في ساحة التلاقي

حسين القاضى

حسين القاضى

كاتب صحفي

ما زال المسلمون والمسيحيون في مصر يلتقون في ساحة التلاقي والتعارف والقيم المشتركة، ولعل الصورة المنتشرة منذ أمس على مواقع التواصل الاجتماعي دليل وشاهد على هذا، حيث ظهر في الصورة العشرات من الرجال والنساء داخل إحدى الكنائس، وفي النساء المحجبات والمنتقبات، يقدمون التهاني لإخوانهم المسيحيين، وصورة أخرى لأحد قراء القرآن يقدم الهدايا للأطفال المسيحيين داخل الكنيسة، في مظهر مشرف.

وليست هذه الصور -مع أهميتها- كافية، في ظل وجود أفكار متطرفة متشددة تُبدّع الناس وتكفّرهم وتحرّم هذه الأنواع من التهاني، ومثل هذه الأصوات النشاز يجب مواجهتها مواجهة علمية صارمة، لا سيما أن هذه اللوثة قد أصابت بعض الشباب في ظل المد المتطرف.

إن الوحدة الوطنيّة هي الحالة المختلفة التي تعبّر عن وحدة الشعب بمختلف شرائحه على هدف واحد وهمّ مشترك، وخضوع جميع المواطنين للقانون والعدالة والمساواة بعيدا عن التّمييز والمحاباة بناءً على الأعراق والأصول والدين؛ ومصر صاحبة أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد، إلا ما ظهر من جنوح وشرود إلى العنف والتحريم مع ظهور الفكر المتطرف، الذي تجاوزه الواقع.

وإن المعايشة في ساحة التلاقي والتعارف من القواسم المشتركة بين الأديان، على مستوى الاعتقاد والفكر والممارسة والعمل والوطن، فالتعددية في الدين واللون والجنس والفكر واللغة من حكمة الله في كونه، وقد جعل الإسلام وحدةَ المجتمع مقدمةً على قضية التوحيد، لا سيما في أوقات الأزمات، ويكفي من ذلك أنّ النبي الكريم هدم مسجد ضرار، عندما وجده منبع فتنة، بل إنّ الأديان وجدت من أجل الإنسان، ولولا الإنسان ما كانت الأديان.

ولقد كان من مبادئ الإسلام:

- أن الأديان السماوية تستقي من معين واحد: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحا وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ).

- أن الأنبياء إخوة لا تفاضل بينهم: (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ).

- أن العقيدة لا يمكن الإكراه عليها: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ).

- أن أماكن العبادات مقدسة: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرا).

- أن أساس التفاضل بين الناس الخير والبر وجبر الخواطر والنفع للجميع: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).

حفظ الله مصر وأهلها.