لعبة الغاز في سوريا مجهولة المستقبل

كلما زاد دوي الرصاص في سوريا زاد الحديث عن تكلفة التدفئة في أوروبا، وكلما تحركت الفصائل والميليشيات المسلحة نحو دمشق، تحركت ملفات خطوط الغاز الإقليمية.

وكلما تقدمت الفصائل المسلحة في الصراع الدائر في سوريا منذ 13 عاما، زاد الحديث عن خط الغاز القطري نحو أوروبا، مرورا بالجزيرة العربية عبر سوريا وتركيا.

خط أنابيب الغاز القطري تدعمه شركات أوروبية وتركية، ويبلغ طوله 2000 كيلومتر، ورصدت له ميزانية تتجاوز 10 مليارات دولار.

لكن بعد تقدم قوات الجيش السوري والفصائل الشيعية المسلحة في الصراع، زاد الحديث عن خط الغاز الإيراني نحو أوروبا، مرورا بالعراق عبر سوريا وتركيا.

خط أنابيب الغاز الإيراني تدعمه شركات روسية وصينية بطول 2000 كيلومتر، ورصدت له ميزانية تقدّر بـ10 مليارات دولار.

كلا الخطين لو قدّر لأحدهما أن يُقام فسيغير طبيعة العلاقات بين مورد الغاز الرئيسي مع مستقبل الغاز النهائي، وسيُصبح التأثير في سياسات أوروبا أشد وطأة.

كان الوجود الكردي في شمال شرق سوريا بدعم وتمويل أمريكي، والوجود العسكري الأمريكي في محيط منطقة التنف، يحول دون تنفيذ الخط الإيراني، وقت أن كان الأسد وروسيا وإيران يسيطرون على دمشق.

الآن الطريق بات شبه ممهد لمشروع الغاز القطري، خاصة بعد قيام الطيران الأمريكي بقصف عنيف لجيوب داعش «المتروكة» في صحراء تدمر، القريبة من المسار المزعوم لخط الغاز القطري.

المشهد السياسي هذه الأيام يعكس إلى حد كبير مستقبل المشروع الأقرب حاليا إلى التحقّق، فزيارات الوفود إلى دمشق، أغلبها من الدول المفترض أن يمر بها خط الغاز القطري.

لكن هل ستستطيع سوريا المنهكة الوفاء بمهمتها التي تُعد لها في المدى المنظور، ويكون هذا المشروع داعما لخطط إعادة الإعمار؟ هل ستقبل إيران بالوضع الجديد، دون أن تضع العصا في العجلة؟

وهل ستقبل روسيا أن تتأثر مصالحها وصادراتها الغازية دون أن تبذل جهدا لحمايتها أو مقاومة مصالح الدول المتنافسة؟

وهل ستقبل الولايات المتحدة الأمريكية (تحت الرئاسة الترامبية) أن يكون هناك منافس للغاز الأمريكي المسال الضاغط على ميزانيات دول الاتحاد الأوروبي؟، وهل ستستبدل أوروبا المورد الروسي بمتحكم تركي للتدفئة في أوروبا؟

لكن السؤال الأهم، هل ستقبل إسرائيل بالمشروع الذي قد يجعل تركيا لاعبا أقوى منها في المنطقة، ويجعل من الأردن مستفيدا ومكتفيا بغاز «رخيص»، بعيدا عن غازها.

هذا بخلاف دول إقليمية لها ثقل وقوة في المنطقة، قد يكون لها رأي آخر، وقد تتأثر مصالحها ونفوذها بالسلب بهذا المشروع؟

وماذا سيكون رد فعل القوى الإقليمية التقليدية في المنطقة، وبالطبع لا يمكن فصل ملف الغاز عن ملف الكهرباء، وهذا أمر لو تعلمون عظيم، في بلد مثل سوريا، مجهولة المستقبل.