لقاء مهم وتعاون مثمر

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

تفتح مصر آفاقا متعددة للتعاون المثمر بين مؤسساتها وهيئاتها المختلفة، وبين المؤسسات والهيئات المعنية، ويأتي التعاون البحثي بين مصر والإمارات الشقيقة ليمثل نموذجا مهما في هذا الإطار، من آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في مجالات الطاقة المتجددة، والأبحاث الطبية والزراعية، والعلوم الاجتماعية كالأبحاث المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، ومجالات التعليم، ومشروعات التبادل الثقافي والديني بين البلدين.

وتأكيدا لهذا التعاون قام وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهري، باستقبال الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، الدكتور محمد عبدالله العلي، في لقاء حضره قيادات الوزارة، والوفد المرافق للدكتور العلي، لبحث آفاق التعاون بين الأوقاف وتريندز، لا سيما أنّ الوزارة والمركز يشتركان في همٍّ واحد، متعلق بالجهود المشتركة لمواجهة الفكر المتطرف، ونشر قيم التسامح والاعتدال.

وفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، والدكتور محمد العلي، يوليان اهتماما شخصيا خاصا بقضية الوعي والمنهج ومواجهة التطرف، والوزارة والمركز يجمعهما التوافق الثقافي والفكري والوطني، واتحاد الأهداف، وتقارب الرؤى، وسهولة التواصل، وكل ذلك يدعو إلى تحويل التعاون إلى واقع ملموس على الأرض.

تعمل وزارة الأوقاف على تنفيذ المحاور الأربعة التي أعلن عنها وزيرها: محور محاربة الإرهاب والتطرف والتكفير الناتج عن خطابات التيارات الإسلامية، ومحور معالجة صور التراجع في القيم السلوكية وانتشار الإلحاد، ومحور بناء الإنسان، ومحور صناعة الحضارة والابتكار، كما أنّ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف يعمل في اتجاهات متعددة لتحقيق هذه الأهداف.

في المقابل، فإنّ «تريندز» يعمل على رصد مشكلات الإرهاب المحلي والموجات المتتالية من الإرهاب المعولم بأنماطه الفكرية وسماته المتطورة، وتحليل الفرص والتحديات على مختلف الأصعدة، الجيوسياسية والاقتصادية والمعرفية، وإيجاد إجابات موضوعية لما تحمله من تساؤلات ممكنة؛ بما يعزز الفهم المتكامل لأبعاد القضايا المطروحة، وبناء شراكات من المركز مع الهيئات المختلفة، لتعزيز الدور العلمي والبحثي العربي والعالمي.

إذن تعاظمت الحاجة للتعاون بين الطرفين، كفرصة لتبادل الخبرات البحثية، وإنتاج الإصدارات المتنوعة التي تدخل في حيز اهتمامهما، لأن تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والمراكز البحثية سوف يسهم في تقديم خطاب متوازن، يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويتماشى مع القيم الإنسانية العالمية، ويزكي دور الأديان في تعزيز السلام والتعايش، علاوة على تبادل الأفكار الجديدة، وتفكيك ظاهرة التطرف واتجاهاتها الفكرية، والوقوف على الأدبيات التي أنتجت التصورات المشوهة والمغلوطة، ليحدث اندماج بين الوزارة والمركز، لتفكيك الجانب الشرعي والفقهي والفكري لجماعات التطرف من جانب العلماء، وتفكيك الجانب الفكري والحركي والسياسي لجماعات التطرف من جانب الخبراء، فيخرج منتجا متكاملا.

وللدكتور أسامة الأزهري أعمال مكتوبة ومرئية في هذا الاتجاه، منها كتابه «الحق المبين في الرَّدِّ على مَنْ تَلاعبَ بالدين.. التيارات المتطرفة من الإخوان إلى داعش في ميزان العلم» ودراسته «المشروع الإسلامي بين الوهم والحقيقة»، ويُعد كتاب «الحق المبين» أول مشروع علمي أزهري جمع على مائدة البحث العلمي والتحرير المعرفي الدقيق، خلاصةَ المقولات والنظريات والأفكار التي بنت عليها التيارات السياسية المنتسبة للإسلام رؤيتها، وفكك -بأناة وتأمل- نظرياتها الرئيسية، كالحاكمية والتمكين وجاهلية المجتمع.

وأما «تريندز» فأصدر عددا كبيرا من الكتب والدراسات، يسهل مطالعتها على موقع المركز، وإنني أشكر القائمين على «تريندز» في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة، لدورهم في التعريف بالمركز ومخرجاته العلمية، وعلى إهدائي كتب ودراسات المركز العام الماضي والحالي، ومنها: سلسلة «اتجاهات حول الإسلام السياسي»، وكتاب «مفهوم الدولة عند جماعة الإخوان»، و«الدائرة المغلقة للإخوان في الغرب»، و«الانشقاقات داخل الإخوان»، وغيرها.