كاليفورنيا تحولت إلى غزة!
كاليفورنيا أصابها إعصار فيه نار، اشتعلت الغابات التي جفت أشجارها ونخيلها، وهبت رياح ساخنة على غير العادة في هذا التوقيت من العام، فاشتعلت الأشجار وكأنها حطب، زادت سرعة الرياح لتصل إلى 160 كيلومترا/ ساعة، فنقلت الشظايا المحترقة إلى مدينة لوس أنجلوس.
وطالت النيران الصقور والنسور وطارت وهي محترقة وحطت على القصور والبيوت الفارهة، لتشتعل المدينة بالكامل، وأتت على الأخضر والمباني معا، ولم تسمح سرعة الرياح باستخدام الطائرات في الإطفاء، وعجزت إمكانيات الدولة العظمى في إخماد الحرائق التي كانت تنتقل من مكان إلى آخر بنفس سرعة الرياح، مياه الإطفاء نضبت وجفت.
عدد قوات الإطفاء لم يكفِ فاستعانوا بالمساجين ووضعوهم في الصفوف الأولى حتى إذا احترقوا فلن يخسروا شيئا، شركات التأمين ستعلن إفلاسها بعد صرف التعويضات لأصحاب القصور والفيلات، فهذه المنطقة تضم أثرياء العالم، ويقطنها 200 ألف يهودي، ويقطنها أكبر نسبة مثليين لأنها أول ولاية سنت قانونا للاعتراف بهم وحمايتهم، وبها وادي السيليكون الذي يُستخدم في صناعة وتصدير التكنولوجيا للعالم.
الخسائر وصلت إلى الآن 150 مليار دولار في أقل من أسبوع، والرقم قابل للزيادة، والحرائق لم تخمد بعد، ونجاح عمليات الإطفاء لا يتعدى الـ5% طبقا لما أعلنته عمدة لوس أنجلوس ورئيس قوات الإطفاء.
النازحون تجاوزوا الـ150 ألفا، ومثلهم أعد العدة للرحيل قبل أن تصلهم النيران التي لا يعرفون موعدها ولا قوتها ولا من أي اتجاه تأتي، وهواء الولاية أصبح ملوثا وقاتلا، وأمريكا رفعت الراية البيضاء لتعلن عجزها أمام سلاح الطبيعة الفتاك الذي يحاربهم من أمامهم وخلفهم وعن يمينهم وشمالهم ومن فوقهم وتحتهم. ما سطرته ليس شماتة.
ولكنه وصف لما جرى ويحدث في كاليفورنيا، ولن أكون مثل الممثل الأمريكي الشهير الثري «جيمس وودز» الذي يسكن قصرا فارها في لوس أنجلوس عندما كتب عدة تغريدات شامتا في أهل غزة منذ عام وهم يبادون مطالبا بعدم وقف إطلاق النار والقضاء نهائيا على الفلسطينيين.
ثم أتت النيران على قصره فظهر على شاشة (CNN) واضعا يده على رأسه وهو يبكي منهارا لأن قصره أصابه ريح فيه نار فاحترق وأصبح رمادا واستوى بالأرض!
وطبعا لم يجرؤ على اتهام الصواريخ البدائية التي تستخدمها المقاومة ولا حجر ألقاه طفل من غزة.
الرئيس بايدن الذي لم يبقَ على مدته الرئاسية سوى أسبوع وصف الوضع في كاليفورنيا بأنّه كارثي وأنّه أشبه بالجحيم الذي تخلفه الحروب!
وذكرتني كلمة «الجحيم» بالتهديد والوعيد الذي أطلقه ترامب قائلا: سأحول الشرق الأوسط إلى «جحيم» إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين قبل بدء فترته الرئاسية، والتي ستبدأ بعد أسبوع!
الوضع الآن في لوس أنجلوس البالغة مساحتها 1260 كيلومترا مربعا، لا يختلف كثيرا عن الوضع في غزة التي تبلغ مساحتها 360 كيلومترا مربعا، المدينتان الآن أصبحتا ركاما وأطلالا، الأولى بفعل الطبيعة والثانية بفعل إسرائيل والأسلحة الأمريكية.
تشابهت المدينتان في الخراب والدمار والتشرد، الأولى أتت عليها النار في أيام معدودات، والثانية تدكها إسرائيل على مدار 15 شهرا متواصلة.. الأولى هرب منها سكانها وقاطنوها رعبا وخوفا، والثانية ما زال سكانها متمسكين بأرضها ويلتحفون بسمائها.
لكن الأولى تعد أغلى الأراضي في العالم ويسكنها الأثرياء والمشاهير ونجوم السينما وكرة القدم ورجال الأعمال، أما غزة فهي الأفقر عالميا، ويسكنها أشهر مواطني العالم تعرضا للقتل والجوع والعطش والمرض. المثير للدهشة أن أمريكا الآن تعيش في حالة ذهول من هول ما حدث.
وبدأت التكهنات حول سبب ما حدث، حيث ذهب بعض المدونين الأمريكيين إلى أن ما حدث غضب من الله بعد سخرية الكوميدية الأمريكية «نيكي جلاسر» من الله -أستغفر الله العظيم- خلال حفلة الجولدن جلوب المقامة في لوس أنجلوس لتوزيع جوائز على الأعمال السينمائية، والتي أذيعت على الهواء قبل اندلاع الحرائق بأقل من 24 ساعة، حيث قالت إنّ الفائزين قد شكروا في كلماتهم فرق العمل وذويهم وأرجعوا الفضل لهم في نجاحهم، ولم يذكروا الله، إذا فلا وجود لله في مدينتنا؟!.
بينما تبنى البعض نظرية المؤامرة، وقال إن هذه الكوارث بفعل فاعل، وقال آخرون إن التغيرات المناخية هي السبب.. وفي كلتا الحالتين فأمريكا هي المتهم الأول، فإذا كانت بفعل فاعل فإنّ أصابع الاتهام تشير إلى أنّ هناك مخططا لتحويل لوس أنجلوس إلى مدينة ذكية.
وكان لا بد أن تهدم وتبنى من جديد لتنتهي بحلول عام 2028، أو أن هناك من يريد الهيمنة والسيطرة على وادي السيليكون الموجود في الولاية، أو ربما هو انتقام من الحزب الحاكم الذي حظي بتأييد وتبرعات من نجوم هوليوود في الانتخابات الرئاسية، وإذا كان بسبب التغيرات المناخية، فإنّ أول من لوث البيئة هي الولايات المتحدة، إضافة إلى رفضها التعاون أو التوقيع على أي اتفاق لتخفيف الانبعاثات الناتجة من المصانع والشركات الأمريكية.
في جميع الأحوال فإنّها إرادة الله.