قداسة البابا تواضروس الثاني.. الرجال مواقف

سعيد حجازي

سعيد حجازي

كاتب صحفي

نسج الرئيس عبد الفتاح السيسي، علي مدار 11 عامًا خيوط المحبة في مصر، عبر زيارته لكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية لتقديم التهنئة لقداسة البابا تواضروس الثاني والإخوة الأقباط بعيد الميلاد المجيد.

رسخ قائد البلاد تقليدًا سنويًا يمثل تجسيدًا عميقًا لقيم التسامح والوحدة الوطنية التي طالما ميزت نسيج المجتمع المصري، فتلك المشاركة التي خطها الرئيس بيده منذ توليه المسؤولية في يونيو 2014، جاءت إرساءً لمبادئ المواطنة بالجمهورية الجديدة، وتأكيدا على تلاحم الشعب المصرى دون التفرقة بناءً على أساس ديني أو عقائدي، الجميع متساوون على أرض الكنانة، كلنا أبناء هذا الوطن العظيم.

تحظى زيارة الرئيس دائمًا بحفاوة بالغة من قبل المصلين بالكنيسة والحاضرين للتهنئة، في كل عام، يبعث الرئيس للمصريين برسائل مهمة خلال تلك المناسبة، تركز على اليقظة والانتباه لما يجري من حولنا، مما استوقفني في تلك المناسبة السعيدة، العلاقة بين القائد والبابا والتي تمثل نموذجًا للمحبة لله وللوطن، دائما ما يؤكد الرئيس السيسي على مواقف قداسة البابا المُخلصة من أجل الوطن، قال بالأمس: «قداسة البابا تواضروس الثاني له مكانة واحترام كبيرين في قلبي، وربنا يحفظه ويحميه».

تلك المحبة الخالصة لا تأتي من فراغ، فالتاريخ يسجل المواقف الوطنية للكنيسة المصرية، والدور الوطني المشرف لقداسة البابا تواضروس الثاني في دعم الدولة الوطنية المصرية ونشر قيم التسامح والمحبة بين أبناء الوطن.

«الرجال مواقف ومعادن»، فمنهم كمعدن الذهب، والبعض الآخر كمعدن الفضة، ومنهم دون ذلك، وقداسته «كنز نفيس»، يشهد التاريخ على مواقفه الوطنية التي لا تنسى، فتلك المواقف القيمة محفورة في الذاكرة والوجدان، وكلنا شهود عليها، أتذكر مقولة الرئيس السيسي في احتفالية العام الماضي والتي تؤكد على الدور الوطني لقداسته حيث قال «تحياتي لقداسة البابا اللي بكن له كل احترام وتقدير، وطبعا المحبة ناجمة عن مواقف ميعملهاش إلا رجال مخلصين بيحبوا بلدهم وحريصين عليها.. أنا عشت الكلام ده عمليا مع قداسة البابا، تقديري لك قداسة البابا وربنا يديك الصحة وبشكرك على اللي فات واللي جاي».

حقًا، قداسة البابا يستحق ذلك، فتلك المحبة نابعة من مواقف لا يصنعها إلا رجال مخلصون يحبون بلادهم وحريصون عليها، من منا ينسى دور قداسته الوطني ودعمه المطلق لثورة 30 يونيو؟، تصدي مع المخلصين لهذا الوطن لدعوات الفتنة والتشدد وتقسيم المجتمع فئويًا وعقائديًا، واجه العداوة التي كرستها الجماعة الإرهابية بالمحبة والسلام.

وحينما اُضرمت النار في عشرات الكنائس وشهدت المنشآت المسيحية والممتلكات الخاصة للأقباط اعتداءات صارخة، حافظ قداسته على سلامة «الوطن» و«الكنيسة»، وفوت الفرصة على المغرضين للنيل من الوطن، وخرج بترياق الشفاء لسلامة المجتمع المصري فقال: «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، أعلن أنه يصلي من أجل كل مواطن مصري ليكون درعا لحماية الوطن من كل إرهاب ومن كل عنف.

لم يسلم قداسة البابا نفسه من محاولات الإستهداف، فحاولت العناصر الإرهابية استهداف قداسته في عام 2017 عبر عملية إرهابية استهدفت الكنيسة المرقسية بالإسكندرية وقت وجوده فيها للاحتفال بـ«أحد الشعانين»، خرج البابا ليؤكد أن الإرهاب لن ينجح في شق صف المصريين والنيل من وحدتهم واستقرارهم.

وفي لقاءته الخارجية والداخلية وفي كل أحاديث وعظات قداسته، يخرج البابا داعما ومساندا بقوة للدولة المصرية ولمشروعات الجمهورية الجديدة، ومطالبا المصريين بدعم هذا الوطن العظيم ومساندته.

ويبقى الإرث الوطني صفحات مشرقة في التاريخ يقرأها بل ويحفظها جيل بعد جيل، فلا يمكن أن ننسى تلك الكلمات التي أكد فيها قداسة البابا على أهمية الوطن وحمايته في كل الظروف عندما قال «كل بلاد العالم في يد الله، ولكن مصر في قلب الله»، فهكذا هم الرجال المخلصون يفنون أعمارهم من أجل أوطانهم. كل عام وقداسة البابا تواضروس الثاني بخير وسلام.