إسرائيل في صحراء كولورادو

راجى عامر

راجى عامر

كاتب صحفي

ارتكبت إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من عام قتلت خلالها عشرات الآلاف من الأبرياء، وأصابت أعدادا أكبر مدمرة في طريقها كافة أشكال الحياة في قطاع غزة بهدف الدفع نحو تهجير الشعب الفلسطيني وصناعة «نكبة» جديدة وسط صمت المجتمع الدولي ودعم مطلق من أمريكا التي أثبتت للجميع أنّ «الرجل الأبيض» يرى العرب «عرقا أدنى» يستحق الإبادة وإعادة تكرار سيناريو المستعمر الأبيض في الأمريكتين مع قبائل السكان الأصليين.

ولكن إرادة الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه رغم المحنة، بجانب الإصرار المصري على رفض سيناريو تهجير الشعب الفلسطيني، كانت نتيجته مشهد عودة الآلاف من النازحين الفلسطينيين من جنوب غزة إلى شمالها.

«المسرحية» لم تُسدل ستائرها بعد، والتحديات لا تزال طويلة لإفشال هذه «الصفقة»، لذلك أعاد «ترامب» الحديث عن التهجير مجددا، وكأن بلفور الذي أعطى (وعد من لا يملك لمن لا يستحق) قد جلس على كرسي البيت الأبيض ليحاول إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد عبر طرح مقترح تهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر والأردن أو إلى ألبانيا أو إندونيسيا، في تصريحات أمريكية «وقحة» تتعامل مع هذا الشعب العظيم الصامد بوصفه «لعبة» تحركها «أمريكا» أينما تشاء.. وطالما يفكر الرئيس الأمريكي في نقل الشعب الفلسطيني إلى دولة من داخل أو خارج الشرق الأوسط، فإنني اقترح عليه أن يفكر في نقل الإسرائيليين إلى الجانب الأمريكي من صحراء كولورادو أو أي منطقة أو ولاية أمريكية يقررها بنفسه لعل هذا يعطي المنطقة السلام الذي فقدته منذ نشأة هذا الكيان «السرطاني»!

ورغم كل هذه المعاناة، فإنّ المتأمل لحال النازحين خلال عودتهم الصعبة سيرا على الأقدام لساعات من الجنوب إلى الشمال يدرك مدى تمسكهم بأرضهم ورغبتهم في عدم مغادرتها، فمن العادي أن تشاهد امرأة مسنة تجلس على كرسي متحرك تحتفل بالعودة إلى أرضها رغم المعاناة والدمار.. فإذا لم يبقَ من البيت إلا الأطلال لكنه يظل المكان الذي نحتمي به، ونتمسك بالأرض لأنها تحمل ذكرياتنا وتراثنا ومقدساتنا التي لن تستطيع آلة الحرب الإجرامية أن تمنعنا عنها.