السفير اللبناني الأسبق بواشنطن: ترامب سيحاول إنهاء الصراعات.. ومصر سعت دائما لوقف الحرب على غزة (حوار)

السفير اللبناني الأسبق بواشنطن: ترامب سيحاول إنهاء الصراعات.. ومصر سعت دائما لوقف الحرب على غزة (حوار)
قال الدكتور مسعود معلوف، السفير اللبنانى الأسبق لدى واشنطن والخبير فى الشأن الأمريكى، إن مصر شاركت بدور إيجابى وفعّال ومهم فى مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلى، وتسعى حتى اللحظة لإدخال المزيد من المساعدات الإغاثية إلى القطاع المحاصر.
وأضاف «معلوف» فى حواره مع «الوطن»، أن لبنان يحتاج إلى تعاون كل الأحزاب السياسية مع بعضها من أجل إرساء روح من التعاون والتوافق فيما بينها، وأن تتوقف الخلافات التى عطّلت الدولة لانتخاب رئيس جديد، مشيراً إلى أن حزب الله وإسرائيل لم يحققا سوى جزء من أهدافهما جراء الحرب.
وإلى تفاصيل الحوار :
* ماذا تحتاج لبنان لتعود إلى قوتها وسابق عهدها مرة أخرى؟
الأولوية الأولى فى لبنان، هو أن يستمر وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وتتحول إلى هدنة دائمة، بحيث تتوقف الأعمال العدائية بصورة كاملة، ولكن لبنان بحاجة إلى أمور أخرى كثيرة، أهمها حل المشكلة السورية بحيث يعود إلى سوريا مليونا لاجئ جاءوا بسبب الأوضاع نتيجة الحرب الأهلية منذ 2011، وهم يشكلون عبئاً على لبنان الذى لا يتجاوز عدد سكانه 5 ملايين نسمة، وعلى الأحزاب أن يتعاونوا مع بعضهم من أجل إرساء روح من التعاون والتوافق فيما بينهم وأن تتوقف الخلافات التى عطلت الدولة، فلبنان منذ أكثر من عامين بدون رئيس، والحكومة هى تصريف أعمال ولا تملك كل الصلاحيات، ويجب أن تتم هذه الأمور لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الرديئة والأوضاع المالية الرديئة التى أدت لانهيار النظام المصرفى وخسارة المودعين ودائعهم فى المصارف.
إسرائيل وحزب الله لم يحققا سوى جزء من أهدافهما في الحرب
* هل حقق حزب الله وإسرائيل أهدافهما من وراء الحرب؟
فى الواقع إسرائيل حققت جزءاً منها، فهدفها كان إلى حد ما القضاء على حزب الله، لكنها تمكنت فقط من إضعافه والقضاء على قياداته من الصف الأول والثانى وربما الثالث، وإبعاده عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ولكن هذا ليس كل ما كانت تهدف إليه لأن حزب الله ما زال قوياً، بينما لم يحقق كل أهدافه من حيث الذهاب إلى القدس والصلاة فيه ودعم قطاع غزة فى العدوان الإسرائيلى، ولكنه تمكن من الصمود وما زال عنده القدرة على تقديم بعض المقاومة، وهذا أمر مهم بالنسبة للحزب، أى إن كلا الطرفين حقق جزءاً من أهدافه فقط.
