مغزى حديث «عبد العاطي» عن إعادة إعمار غزة!
تأكيد وزير خارجيتنا بدر عبدالعاطي أنّنا «لدينا رؤية واضحة في إعادة إعمار غزة ولدينا توافق عربي في هذا الشأن ونتحدث مع الأمم المتحدة في هذا الإطار» لا يحمل فقط رسائل لمن يعنيه الأمر أن حوارا مصريا عربيا دوليا قد بدأ، وأنّ توافقا على قيام مصر بهذا الدور لإعادة تأهيل «قطاع غزة» سريعا لاستيعاب أبنائه وتيسير سبل الحياة مجددا بوتيرة سريعة فحسب.. بل تحمل رسالة خاصة للطرف العدواني المجرم أنّ «مصر لا تحتاج إلى إخراج فلسطيني واحد من أرضه للقيام بذلك»، وبالتالي يوجه عبدالعاطي رصاصة جديدة ضد مخطط التهجير تحت أي حجة حتى لو كانت «تعمير القطاع»!
الحديث عن تعمير القطاع يحمل في جوانبه بُعدا معنويا ضروريا يوازن الأمر مع التهديدات المستمرة باستئناف العدوان من العدو الإسرائيلي أو في الخروقات المستمرة للاتفاقات التي يقوم بها.. إذ يشكل ذلك إلحاحا على ضمير العالم من أجل الانتقال إلى ملف أو دائرة العمل من أجل إعمار القطاع!
ولمصر الحق في الحديث عن ذلك وطرحه عربيا ودوليا.. ليس باعتبارها طرفا أصيلا فى الصراع منذ نشأته، ولا لكونها دفعت ثمنا باهظا فيه، ولا لأنها الدولة العربية الأكبر، ولا لحرصها على مصالح أشقائها العرب بشكل دائم ومستمر في أي مكان فوق الأرض العربية من المحيط للخليج، ولا لكونها حاضرة بكل قوة وبكافة مؤسساتها في العدوان الأخير، ولا حتى لقدراتها البشرية المتخصصة، ولا حتى لسابق خبرتها في إعادة الإعمار.. بل لكل ما سبق مجتمعا.
والإعمار الأخير الذي جرى الانتهاء منه قبل عدوان ما بعد 7 أكتوبر كان منحة مصرية خالصة للأشقاء، بدأت بإزالة ركام عدوان 2022 خلال 65 يوما برفع أكثر من 85 ألف متر مكعب منه، وكانت المرحلة الثانية من خلال ستة مشاريع، منها تطوير الواجهة البحرية للكورنيش شمال غزة بطول ثلاثة كيلومترات ونصف الكيلو وعرض أربعين مترا وأطلق عليه الأشقاء «كورنيش مصر» تقديرا لنا، وإنشاء 3 مدن سكنية مصرية وهي «دار مصر 1» في الزهراء، و«دار مصر 2» في جباليا و«دار مصر 3» في بيت لاهيا.. فضلا عن تقاطعات مرورية أخرى في مدينة غزة ومدن أخرى كانت تعاني من الزحام!
لم يتمكن الأشقاء من الاستفادة مما شيدته مصر بكل أسف، إذ عاجلهم العدوان، لكن يؤكد ما جرى حقيقة ثابتة وهي أنّنا مؤهلون لإعادة الإعمار بكل المعاني الممكنة.. من الدور الذي نتبناه ونقوم به عبر التاريخ كله إلى الخبرة العملية على الأرض.