مستشار «الشرق الأوسط» بالبرلمان الألماني: سوريا لديها فرصة سانحة لتجنب الانزلاق إلى حرب كبرى وصراعات داخلية (حوار)

كتب: محمد عبدالعزيز

مستشار «الشرق الأوسط» بالبرلمان الألماني: سوريا لديها فرصة سانحة لتجنب الانزلاق إلى حرب كبرى وصراعات داخلية (حوار)

مستشار «الشرق الأوسط» بالبرلمان الألماني: سوريا لديها فرصة سانحة لتجنب الانزلاق إلى حرب كبرى وصراعات داخلية (حوار)

قال الدكتور كارستن ويلاند، الدبلوماسى والمستشار السياسى للشرق الأوسط فى البرلمان الألمانى، أن هناك مخاوف واسعة وبشكل كبير لدى العديد من الأطراف الأوروبية، خلال الفترة الحالية، من عودة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض مرة أخرى، فى شهر يناير الجارى، سواء فى أوكرانيا، أو داخل حلف شمال الأطلسى «الناتو».

وقال السياسى الألمانى، فى حوار مع «الوطن»، إن العديد من الأطراف تحول التودد إلى «ترامب»، لكسبه إلى صفوفها، فى الوقت الذى يبدو فيه الرئيس الجديد للولايات المتحدة غير مكترث بالحروب، ولكن يصب كل تركيزه على مصالحه الذاتية، وأضاف «ويلاند» أن الجميع ينتظر كيف سيتعامل «ترامب» مع حلف «الناتو»، بعد عودته لرئاسة الولايات المتحدة.

وفيما يلى تفاصيل الحوار:

* فى البداية، هل تعتقد أن هناك مخاوف لدى حلف «الناتو» بشأن تعامل الرئيس ترامب مع الأزمة الأوكرانية؟

المخاوف موجودة فى أوكرانيا بالطبع، وفى حلف الناتو أيضاً، الجميع يحاولون الآن كسب عقل وقلب دونالد ترامب، وبمعنى آخر، محاولة التودد إليه، لقد رأينا ذلك فى لقاء ترامب مع الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، فى باريس، بوساطة الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، ويحاول الجميع شرح الأمور لترامب، وكذلك حلف الناتو، ورئيسه الجديد مارك روته، الذى يبدو أنه يتفق مع ترامب، كما يبدو أن روسيا رفضت أياً من تلك الأفكار التى ذكرها ترامب فيما يتعلق بوقف الحرب، وهنا سنرى إلى أى مدى سيكون قادراً على الضغط على روسيا وأوكرانيا، للوصول إلى طاولة المفاوضات، لكن الأكثر صعوبة يكمن فى روسيا، وهى فى وضع أفضل فى أوكرانيا الآن، ولكننا رأينا أننا بعيدون عن حل هذا الصراع فى غضون 24 ساعة، كما قال ترامب، لذا فإن المخاوف موجودة، ولكن هناك محاولات ومشاورات مستمرة مع ترامب، وحمله على فهم الصورة بشكل أكثر دقة وتمييزاً.

الجميع يريد معرفة كيف يفكر دونالد ترامب

* هل تتوقع أن يُنهى ترامب الحرب فى أوروبا كما أعلن خلال حملته الانتخابية؟

معظم ما يصدر عن دونالد ترامب عبارة عن شعارات، وهذا هو السبب فى أن الناس لا يقبلونه، ويحاولون معرفة ما يفكر فيه، وكيف يمكنهم التأثير على أفكاره، وشرح الأمر له على أرض الواقع، كما أنه ليس لديه الكثير من المعرفة العميقة بالسياسة الخارجية والبلدان والتطورات والديناميكيات.