لبنان انتخابات رئاسية متأخرة
* هل تسعى لبنان بعد الحرب إلى انتخابات رئاسية سريعة؟
لبنان متأخر فى الانتخابات الرئاسية عامين، وحالياً حدد رئيس مجلس النواب نبيه برى التاسع من يناير من أجل اجتماع مجلس النواب لانتخاب رئيس، فنظام لبنان ينتخب الرئيس عن طريق مجلس النواب المؤلف من 128 نائباً، حتى الآن لم يتمكن بسبب أن الأحزاب غير متفقة ويعطلون الجلسات إما عبر غيابهم أو عدم وصول أى مرشح إلى النصف زائد واحد، فالدورة الأولى تقتضى حصول المرشح على تأييد ثلثى أعضاء مجلس النواب أى 86 عضواً والدورة الثانية بالأكثرية العادية، وحتى الآن لم يحدث ذلك، وسنرى هل سيتمكن من انتخاب رئيس فى 9 يناير؟
ترامب رجل المفاجآت
- كيف سيتعامل دونالد ترامب مع نتنياهو وهل يختلف عن جو بايدن؟
ترامب رجل المفاجآت ومعروف أنه أنانى تهمه مصلحته الشخصية والسياسية قبل أى شىء آخر، إذا كانت مصلحته أن يضغط على «نتنياهو» لإيقاف الحرب سيفعل ذلك، ولو كانت مصلحته دعمه إلى النهاية سيفعل ذلك أيضاً، وخلال ولايته الأولى أعطى كل شىء لإسرائيل، كما تحدث فى حملته أنها دولة صغيرة وعليها أن تتوسع، هل يعنى ذلك أنه سيدعم نتنياهو فى مشاريعه التوسعية؟ كما سمعنا أنه هدد حماس إذا لم تقبل بإطلاق المحتجزين فإن الشرق الأوسط سيشتعل ويقوم بتهديدات مباشرة، كما قال إنه يريد أن يرى انتهاء الحروب، فسنرى ما سيحدث، لكن «ترامب» مختلف تماماً عن «بايدن»، فالأخير أظهر ضعفاً أمام «نتنياهو»، ولا أحد يعرف كيف سيتصرف ترامب، مع العلم أن من عيّنهم من وزير الخارجية إلى السفيرة بالأمم المتحدة وسفير إسرائيل كلهم يؤيدون إسرائيل بصورة مطلقة ولا يهمهم أمر الفلسطينيين.
أول قرارات ترامب بعد عودته للبيت الأبيض
* ترك «بايدن» إرثاً ثقيلاً لـ«ترامب».. ما أول القرارات التى تعتقد أنه سيسعى إليها فور عودته إلى البيت الأبيض؟
بالنسبة للسياسة الداخلية، قال فى اليوم الأول إنه سيقوم بتهجير ملايين من الذين دخلوا عبر الحدود الأمريكية بصورة غير شرعية ومعظمهم من دول أمريكا اللاتينية، وفى السياسة الخارجية الشىء الأول أعتقد أنه سيسعى لإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية.
* ما أبرز سيناريوهات تعامل «ترامب» مع حلف الناتو وحرب روسيا وأوكرانيا؟
سيسعى منذ البداية إلى حل مسألة الحرب الأوكرانية، ووعد بذلك وعيّن جنرالاً متقاعداً كانت لديه رتبة عالية فى مجلس الأمن القومى وهو يثق به كثيراً، وأعتقد أن «ترامب» سيحوّل جهده لإنهاء هذه الحرب، ولا نعرف كيف سيرد الرئيس الروسى بوتين والأوكرانى زيلينسكى على المساعى الأمريكية، وبالنسبة للناتو، هناك تخوف كبير لدى الأعضاء حتى قبل الانتخابات، بسبب التجارب السابقة فى ولايته الأولى عندما كان يضغط على دول الناتو من أجل أن تدفع مساهماتها لتقوم بتخصيص 2% من ميزانيتها للتسلح والدفاع لأن الولايات المتحدة برأى «ترامب» لا تستطيع ولا تريد أن تتكبد كل النفقات من أجل الدفاع عن أوروبا، وقال «ترامب» بغضب إن الدول التى لا تريد أن تتحمل أعباءها الدفاعية فلتهجم عليها روسيا وتفعل بها ما تشاء، وسيستمر فى ضغطه على دول الناتو فى ولايته الجديدة.
تصعيد عسكري من روسيا وتصعيد كلامى من أوروبا
* هل تشهد أوروبا تصعيداً خطيراً قبل تسلم دونالد ترامب السلطة، وهل يستطيع إنهاء الحرب بالفعل؟
حالياً هناك تصعيد من روسيا وتصعيد كلامى من أوروبا، ورأينا كيف أن الدول الأوروبية حاولت واتخذت قراراً بتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا، وحثت «بايدن» قبل انتهاء ولايته على أن يقدم لها المزيد من الدعم، لأن الجميع يعتقد أنه بعد تسلم «ترامب» ستحدث مفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، ويريدون أن تكون أوكرانيا فى وضع قوى وليس فى وضع ضعيف بالنسبة للمفاوضات، وأعتقد أن «ترامب» سيوافق على أن تظل روسيا فى المناطق الشرقية من أوكرانيا التى سيطرت عليها موسكو، وأنه سيوقف مساعداته العسكرية لـ«كييف» للضغط عليها للقبول بهذا الحل.
