لماذا أصدرت إسرائيل حكما بإعدام أم كلثوم؟
رغم مرور نصف قرن على رحيل كوكب الشرق سيدة الغناء العربي أم كلثوم، فإنها ما زالت تتربع على عرش الطرب والغناء وتستحوذ على قلوب وعقول الجميع بمن فيهم الكثير من الشباب من الأجيال الذين لم يعاصروها.
منذ يومين، تلقيت دعوة كريمة من الأخ والصديق الكاتب الصحفي طارق الطاهر، الكاتب الصحفي بالأخبار ومدير متحف نجيب محفوظ لحضور الاحتفالية التي نظمها المتحف لإحياء ذكرى رحيل كوكب الشرق أم كلثوم قيثارة الغناء بمشاركة عدد من رموز الفكر والأدب والإعلام، على رأسهم الكاتب الصحفي الدكتور أسامة السعيد، رئيس تحرير الأخبار والكاتب الصحفي رفعت رشاد مدير عام مؤسسة أخبار اليوم والكاتب الصحفي علاء عبدالهادي، رئيس تحرير أخبار الأدب السابق.. استمتعت بمشاهدة عدد كبير من الصور النادرة وقصاصات الصحف التي يوثقها معرض الصور وتسرد مقتطفات من سيرة سيدة الغناء العربي ورصد مشوارها الطويل، من خلال مجموعة من أبرز ما نشرته الصحف عنها وما كتبه عنها نخبة من أبرز الصحفيين في ذلك الوقت، مثل مصطفي أمين، ورجاء النقاش، ووجدي رياض.. قرأت ما نشرته الصحف عن زواج أم كلثوم من الدكتور حسن الحفناوي عام 1954.
وأثناء تجولي في معرض الصور وقعت عيناي على قصاصة لخبر نشرته صحيفة البلاغ المصرية في السادس من يوليو من عام 1949 بصدور حكم من محكمة الجنايات الإسرائيلية بالإعدام شنقاً على أم كلثوم بعد أن اتهمتها السلطات الإسرائيلية بتحريض الشعوب العربية ضد الكيان الصهيوني ودولة الاحتلال.. وقال راديو إسرائيل إن الحكم يعبر عن مدى الغضب والسخط من الحكومة الإسرائيلية تجاه كوكب الشرق أم كلثوم عقب حرب فلسطين عام 1948.
وشمل الحكم أيضاً الإعدام لمطربتين أخريين هما المطربة سليمة باشا والسيدة سهام رفقي.
جُن جنون إسرائيل لدور أم كلثوم الوطني في المجهود الحربى، حيث أقامت العديد من الحفلات الغنائية في فلسطين وحفلات للجنود الفلسطينيين والقوات العربية المشاركة في الحرب وطافت كل الدول العربية.. وقد استفزت جملة في إحدى أغنياتها هي: «تؤخذ الدنيا غلاباً» الحكومة الإسرائيلية وأغضبت الإسرائيليين واتهموا أم كلثوم بتحريض الشعب العربي على قتال الصهاينة.
وبعد توقيع اتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر وإسرائيل في يوليو من عام 1949 بمدينة رودس اليونانية، أعلن راديو إسرائيل في ذلك الوقت إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق أم كلثوم وبدأ في إذاعة أغانيها ووصفها راديو إسرائيل في ذلك الوقت بأنها من أعظم المطربات وبدأت الإذاعة الإسرائيلية بث أغانيها لمدة ساعة كل يوم سبت يوم العطلة الرسمية في إسرائيل.
عقب الجولة، أقام متحف نجيب محفوظ ندوة حول العدد الخاص من مجلة «الثقافة الجديدة» الصادر بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق بعنوان: «أم كلثوم.. بهجة الدنيا» أدارتها الزميلة الكاتبة الصحفية النابهة عائشة المراغي، نائب رئيس تحرير المجلة، تحدث فيها رموز الفكر والثقافة والفن.
لقد بذل زميلي الكاتب الصحفي طارق الطاهر جهوداً كبيرة في جمع الوثائق الصحفية عن أم كلثوم خاصة كواليس حصولها على جائزة الدولة التقديرية عام 1968 بـ28 صوتاً من 35 متسائلاً عن سبب امتناع 7 عن التصويت لها.. كما ربط بين زواجها من د. حسن الحفناوي وزواج نجيب محفوظ سراً عام 1954 ومن اكتشافاته عثوره على قصاصة لكاتب بريطاني تبرع للمجهود الحربي عن طريق أم كلثوم عام 1968 ليتضح لاحقاً أنه مترجم نجيب محفوظ وأحد الرحالة المعجبين بالثقافة العربية.