مصر لن تشارك الظلم

أفضل ما قاله الرئيس السيسي: «الرأي العام المصري والعربي والعالمي يرى أن هناك ظلما تاريخيا وقع على الشعب الفلسطيني طوال 70 عاما ومصر لن تشارك فيه، وحل الأزمة يكمن في حل الدولتين، وليس في تهجير الشعب الفلسطيني من بلاده»، وكرر: «ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني من مكانه هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه»، كلمات واضحة وصريحة وقوية، لن نرضخ أبدا لترهات «ترامب»، مصر كبيرة دوما لا ترهبها ترهات «ترامب» ولا غيره، وقد أثنت «حماس» على الموقف المصري الصلب في رفض التهجير القسري.

محاولات تهجير الفلسطينيين ليست جديدة، فقد نشر أ/ جمال أمين همام، في صفحته، أنّ جريدة الدستور الأردنية نشرت قبل قرابة 55 عاما من الآن عنوانا رئيسيا يقول: «بدء تفريغ قطاع غزة من السكان»، وما زال أهل غزة في وطنهم وعلى أرضهم رغم مرور 55 عاما على هذه الخطط الجهنمية الصهيونية، ويرى أ/ جمال همام أنّ هوجة «ترامب» سوف تمر كما مرت الهوجات المجنونة السابقة، شريطة تمسك الفلسطينيين بأرضهم ورفض دول الجوار وبقية الدول العربية تمرير هذا المخطط المشؤوم.

خطاب «ترامب» عن مصر والأردن وضرورة تهجير بعض أهل غزة إليهم وحّد المصريين خلف قيادتهم، كما لم يسبق من قبل، «ترامب» لم يعرف مصر من قبل، فهي ليست كغيرها، فقد قاومت من قبل مئات الضغوط الأمريكية أيام ناصر والسادات ومبارك وستظل كذلك، وقد تحدى ناصر أمريكا مرارا دون خوف أو وجل، ودفع ضريبة غالية لذلك، وتحدى الحلف الثلاثي الشرير وقتها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، «ترامب» لم يفهم بعد أن مصر من الدول الراسخة التي لا تهتز بترهاته الهوجاء، هدد كندا فلم تلتفت إليه، وهدد المكسيك فلم تأبه به، وهدد كولومبيا فاحتقرته، وقال وزير خارجية بريطانيا علنا لكندا: لا تأخذوا كلام «ترامب» على محمل الجد، وهدد بنما فسخرت من تهديده وتحدته، ويبدو أن العالم سيظل أربع سنوات يعيش على ابتزاز «ترامب» وجنونه.

أفضل ما قاله الرئيس الأمريكي بعد تنصيبه «ستصبح السياسة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية أن هناك نوعين فقط من الجنس البشري الرجال والنساء»، وبهذا ألغى «ترامب» قانونيا كابوسا كان يهدد العمران البشري كله وهو المثلية الجنسية والجنس الثالث «الشاذ»، فالمثلية والجنس الثالث وزواج المثليين كان أكبر كابوس يهدد الحضارة الغربية.

حاول «ترامب» لطم كولومبيا، ولكن رئيسها وجّه له لطمة قوية، فقد رفض استقبال الطائرة الأمريكية لترحيل المهاجرين الكولومبيين، وأرسل طائرة الرئاسة الكولومبية لإحضارهم، ووصف سياسات «ترامب» بالهمجية والسلبية، وانتقد مشروعه الإمبريالي، وأمر بعدم استيراد المحاصيل الزراعية من أمريكا، وكانت كولومبيا من أوائل الدول التي قطعت علاقتها بالكيان الصهيوني لعدوانه على غزة، وكل ما فعله «ترامب» من عقوبات على كولومبيا كان نصرة لإسرائيل، وعقابا لكولومبيا على موقفها القوي ضدها.

أحسنت نيوزيلندا حينما اشترطت لمن تقدم بطلب الهجرة من الإسرائيليين الإجابة عن أسئلة منها: هل خدمت في الجيش الإسرائيلى، هل خدمت في غزة، هل شاركت في جرائم الحرب؟ وذلك ضمن استبيان كبير، تحية لنيوزيلندا التي سبقت غيرها في ملاحقة الجنود الإسرائيليين مجرمي الحرب في كل مكان، السقوط الأخلاقي الإسرائيلي أصبح مدويا ولولا الدعم الأمريكي اللامشروط لانهارت إسرائيل.

اضطر وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي إلى إلغاء زيارته لبروكسل خوفا من ملاحقته كأحد مجرمي الحرب، تحية لكل من يلاحق المسؤولين الإسرائيليين في المحافل القانونية الدولية، خاصة مؤسسة «هند رجب القانونية»، وقد أحسنت بلجيكا حينما أبلغت إسرائيل من قبل أنّه لن تكون للوزير شيكلي حصانة من الاعتقال في عاصمتها بروكسل، الطفلة هند رجب التي سميت الجمعية القانونية باسمها هي الطفلة الفلسطينية التي ظلت تستغيث في سيارة أسرتها عدة ساعات بعد أن قتل معظم أفراد أسرتها في غزة، ولكن الدبابة الإسرائيلية أجهزت عليها.

حمل فلسطيني غزاوي قطته السيامي وهو عائد إلى شمال غزة، قائلا «حملتها معي في رحلتي من شمال غزة إلى جنوبها واليوم أعود بها إلى الشمال مرة أخرى»، وصورت الكاميرات آخر يحمل قطتين قطع بهما نفس الطريق مرتين، شعب قوي أبي صبور مكافح، وفي نفس الوقت رحيم ومحب للحياة أيضا.

بلغ عدد الأيتام فى غزة الآن 33 ألف يتيم بعضهم فقد والديه وبعضهم فقد أحدهما، مأساة كبرى لها ما بعدها.