الموت عطشا.. ضريبة تأخر إنشاء ترعة المياه العذبة قبل حفر "القناة"

الموت عطشا.. ضريبة تأخر إنشاء ترعة المياه العذبة قبل حفر "القناة"
"العطش"، المسؤول الأول عن وفاة الكثير من العمال أثناء حفر قناة السويس في العام 1859، بسبب ضعف الحكومة وعجزها عن وضع حلا للأزمة التي ظهرت فجأة، بعدما بدأت شركة القناة في تنفيذ المشروع، نتيجة بدء حفر القناة دون شق ترعة الماء العذب خلافا لما كان مقررا من قبل.
وبعد اختفاء مياه الشرب من ساحات الحفر، حاولت الشركة حل المشكلة وبدأت في نقلها إلى بورسعيد من دمياط في قوارب تارة، ومن الإسكندرية في باخرة تارة أخرى، تبع ذلك استيراد 3 مكثفات تباعا لتحويل ماء البحر إلى ماء مستساغ.
تدخلت الحكومة المصرية لإنقاذ الموقف وإصلاح الخطأ الذي وقعت فيه الشركة، واتخذ تدخلها آنذاك مظهرا ماليا إلى جانب إرسال 3 آلاف عامل لحفر ترعة الماء العذب، حيث بدأوا في حفرها في النصف الثاني من أبريل 1816 من قرية القصاصين.
تبع ذلك، تهذيب مهندسي الحكومة وتعميق مجرى ترعتي الزقازيق والوادي وطولها 45 كيلومترا، لتحقق الشركة أغرضها من استخدام ذلك الطريق المائي، وفتحت هويسا على الترعة في الزقازيق وكوبري عند أبي حماد وآخر عند التل الكبير، فيما كثفت الحكومة المصرية العمل بالسخرة للقيام بتلك الأعمال الإنشائية والإصلاحية وتكفلت جميع النفقات.
وخلال أعمال حفر الترعة، سعى المسؤولون عن القناة لتوفير المياه العذبة للعمال، واعتمدت واحدة من الأفكار على الآبار المتناثرة في الصحراء التي تم نقل الماء منها في براميل على ظهور الجمال لمسافات بعيدة، إلا أن العمال لم يستطعوا انتظار وصول الماء الذي يستغرق وقتا طويلا، فمات الكثير منهم عطشى.
وبعد البدء في أعمال مشروع ترعة الماء العذب، قرر القائمون عليه اختزاله، فبدلا من أن تحفر من القاهرة إلى بحيرة التمساح، تم الحفر من قرية "القصاصين" في مديرية الشرقية لتكون امتدادا لترعتي الزقازيق والوادي، المتصلتين بالقاهرة عن طريق بحر "مويس" وفرع دمياط، وذكر الفرنسي "آهر هو أوليفيه ريت"، أحد رؤساء العمل في شركة القناة، في خطاب بعثه من موقع حفر القناة في النصف الأول من العام 1864 إلى حكومته، على خلفية موت الكثير من العمال المصريين، "أن الحكومة المصرية أرسلت عددا كبيرا من المصريين لحفر ترعة الماء العذب وهم يديرون أعمالهم على أكمل وجه".