من الذي انتصر في غزة؟

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

في قلب المعاناة، حيث تلتقي الدماء بالأرض وتختلط الصرخات بالآهات، ينبت أمل لا يموت، وتفوح رائحة العزيمة من بين أنقاض الدمار، انتصرت غزة، وانتصر شعبها المقاوم، رغم القصف الذي دمر البيوت، ورغم التهديدات المتتالية التي استهدفت وجودهم على أرضهم، انتصرت الإرادة الفلسطينية التي لا تلين ولا تنكسر.

كل قطرة دم سُفكت على تراب غزة، وكل جسد شُهد في معركة الحق، لم يكن فقط تأكيدًا على الصمود، بل كان شهادة على أنّ الإرادة الفلسطينية لا تُقهر، ففي كل مرة يتساقط فيها الشهداء، يبعث الأمل من جديد، وتُداس ركام الأرض تحت أقدام الثوار ليعلو صوت الحق والعدل.

استعمل الاحتلال الإسرائيلي آلة الحرب بأقصى قوتها، لكن على الرغم من القنابل التي سقطت، والطائرات التي أغارت على الأحياء، والدمار الذي حل بالبنية التحتية، ظل الشعب الفلسطيني واقفًا، صامدًا في وجه الأعاصير، لن تُسكت المدافع أصوات الحق، ولن يوقف الاحتلال عزيمة الأبطال.

غزة قلب فلسطين، مصدر القوة التي تمد الأرض بالعزيمة. ووسط الحصار والتدمير، أثبتت غزة أنّها أكثر من مجرد نقطة على خريطة؛ هي رمز للصمود والتحدي. وفي كل مرة يقف فيها أبناؤها أمام المحن، يظهر لنا أنهم أقوى من أي قوة غاشمة.

أثبت الشعب الفلسطيني في غزة أنّه لا ولم يتنازل عن حقه في أرضه، قد تدمر الحروب البيوت، لكنها لا تستطيع أن تهدم الروح الفلسطينية، ها هي الحشود الفلسطينية تتدفق نحو أراضيها، وتؤكد تمسكها بوطنها، متحدية كل محاولات التهجير والتشريد.

إن مشهد عودة حشود الفلسطينيين إلى ديارهم سوف يسجله التاريخ في صورة ماجدة خالدة، لأن النصر لا يكون فقط في المعركة العسكرية، بل في كل قلب فلسطيني ينبض بحب الوطن. في أزقة غزة وبلداتها. لا يمكن لأي محتل أن يزيل هذه الصورة من الذاكرة، ولا يمكنه أن يطفئ نار العزيمة التي أشعلها شعب فلسطين في أرضه.

تعود الحشود الفلسطينية اليوم إلى ديارها بعد أن حاول الاحتلال بكل جبروته تهجيرهم وإجبارهم على الرحيل، ولكن فشل الجيش الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة المدمرة وبقيت غزة حصنًا حصينًا أبيًا، وكلما حاول الاحتلال دفع الشعب الفلسطيني بعيدًا، زادت عزيمتهم وتمسكهم بأرضهم.

لم تكن غزة وحدها في هذه المعركة، ساندها كل فلسطيني، وكل صوت في العالم يطالب بالعدالة. كان النضال الفلسطيني مشتركًا بين الأجيال، وأثبتت غزة للعالم أنّ الشعب الفلسطيني لا يستسلم مهما كانت الظروف. كانت الإرادة الفلسطينية أقوى سلاح في هذه المعركة.

في أوقات المحن، تولد البطولات. وفي ظل الدمار، يزهر الأمل. ما حدث في غزة كان درسًا للعالم في الصمود والمقاومة. لقد كتب الفلسطينيون تاريخًا جديدًا لا ينسى، تاريخًا مليئًا بالعزيمة والإصرار، تاريخًا لا تكتب فصوله بالدم فقط، بل بالكرامة.

كانت المقاومة الفلسطينية في غزة نموذجًا مشرفًا للثبات على المواقف. لم يكن سلاحها الحديد والنار، بل كان إرادة الشعب في مواجهة الاحتلال. هذا الشعب الذي اختار أن يقاوم بالحجر والدم والكلمة، أظهر للجميع أن المقاومة هي الطريق الوحيد للحرية.

من لم يرَ النصر في غزة، فإنّه لم يرَ شيئًا بعد، غزة انتصرت، ليس فقط في أرض المعركة، ولكن في قلب كل فلسطيني، وفي عقل كل محب للعدالة، سقطت قذائف الاحتلال، ولكن صمود غزة كان أقوى من أي انفجار، انتصر الفلسطينيون في الحرب على أنفسهم، وانتصروا في المعركة من أجل حقهم في العيش بكرامة.

إن النصر الفلسطيني في غزة لا يتمثل في تراب الأرض أو في حصار أو قصف، بل في الإرادة التي لم تكسرها كل أسلحة العالم. الشعب الفلسطيني أثبت في غزة أنه لا يمكن لأي قوة أن تقتلع جذوره من أرضه، وأن عزيمته أكبر من كل التحديات، غزة انتصرت، وفلسطين ستظل حرة، شاء الاحتلال أم أبى.