تحية للثلاثي العظيم «السادات وفيصل وبومدين»

أمريكا أكبر دولة في العالم تكيل بألف مكيال وتعرف الحق وتحيد عنه وتساند إسرائيل ظلما وعدوانا وبغيا، ولم تجد طريقة لإنقاذ نتنياهو ووزير دفاعه السابق من القبض عليهما في أي دولة يزورانها سوى تلفيق قانون غريب وعجيب أقره مجلس النواب الأمريكي بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، ترزية قوانين من الطراز الأول، واستخفاف بالعالم كله، قانون يدين القاضي النزيه، ويبرئ المجرم العنيد المتهم بالإبادة الجماعية.

أمريكا في انحدار قيمي وأخلاقي وإنساني غير مسبوق، لم نكن نظن أن أمريكا بهذه البشاعة والغباء الإنساني والأخلاقي، «معاقبة القاضي وتدليل المجرم» جريمة لا تقل بشاعة عن جرم إسرائيل.

ضمن تصريحات عجيبة ومتعجرفة لترامب قبل صعوده سدة السلطة كرر ترامب قوله «إنّه سيحيل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا لم يفرج عن الرهائن الإسرائيليين»، تساءل الجميع في أنفسهم وأي جحيم ينتظر غزة أكثر من الجحيم الذي صبته وتصبه إسرائيل يوميا فوق رؤوس الشعب الفلسطيني.

وإذا بالأقدار ترد على ترامب فتحرق معظم لوس أنجلوس وهي أغلى وأرقى المدن الأمريكية يسكنها الأثرياء والمشاهير وفيها فيلا هاريس نائبة الرئيس، احتراق كامل لكل شيء حتى قال حاكم المدينة: «كأن قنبلة نووية ألقيت عليها»، خسائر هذه الحرائق حتى الآن بلغت 130 مليار دولار، أقوى دولة في العالم فشلت تماما في إطفاء الحرائق التي التهمت أكثر من 10 آلاف منزل واستمرت ثلاثة أيام رغم استخدام أحدث الوسائل التقنية ومنها الطائرات.

واضطر الأهالي لاستخدام الأواني وشنط السيدات المملوءة بالماء للإطفاء وكأنهم في العصر الحجري، أحياء كاملة تحولت إلى رماد، ويعد هذا الحريق أكثر الحرائق تدميرا في تاريخ أمريكا ولوس أنجلوس، وتم إجلاء 180 ألف أمريكي وهناك تحذيرات لـ200 ألف من السكان بالإجلاء، من يتأمل منظر النيران في لوس أنجلوس يتذكر قوله تعالى: «فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ».

يقارن الكثيرون بين مظاهر الدمار الشامل الذي أحدثه حريق لوس أنجلوس ومناظر الدمار الشامل في غزة، نيران في غزة ولوس أنجلوس، وتهجير، وتدمير للمنازل وخسائر مادية وبشرية، هلع ورعب وفرار للسكان.

في ولايات أمريكية أخرى أصابتها عواصف ثلجية مع انخفاض بدرجات الحرارة للصفر مما حدا بشركات الطيران لإلغاء 1300 رحلة يوم الاثنين الماضي، سبحان الله ثلوج ونار معا.

«ونحن نحتفل مع عائلاتنا في عيد الميلاد نشاهد الأطفال في غزة يتضورون جوعا ويتجمدون حتى الموت نتيجة الإجراءات الإسرائيلية، الحل الوحيد الآن أمامنا هو طرد السفيرة الإسرائيلية في بريطانيا والتي تدافع عن إسرائيل الكبرى، وترفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وطردها سيعزل إسرائيل ويضطرها للتفاوض».

هكذا صدح بكل قوة النائب البرلماني البريطاني جون ماكدونيل أمام النواب، شجاعة لا توجد عند أي برلماني عربي، تحية للأحرار في كل مكان.

في أحدث الإحصائيات للمكتب الحكومي في غزة نصت على:

- ارتكبت إسرائيل 10 آلاف مجزرة في غزة منذ بداية الحرب أبادت 3471 عائلة غزاوية لم يتبق من كل أسرة سوى فرد واحد، وعدد الشهداء بلغ 57 ألف شهيد ومفقود، والغريب أنه مع كل جولة مفاوضات تزداد حدة الغارات والقتل، والمجازر، إنها محرقة تراها مباشرة على الشاشة، صراخ الجرحى يصم الآذان، ولا مجيب.

كان السادات يقول دوما لأفراد أسرته والمقربين منه: «أكثر اثنين رجالة عظام رأيتهم في حياتي هما الملك فيصل والرئيس الجزائري بومدين، الأول قطع البترول عن الغرب وقال لي قبل الحرب أمامك ميزانية مفتوحة لدعمكم عسكريا، أما بومدين فذهب إلى موسكو ودفع مباشرة 100 مليون دولار للاتحاد السوفيتي لتوريد السلاح الذي احتاجته مصر ولم يغادر موسكو حتى تم شحن السلاح فعلا إلى مصر».

تحية إلى الثلاثة العظماء «السادات، وفيصل، وبومدين»، رحمهم الله رحمة واسعة.

«الأخلاق تتآكل في الفقر كما يتآكل المعدن الذي يقطر فوقه الماء» من روائع د/ أحمد خالد توفيق.

«من لم يقرأ التاريخ فقد عاش عصره فقط، ومن قرأ التاريخ فقد عاش الدهر كله» من روائع ابن خلدون.