مدرسة «ولاد الذوات»
وسائل التواصل الاجتماعي ضجت الأيام الماضية بالحديث عن واقعة اعتداء فتيات بالضرب على زميلتهن في مدرسة دولية بالتجمع في القاهرة، تُصنف ضمن «مدارس أولاد الذوات» نظرًا لارتفاع مصاريفها الدراسية.
مقاربات عديدة تحدث عنها جمهور هذه المواقع، ولكن من ضمن كل ما قيل حول الواقعة فقد أثار انتباهي أن البعض أوجد رابطًا يخالف المنطق تمامًا، حينما جمعوا بين ارتفاع المستوى المادي وسوء التربية في جملة واحدة، وكأنّ أي مقتدر ماليًا استطاع توفير فرصة تعليمية لأطفاله داخل مدرسة دولية أو خاصة هو بالضرورة عاجز عن تربيتهم، مع توزيع الاتهامات المسبقة على طلاب وطالبات هذه المدارس بسوء الخلق وعدم الانضباط!
ابتكر أصحاب هذا الطرح الخاطئ علاقة طردية تخيلية بين «حسن التغذية» و«سوء التربية» ربما يكون مصدرها الوحيد هو مشاهدة أفلام الأبيض والأسود حينما يكون الغني عادة هو الشرير بينما الفقير هو الطيب حسن الخلق!
لا يوجد رابط بين المستوى المادي والأخلاقي.. فقراء أو أثرياء يستطيعون تقديم التربية السليمة لأبنائهم طالما هناك منظومة قيم وأخلاق استطاع أن يمررها الآباء لأبنائهم، فهي «قيم» لا ترتبط بالحساب البنكي و«الآي سكور» إنما ترديد البعض لهذا الرابط بوصفه الحقيقة المطلقة يجعلك تتساءل عن «الآي كيو» الخاص بأصحابه!
أما قرار وزارة التربية والتعليم بوضع المدرسة تحت الإشراف المادي والإداري فهو يستحق الوقوف أمامه ليُطرح تساؤل عن مدى جدوى هذا القرار في مواجهة الواقعة، حيث إن إدارة وإشراف الوزارة على المدارس الحكومية التابعة لها لم يمنع حدوث بعض الوقائع المؤسفة و«الخناقات» التي ربما كان بعضها أكثر حدة مما حدث في مدرسة التجمع.
كما أن المتتبع لأخبار الحوادث المرتبطة بالمدارس يستطيع أن يرصد وقائع أخرى عديدة تجعل واقعة التجمع في «حجمها الطبيعي» تحتاج إلى تدخل تربوي حازم ومحاسبة للمخطئين، دونما مغالاة في العقاب أو إصدار قرارات قد تُرضي جمهور السوشيال ميديا لكنها لن تُصلح حال التعليم!