السكينة سارقاهم

خالد ناجح

خالد ناجح

كاتب صحفي

العنوان هو مثل عامي مصري نعبر به عن أنفسنا عندما نقول «والله السكِّينة سارقانا»، ونعبر به أحيانا عن الغير عندما نقول «السكينة سارقاه»، وهذا بالطبع قولناه نحن المصريين في 2011 عندما صدقنا أنّه بتغيير النظام قد ينصلح الحال ولم نكن نعلم أنّ المخطط ليس النظام بل الدولة وخاصة الجيش والشرطة.

و«سرقتنا السكينة» مرة أخرى في 2012 عندما صدق الكثيرون من البسطاء أنّ اللحية علامة تديّن وإصلاح ولم يكونوا يعلمون ما تخفيه اللحى المزيفة والتدين الظاهري من أنّ هؤلاء إرهابيين يريدون إنهاء حياتنا وحياة أولادنا في الجيش والشرطة، بل وهدم كل مؤسسة قائمة.

والآن «السكينة سارقة» إخوتنا السوريين الفرحين بما يحدث في سوريا.

بداية لست مع نظام بشار، ولكني في نفس الوقت لست مع هدم مؤسسات الدولة السورية، وخاصة هدم جيشها! لست مع نظام «ميليشياوي» يحكم سوريا، وليته يستطيع الحفاظ على وحدتها ووحدة مؤسساتها الوطنية!

لست مع جيش سوري به أجانب يتم تجنيسهم هم في الأصل مختلفون عقائديا حتى وإن كانوا يحاربون نظاما واحدا أو أي وجود أجنبي على الأراضي السورية.

بدأت الصورة تتضح عندما انفصل جزء من هيئة تحرير الشام التي وصلت للحكم فجأة عندما تبرأت «أحرار هيئة تحرير الشام» من الجولاني، بل واتهمته بالانحراف عن المبادئ الإسلامية، في أول انقلاب على الجولاني بعد سيطرته على السلطة في سوريا وسقوط نظام بشار الأسد.

وقالت، في بيان لها، إن أحمد الجولاني تخلى عن المبادئ الإسلامية بالتعاون مع جهات دولية لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب مصلحة الأمة الإسلامية.

سوريا بها ما يقرب من 20 تنظيما مختلفا عقائديا رغم أنّهم زملاء حرب واحدة ضد النظام السابق، لكن هناك تنظيمات منها ضد الأمريكان، ومنهم من يتعامل بشكل مباشر وغير مباشر مع الأمريكان، ومنهم ضد الوجود الأجنبي، ومنهم تنظيمات ضد تركيا مع أنها ترتبط بهيئة تحرير الشام.

أيضا هناك المعضلة الكردية وقواتها التي هدفها القضاء على داعش، والسؤال هنا: كيف سيتم دمج كل هؤلاء في جيش واحد؟ وما هو موقف هذا الجيش من دخول إسرائيل حتى 20 كم من العاصمة السورية دمشق؟

أعتقد أن الصورة ستتضح في مارس المقبل عندما تنتهي مدة الحكومة ويبدأ المؤتمر الوطني أو تقسيم «الكعكة» على الطاولة، وهنا سيُظهر كل فصيل قوته وطموحه وإمكانياته، وستظهر التحالفات، بل وارتباط كل تنظيم بالدول التي تموله.

أيضا وصول دونالد ترامب للحكم سيكون له تأثير كبير في الأزمة السورية، إضافة لتركيا وروسيا وإيران، وستتضح مصالح لدول أخرى كانت بعيدة عن المشهد، وستظهر اهتماماتها بالأحداث السورية.

وهنا لا بد أن نقف لحظة للتأمل وهل المقصود الشعب السوري وأن العالم مهتم به كشعب لينال حريته، أم كان المقصود هو ضرب الجيش السوري على ضعفه؟

بدأ المخطط بتحطيم الجيش العراقي ثم السوري، فالمقصود هو جيوش تلك الدول حتى يستطيع طفل الغرب المدلل «الكيان الصهيوني» التحكم بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط.

دائما يأتي الاحتلال على مر الزمان من تلك البوابة فتسقط بغداد وكانت تقاوم دمشق وتنتصر القاهرة.

كان الاحتلال والغزو واضحا من دول وجيوش غريبة، سواء شرقية أو غربية، لكن الآن يأتي التخريب من الداخل، فالعدو استفاد من أخطائه السابقة، ولكننا نرتكب نحن العرب نفس الأخطاء.

حفظ الله مصر وشعبها.. حمى الله مصر وجيشها.