الإخوان.. التاريخ والحاضر الأسود!
إنعاش الذاكرة الشعبية يتطلب جهداً كبيراً.. إعادة المعلومات وتكرارها جزء منها.. ليس فقط من باب «الإلحاح» لكن من فكرة وجود قراء جُدد للمواد الصحفية، ومتابعين جدد للمواد الإعلامية كل حين.. وقد تناولنا أمس بعض -بعض- أدلة نشأة جماعة الإخوان فى كنف المخابرات الغربية، وكيفية انتقال الرعاية من جهاز إلى آخر.
وتوقفنا عند بعض النقاط، رأينا لأهميتها أن نبدأ بها مقال اليوم، ومنها اعترافات ومذكرات وتسريبات الأمريكان والإنجليز أنفسهم مثل «روبرت باير».
وما جاء فى كتابه See No Evil واعترافاته عن محاولات المخابرات الأمريكية لاغتيال الزعيم جمال عبدالناصر كُلفت بها جماعة «الإخوان»، وكتاب مسجد فى ميونخ لـ«إيان جونسون» وكتاب «إرث من الرماد: تاريخ السى آى إيه» لـ«تيم وينر».
وكذلك التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين لـ«مارك كورتيس»، وقد ترجمه الباحث المصرى كمال السيد، للمركز القومى المصرى للترجمة والنشر عام 2012، وغيرها من عشرات الكتب والدراسات والاعترافات.. كان منها بمقال الأمس للتذكرة التى تنفع المؤمنين استقبال أيزنهاور بشخصه لسعيد رمضان، زوج ابنة حسن البنا وسكرتيره الشخصى حتى رحيله.. حيث استقبله بالبيت الأبيض، وهو فى أوائل الثلاثينات من عمره، لكنه كان يعنى الجماعة التى يمثلها!
ومن تلك الأدلة ما أذاعته ونشرته هيئة الـ«بى بى سى» فى أكتوبر 2019 عن توظيف المخابرات البريطانية للجماعة فى عدد من الأزمات بالمنطقة ضد مصر فى الستينات!
ولذلك كان للجماعة منذ نشأتها وبداية حركتها بالبلاد أدوار مشبوهة منذ تأسيسها فى الإسماعيلية تحديداً، والتى كانت مقراً تاريخياً لمقاومة الاحتلال البريطانى ضد مصر، وهو عمل وطنى لا يعرفه إلا أبناء الوطن الواحد دون تفرقة بسبب الدين، التى تؤدى إلى التشويش على ذلك بعمل يبعد الناس ويشغلهم عن مقاومة المحتل.
ومع ذلك بقيت الإسماعيلية مقراً لهذا النضال حتى بلغ ذروته فى يناير ١٩٥٢ بمعركة الإسماعيلية الشهيرة والعدوان الإنجليزى على قوات الشرطة، والذى تحول إلى عيد للشرطة.. بينما كانت دعوة الجماعة لأعضائها بالاعتكاف وتلاوة القرآن.. بل وما نعرفه من معونة بريطانية للجماعة كانت بمعايير اليوم لا تقل عن عدة ملايين!
بعدها كانت فى لعبة السياسة وفق مصالحها وحدها ومصالح من يوجهها.. فهى مرة مع الملك.. حتى عندما اشتد الخلاف بين الملك ومصطفى النحاس عام ١٩٣٧.. دعمت مظاهرات الوفديين النحاس، فما كانت من الجماعة إلا إثبات الولاء للقصر.. حتى لو على حساب الإرادة الشعبية.. فحين كانت هتافات الوفد «الشعب مع النحاس» هتف الإخوان «والله مع الملك»!! يروى حسن البنا بنفسه فى «مذكرات الدعوة والداعية»، الذى صدر عن دار الشباب، فخوراً بسقوط النحاس فى نهاية الأمر!!
وفى كتاب «المشوار» الصادر فى ٢٠٠٨ عن دار «مدبولى»، والذى يروى سيرة الطلبة اليساريين فى الحركة الوطنية المصرية بالأربعينات ضد الاحتلال والقصر وفساد الأحزاب يروى القيادى اليسارى فخرى لبيب فى موقف يعكس انتهازية الإخوان وخيانتهم للحركة الطلابية آنذاك.
فيقول: فعندما أراد «إسماعيل صدقى» عدو الحركة الوطنية -كان لقبه عدو الشعب- ضرب اللجنة العليا للطلاب والعمال لم يجد حليفاً خيراً من الإخوان الذين صاروا أصدقاء له وللسراى.
وفى زيارة لإسماعيل صدقى للتحدّث مع الطلبة فى الجامعة رحّب به الطالب الإخوانى «مصطفى مؤمن» قائلاً: «واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً»!! ليس فقط استخدام آيات الله فى وصف أحد أكثر رؤساء الحكومات كراهية، وهو ما لا يصح، بل أيضاً فى أسوأ استغلال لجلال الدين العظيم فى السياسة وتوظيفه خدمة للسادة وللمصالح!!
وللحديث بقية.