طهران تسعى للدبلوماسية من الغرب منذ انتخاب بزشكيان
* تسعى إيران للدبلوماسية مع الولايات المتحدة والغرب.. برأيك ما السبب فى تغيير نهج طهران؟
منذ انتخاب الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان، بدأت طهران تسعى للدبلوماسية مع واشنطن، وتحدث «بزشكيان» عن ذلك فى أكثر من مناسبة، وأبدى رغبته فى أن تكون علاقات إيران طبيعية مع دول العالم، وهذا أمر مهم جداً بأنها بعد العقوبات القوية التى تعرضت لها من أمريكا والغرب، تود أن تخرج من هذه العزلة، وأن يكون لها دورها، لذلك هى تود أن تكون لها علاقات إلى حد ما طبيعية ليس فقط مع الولايات المتحدة ولكن مع سائر دول العالم، ورأينا أنها لم تشارك فى الحرب، وبعدما قامت إسرائيل بقصف مواقع عسكرية إيرانية لم ترد حتى الآن لأنها لا تريد أن تدخل الحرب ولم ترسل جنوداً لحزب الله وحماس وغيرهما، وهى تؤيد بشكل كلامى فقط، وهو مؤشر على رغبة إيران بالتوجه إلى الحلول السلمية والدبلوماسية بدلاً من الاستمرار فى الوضع الراهن.
* كيف سيسعى «ترامب» إلى إعادة مصداقية الولايات المتحدة مرة أخرى بعد كل الأحداث السابقة؟
هذا أمر صعب جداً لأن الولايات المتحدة خسرت الكثير من مصداقيتها خلال رئاسة جو بايدن عندما كان يطالب بوقف إطلاق النار فى غزة، وفتح المعابر الحدودية لإدخال المساعدات ويطالب بحماية المدنيين، فى الوقت نفسه كان «نتنياهو» يرفضها علناً، وهذا أظهر أن الرئيس «بايدن» أُهين أكثر من مرة واتهمت الولايات المتحدة بأنها متواطئة مع إسرائيل، وكان ذلك واضحاً وكانوا يعتبرونها حقيقة، لست متأكداً من أن واشنطن متواطئة مع إسرائيل بشكل تام، ولكن كان هناك ضعف واضح من الرئيس بايدن تجاه إسرائيل، إذن لم تكن مصداقية واشنطن قوية خلال فترته، ولست متأكداً من قدرة دونالد ترامب لاستعادة هيبة الولايات المتحدة، وحتى لو حاول فسيأخذ الأمر وقتاً طويلاً، لأنها هبطت كثيراً خلال السنة الأخيرة، وعلى الرئيس ترامب أن يتخذ قرارت مهمة لكى يتمكن من إعادة مصداقيتها سواء فى الأمم المتحدة أو مع مجموعة دول حلف الناتو ومع الاتحاد الأوروبى وبشكل خاص مع دول مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، هذه الدول الأربعة التى شكلت نوعاً من التحالف ووضعت العالم على عتبة حرب باردة جديدة، فسنرى ما سيفعل «ترامب».
دور مصر إيجابي ومفيد في وسعت لإنهاء الحرب
* كيف تعلق على الدور المصرى فى الأحداث بالشرق الأوسط؟
قامت مصر بدور إيجابى ومفيد جداً، وسعت منذ أن بدأت إسرائيل حربها الوحشية لتحقيق وقف إطلاق النار بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، وقامت بجهود وما زالت تسعى إلى فتح معبر رفح من أجل تأمين إدخال المواد الغذائية إلى قطاع عزة، كما تقوم مصر بدور إيجابى ومحمود ومشكور، وآمل أن تستمر فى هذا الدور للمساعدة على حل هذه الأمور المعقدة، والتى يقعدها أكثر «نتنياهو» لأنه الوحيد الذى له مصلحة من وراء استمرار الحرب.