التعمير.. معجزة غزة الجديدة!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

رغم الألم، رغم الوجع، رغم الحزن على رحيل الأهل والأحباب وبهذه الأعداد التي نعرفها ولم تعرفها البشرية من قبل، رغم الدمار الشامل في كل مكان وفي كل المدن والقرى والأحياء، بالرغم من الدمار في كل شارع وكل متر وكل شبر، بالرغم من كل هذه الجراح الغائرة في قلوب كل فلسطيني، كل مصري، كل عربي.

في قلوب كل أحرار العالم، نقول بالرغم من كل ذلك وغيره يتجدد اليوم الأمل في عودة الحياة إلى طبيعتها للشعب الفلسطيني الشقيق، آن الأوان ليلملم جراحه ويجفف دموعه ويصلي صلاة الغائب على الشهداء والابتهال إلى الله بشفاء الجرحى وأن يربط رب العالمين على قلوب الأمهات والآباء وأسر الضحايا، ليبدأ بعدها على الفور في إعادة البناء التي ستستغرق وقتًا طويلا يحتاج إلى كل جهد وكل فرد وكل قادر على العطاء وعلى العمل.

غزة اليوم تحتاج إلى الجميع، الجميع في العالم والجميع في غزة، أن تبدأ في أرض الصمود صفحة جديدة، تبدأ بطي صفحة ما جرى، سيبقى الشهداء في القلب، لكن من أجلهم ومن أجل ما ذهبوا فداء له يجب أن يعود القطاع كما كان ويبدأ مسار بناء دولة فلسطينية مستقلة، لكي يقف القطاع على قدميه كما كان!

مصر من جهتها ستقود عملية الإعمار، ليس لسابق خبرتها فقط، وهي كبيرة، وإعادة الإعمار السابقة تشهد، حيث شيدت مصر في العدوان قبل الأخير على غزة ثلاث مدن بالقطاع هي دار مصر 1 ودار مصر 2 ودار مصر 3 في الزهراء وجباليا وبيت لاهيا، وكذلك شيدت جسورًا مرورية في الشجاعية والسرايا، فضلًا عن ضبط التقاطعات المرورية داخل مدينة غزة ومعها كورنيش غزة الذي أطلق عليه الأشقاء «كورنيش مصر» تقديرًا منهم للدور المصري، نقول: ليس لذلك فقط وإنما للقدرة المصرية على حشد دول العالم في الاتجاه المطلوب.

سبق وأشرفت مصر على مؤتمرات مماثلة، وهو ما نتصور أنّه سيتم بسرعة كبيرة لإقرار أمر واقع داخل القطاع وخارجه يقضي ببدء فعلي في إعادة التعمير الذي يحتاج إلى دور دولي للتبرع سواء من الدول أو المنظمات، بل وحتى الجمعيات والأفراد، فالمبالغ المطلوبة طائلة ولن تتيسر أو تتوفر بسرعة ولا بسهولة!

مصر تمتلك الإمكانيات التي تيسر لها ذلك، ولديها من أبناء غزة أيدٍ عاملة تعاني البطالة بنسب مزعجة جدًا تتجاوز الـ85%، ومهمة إدخال المساعدات الإنسانية تتم بالفعل ليحصل الأشقاء على حقوقهم الطبيعية من المأكل والمشرب والدواء والكساء والمأوى العاجل بأي صورة من الصور لتدخل الطمأنينة إلى قلوب الناس هناك بعد فزع ورعب استمر طويلًا، عندئذ سيكون أبناء غزة قادرين على الحركة والعمل والفعل على الأرض!

حان وقت العمل وتعويض ما فات، وما فات كثير، حان وقت تعويض ما خسرناه، وما خسرناه باهظ جدًا جدًا، لكن شعب الجبارين قادر على تحقيق المستحيل، معجزة جديدة ستبني غزة من جديد وبأسرع مما نتخيل!