سرطان نتنياهو والمخدر الأكثر شعبية
أعلنت إسرائيل رسميا إصابة نتنياهو بسرطان البروستاتا، بعد خضوعه لجراحة لاستئصالها وتحليل عينة منها. المشكلة أن هذا الخبر يثير المخدر الأقرب لعقلية الكثيرين من شعوب منطقتنا التي يصح وصفها بالمنكوبة، فإذا طالعت الخبر على أي من صفحات وسائل الإعلام الإقليمية، ستجد التعليقات السعيدة المستبشرة بالانتقام الإلهي من نتنياهو!
وبغضِّ النظر عن أنّ المرض يمكن أن يكون عقابا بالفعل، ويمكن كذلك ألا يكون، وبغضِّ النظر أيضا عن أنّ نتنياهو قد يُشفى من المرض، وهو ما يضع هؤلاء الفرحين في مأزق شديد بعد أن اعتبروا المرض عقابا. بغضِّ النظر عن كل هذا، السؤال الآن: هل يمكن أن نستمر في تقييم الأمور على هذا النحو من السطحية المفرطة في السذاجة، والسذاجة المستغرقة في السطحية؟!
أنا من الجيل الذي يتذكر سعادة الملايين في منطقتنا بالغيبوبة التي دخلها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، والتي استمرت نحو 8 سنوات، لكن يبدو أن أحدا لم يتعلم الدرس، فشارون -الذي حظي برعاية طبية استثنائية طوال 8 سنوات- فارق الحياة عام 2014، حين كان ولا يزال رئيس وزراء إسرائيل هو المجرم نتنياهو.
نتنياهو، الذي يفرح الكثيرون بأنه مريض الآن، حقق لإسرائيل ما لم يحققه هو ولا غيره طوال عشرات السنين السابقة، سواء من حيث القضاء على تنظيمات وجماعات معادية، أو حتى عبر ابتلاع المزيد من الأراضي العربية.
هو مريض، ربما يموت أو ينتهي مرضه، لكن المؤكد أنه هو أو غيره سيستمرون في نفس السياسة التوسعية الإجرامية طالما أن من يعاديه لا يريد أن يتبع مواجهة علمية، أو أن يتحمل كلفة تعزيز القدرات التى تحملتها دولة مثل «مصر»، لكي تكون محل احترام من العدو قبل الصديق.
سيستمر نتنياهو أو لاحقه في ابتلاع الأراضى ما دامت الدول الوطنية تسقط واحدة تلو الأخرى، وتعلو عليها نعرات طائفية واقتتال أهلي ومؤامرات إقليمية ودولية. لو كان المرض عقابا لنتنياهو، وهو أمر لا يعنيني لأنها ليست مشكلة شخصية بيننا وبينه، فالمؤكد أنّ العقلية التى تعتبر المرض أو الموت بدائل لـ«إعداد القوة»، هي أكبر عقاب لكثير منا ننسجه بأيدينا!