بروفايل.. «بشير».. «الحريف»

كتب: ضحى محمد

بروفايل.. «بشير».. «الحريف»

بروفايل.. «بشير».. «الحريف»

كل شخوصه تشبهنا، رغبة «نوال» المحمومة فى التحرر حتى لو كلّفها الأمر حياتها فى «موعد على العشاء»، حلم «فارس بكر» الضائع وسط تروس الحياة الطاحنة فى «الحريف»، أو طموح «محمد حسن» فى النجاح وحيداً على تلك الأرض الغريبة فى «النمر الأسود»، كلها مشاهد لشخصيات لا يمكن أن تراها إلا فى سينما بشير الديك، الكاتب الذى حمل مشرط جراح دخل به إلى تفاصيل النفس البشرية ليعبر عن خوفها وضعفها وتناقضاتها، ورسم ألوانها بريشة فنان مفعم بالحياة، فتحولت أفلامه إلى سيمفونية إنسانية تخلد اسمه كواحد من أهم كُتاب السينما المصرية.

فى تلك البقعة الساحرة من الأرض بين بحيرة المنزلة ونهر النيل والبحر الأبيض وبراح لا نهائى باللون الأخضر للأراضى الزراعية، فى قرية الخياطة بمحافظة دمياط فتح «بشير» عيونه للمرة الأولى، وكانت جغرافيا المكان وتركيبته صاحبة كلمة البداية فى هبته الإلهية، ثم «طنط نبوية» زوجة عمه التى أدخلت الفتى الصغير إلى عالم الحكايات وفتحت أمامه باب الخيال لينتقل إلى عالم واسع يتنقل داخل جوانبه السحرية وشخوصه الاستثنائية برحابة شديدة.

بعد ما ترك «بشير» القرية برحابتها وعوالم «طنط نبوية» السحرية وانتقل برفقة عائلته إلى المدينة وديناميكيتها، وجد الفتى ضالته فى القصص والروايات، ولكن وصل الأمر إلى ذروته مع المرحلة الجامعية حيث وجد الشاب لديه مخزوناً كبيراً من الأفكار والخيال والأبطال ليبدأ رحلته فى الكتابة، حتى بدأ فى كتابة القصص القصيرة ونشر بعضها فى الإصدارات الأدبية والصحفية.

«كنت أحلم بأن أكون كاتباً روائياً، ولكن عندما دخلت السينما عالمى، تغير هذا الحلم تماماً، الصورة السينمائية هزتنى بعنف، الحوار على لسان الأبطال، ورسم الشخصيات، كلها أشياء جعلتنى أشعر بأننى أنتمى إلى هذا العالم»، كما جاء على لسان بشير الديك فى حوار سابق لـ«الوطن»، وبالفعل أول كتاباته للسينما كانت فيلم «مع سبق الإصرار» عام 1979، الذى فتح له باب التعرف على محمد خان اللذين قدّما معاً مجموعة من أهم أعمال السينما المصرية: «الرغبة»، «موعد على العشاء»، «الحريف»، و«طائر على الطريق».

وفى الوقت الذى جمعت فيه روح المغامرة بشير الديك ومحمد خان، جمعته بالمخرج عاطف الطيب روح التأمل «سواق الأوتوبيس»، و«ضد الحكومة»، بالإضافة إلى الفيلم الأيقونى «ناجى العلى»، وعلى مدار سنوات طويلة قدّم «الديك» ما يتجاوز الـ60 عملاً ما بين السينما والدراما التليفزيونية، حتى إن روح المغامرة بداخله دفعته لخوض تجربة الإخراج 3 مرات من بينها فيلم الرسوم المتحركة «الفارس والأميرة» الذى تولى إخراجه بعد وفاة مخرجه، والذى احتفى به الجمهور على نطاق واسع بعد عرضه للمرة الأولى فى 2020، والذى استحق عن مشواره الإبداعى المتفرد جائزة الدولة التقديرية فى مجال الفنون.


مواضيع متعلقة