* هل تعتقد أن ترامب سيلغى قرار بايدن بالسماح لأوكرانيا بضرب روسيا، خاصةً أن بعض التقارير تفيد بأن بايدن ناقش هذا الأمر بالفعل مع ترامب؟

هناك تكهنات عديدة حول إلغاء ترامب لقرار بايدن، وممكن أن يفعل ذلك، لأن بايدن اتخذ الخطوة، ومن السهل إلغاؤها، لكننى لا أعرف، أعتقد أن الأمر كله يتعلق بإهانة ترامب شخصياً، على سبيل المثال، لأنه شخص عاطفى للغاية، ومتمركز حول نفسه، بسبب عناد روسيا، وقد يمنح ترامب أوكرانيا بعض مجالات المناورة، لكننى أعتقد أن هذا كله مجرد تكهنات فى الوقت الحالى، ومن الممكن أن يكون هناك حديث بين بايدن وترامب بشأن اتخاذ القرار.

الولايات المتحدة تحتاج إلى تحقيق الردع بعد فقدان هيبتها

- هل تحتاج الولايات المتحدة إلى تحقيق الردع فى المستقبل القريب لاستعادة هيبتها وتجنب الحرب؟

تحتاج الولايات المتحدة إلى تحقيق الردع، لكن السؤال هو كيف سيحقق ترامب هذا الردع، إذا نجح فى إحداث شقاق فى حلف الناتو، فلن يزيد من قوة الردع على الإطلاق، وسيوضح أن الولايات المتحدة وحدها، وأوروبا وحدها لن تكونا أفضل حالاً من العمل معاً، وأعتقد أن هذا أحد الأمور التى يتعين علينا أن نراها، وما إذا كان خطابه سيكون معادياً للحلف كما كان من قبل أم لا.

روسيا تستغل التوترات داخل حلف الناتو لصالحها

* هل تستغل روسيا التوترات داخل حلف الناتو؟

بطبيعة الحال، تستغل روسيا التوترات داخل حلف الناتو، لكن التوترات الداخلية فى الأساس مع دولة أو دولتين، المجر على وجه الخصوص، ولن تتمكن وحدها من تغيير مسار الحلف.

* ما التحديات التى سيواجهها حلف الناتو فى عهد ترامب؟

سنرى ما إذا كان ترامب سيستمر فى النظر إلى حلف الناتو باعتباره قوة عفا عليها الزمن، أو حتى عدواً من نوع ما، إذا جاز التعبير، أو على الأقل أنه غاضب من تلك الدول التى لا ترقى إلى مستوى توقعاته بشأن الإنفاق العسكرى، أعتقد أن دول الحلف يجب أن تنفق المزيد على الدفاع، لقد أصبح الأمر واضحاً أيضاً فى ألمانيا وأماكن أخرى، وأعتقد أنهم فهموا أن ترامب لا يمزح معهم بشأن هذا الأمر، فدول الحلف بالفعل بدأت تزيد من إنفاقها الدفاعى، واقتربت من تحقيق الهدف، لذا أعتقد أن هذه المشكلة قد انتهت إلى حد ما فى الوقت الحالى، ما لم يقم ترامب برفع سقف الإنفاق العسكرى.

وجود قوات كورية شمالية في روسيا تصعيد غير مسبوق

* هل يؤثر وجود قوات من كوريا الشمالية فى صفوف الجيش الروسى على سير الحرب فى أوكرانيا؟

وجود قوات من كوريا الشمالية فى صفوف الجيش الروسى، وتحارب ضد الجيش الأوكرانى، بالطبع هو تصعيد خطير، على الرغم من أن موسكو تقول دائماً، إن الغرب هو من يعمل على تصعيد الحرب، لكن هذه الخطوات هى تصعيد بالفعل، ثم كان هناك رد فعل من الجانب الآخر، وهو سماح الرئيس جو بايدن بإرسال الصواريخ متوسطة المدى إلى أوكرانيا، لضرب الأراضى الروسية.

