا- الدول الإسلامية.. ومعها أوروبا التي رفضت التهجير علناً بصوت عالٍ وبعضها بصوت حاد.. وأصوات من كل أنحاء العالم من أمريكا اللاتينية إلى حدود الولايات المتحدة نفسها!

وضع ذلك مع ظروف ذاتية أخرى على رأسها هذا الاصطفاف الوطني الشعبي الهائل من الشعب المصري الذى يجد نفسه في الملمات الكبرى والأمثلة في التاريخ عديدة من التنادي لصد التتار إلى الاستدعاء التاريخي لصد العدوان الثلاثي وصولاً إلى 30 يونيو.

وقد نجح الشعب في اختبار الأيام الماضية.. ويقفون -من الآن- خلف رئيسهم وبما لم يسبق له مثيل إلا في الثورة على الجماعة، وخلفهم الشعب العربي كله الذي يقف كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ترصده وسائل قياس الرأي العام الحديثة من التواصل الاجتماعي إلى مئات فيديوهات التضامن من البحرين إلى المغرب وبصورة لم تحدث منذ حرب أكتوبر المجيدة!

هل من عناصر قوة مصرية أخرى؟!

نعم.. وبخلاف البعد الأخلاقي وكذلك البعد القانوني لكننا نتوقف عند الدعم الشعبي.. فليس المقصود دعم الناس لبلدهم واستعدادهم لحمايتها بكل الصور فقط.. إنما قبل ذلك هو قدرة هؤلاء على تقبل أي صعوبات ستواجههم في سبيل كرامتهم الوطنية. بل أكثر من ذلك.

سيكون الأمر عندئذ قرارهم هم وسيتحملون أي ظروف وسيقبلون بأي تحديات وسيوافقون على أي ثمن إلا كرامتهم وأرضهم..

هل هناك أوراق أخرى؟

وماذا عن الأوراق الأمريكية؟!

غداً نكمل..