ترامب غير مهتم بالحروب

* فى رأيك، كيف سيتعامل ترامب مع التطورات فى الشرق الأوسط؟

ترامب غير مهتم بالحروب، لكنه مهتم جداً بمصالح الولايات المتحدة، ومهتم بمصالحه الذاتية، وهذا يعنى أيضاً بالنسبة لبنيامين نتنياهو، أنه لا يستطيع الاستمرار فى الحروب دون أهداف، لأننا رأينا الانتقادات أيضاً داخل إسرائيل بأن نتنياهو حقق أهدافه الحربية فى غزة، وأيضاً فى لبنان، وما زالت الحرب مستمرة، لذا لا أعتقد أنه سيكون من السهل عليه إقناع ترامب بدعمه دون شروط، مهما فعل، والأمر نفسه ينطبق على الضفة الغربية، على الرغم من أننا رأينا، للأسف، قرارات شخصية اتخذها ترامب مع قدوم سفير أمريكى جديد إلى إسرائيل وآخرين فى تل أبيب يتحدثون عن ضم الضفة الغربية، وهذا من شأنه أن يسبب مشاكل، وسوف يكون هذا مُكلفاً سياسياً، والسؤال الأبرز: هل سيتسامح ترامب مع هذا إذا أصبح مكلفاً للغاية بالنسبة له ويعارض روايته؟ وفى هذا الصدد، أعتقد أنه لا يوجد تفويض مطلق للمشاكل الدائمة فى إسرائيل والضفة الغربية.

لدينا فرصة في سوريا نحو السلام

* هل يدخل الشرق الأوسط فى صراع واسع النطاق مع التطورات الأخيرة فى سوريا؟

لدينا الفرصة الآن فى سوريا، بعد أن رأينا التطورات الأخيرة، فكان هناك جهد تنسيقى هائل، لذلك ربما تكون هناك فرصة لعدم انزلاق سوريا لحرب كبرى وصراعات داخلية، ولكن فى أن تصبح دولة جديدة يمكن للجميع أن يعيش مع بعضه البعض فيها دون صراع، ولكن بالطبع، هذه أوقات هشة للغاية، ويجب أن نرى كيف سيتصرف الجميع، وخاصة الجماعات السورية.

* كيف تدعم إسرائيل والولايات المتحدة الجماعات المسلحة فى سوريا؟

أعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة لا تمولان الجماعات المسلحة فى سوريا بشكل مباشر، وقال ترامب بالفعل إن هذا ليس من شأننا، ونحتاج إلى الخروج منه، وفى ولايته الأولى حاول أن يفعل ذلك، كما حاول الخروج من سوريا، ولكن الآن أعتقد أن التحدى الكبير هو استقرار سوريا، ومن المهم ألا تعارض إسرائيل الجهود المبذولة فى سوريا لتحقيق انتقال سلمى، وهناك حاجة إلى دعم أوسع من أجل الاستقرار، أيضاً من الجانب الأوروبى، وأعتقد أن الأوروبيين الآن فى مهمة حقيقية لمساعدة سوريا على الاستقرار بعد الثورة فى السنوات الأولى، كما يجب إعطاء غطاء سياسى معين للعناصر السورية فى حال تحولت إلى قوة معتدلة قادرة على الحكم.

* هل تغير الموقف الألمانى من دعم إسرائيل؟

- فيما يتعلق بالموقف الألمانى الداعم لإسرائيل، أعتقد أنه أصبح أكثر تمايزاً فى الأشهر الماضية، هناك بالطبع دعم عام للدولة الإسرائيلية بسبب التاريخ الألمانى، ولكن لا يوجد دعم بالضرورة، كما يقل الدعم بشكل كبير للحكومة الحالية اليمينية المتطرفة، ولا يوجد أى دعم على الإطلاق لنوايا هذه الحكومة، سواء كان لوزراء الحكومة، أو المستوطنات اليهودية فى غزة، أو ضم الضفة الغربية، لذا هناك معارضة قوية للغاية هنا فى ألمانيا، وعندما يتعلق الأمر بدعم الأسلحة، فقد تم فحصها ومراجعتها وخفضها أيضاً، وقد أوضحت وزيرة الخارجية الألمانية، آنالينا بيروك، أنها تسلط الضوء دائماً فى تصريحاتها على معاناة المدنيين من جميع الأطراف، وأيضاً، وبشكل خاص، على سكان غزة، والمدنيين فى لبنان، كانت هذه وجهة نظرها القوية للغاية، وأيضاً فإن التضامن الألمانى مع إسرائيل لا يعنى التضامن الأعمى مع الحكومة الموجودة حالياً.


مواضيع متعلقة