8 أشخاص يطهون لحم ثور عمره 50 ألف عام على العشاء.. كيف كان مذاقه؟

8 أشخاص يطهون لحم ثور عمره 50 ألف عام على العشاء.. كيف كان مذاقه؟
في إحدى ليالي عام 1984، تجمع عدد قليل من الضيوف في منزل عالم الحفريات ديل جوثري في ألاسكا لتناول حساء مصنوع من طعام شهي لا يمكن تناوله إلا مرة واحدة في العمر، وهي عبارة عن لحم حيوان قديم عمره 50 ألف عام يعود إلى العصر الجليدي الأخير، فماذا كان مذاقه وكيف عثر عليه هؤلاء الأشخاص؟
طهي رقبة حيوان عمرها 50 ألف عاما
كان حفل العشاء الذي أقيم قبل 40 عامًا مناسبًا لتقاليد ألاسكا، خاصة وأنّ قانون الولاية يحظر شراء ومقايضة وبيع لحوم الطرائد- حيوان يتعقبه الصيّاد سواء للترفيه أو للاقتات عليها- فلا يمكنك العثور على الأطباق المفضلة محليًا مثل حساء الكاريبو في المطاعم، ولم يكن هناك فرصة للاستمتاع بهذه الأطباق إلا عندما يجتمع الصيادون ويكون مصدر لحومهم حيوان موظ ألاسكا، إلا أنّ تجربة العشاء هذه المرة كانت مختلفة عندما تحوّلت المائدة إلى طعام مأخوذ من جزء محفوظ من التاريخ البيولوجي عمره آلاف السنين.
بدأت القصة عندما اكتشف عمال مناجم الذهب الحيوان الذي أطلق عليه العلماء «بلو بيب» عام 1979، وحينها لاحظ العمال أنّ خرطوم التعدين الهيدروليكي يذيب جزءًا من المادة اللزجة التي كانت تحافظ على ثور البيسون متجمدًا، وحينها أبلغوا نتائجهم إلى جامعة ألاسكا فيربانكس، خوفًا من تحللها، واختار جوثري -الذي كان آنذاك أستاذًا وباحثًا في الجامعة- استخراج «بلو بيب على الفور»، لكن المحيط الجليدي الذي لا يمكن اختراقه جعل ذلك الأمر صعبًا، لذلك قرر «جوثري» قطع ما استطاع منه، وأعاد تجميده، وانتظر حتى يذوب الرأس والرقبة.
وبعد فترة وجيزة، استضاف جوثري وفريقه، البيسون الأزرق في الحرم الجامعي، وبدأوا في تعلم المزيد عن الحيوان القديم، حتى اكتشفوا أنه قد هلك منذ حوالي 36 ألف عام، وذلك بفضل التأريخ بالكربون المشع، في حين أظهرت الأبحاث الجديدة أن البيسون الأزرق يبلغ عمره 50 ألف عام على الأقل، وفقًا لأمين الآثار بالجامعة، جوش روثر، كما أشارت علامات الأسنان وعلامات المخالب إلى أن البيسون قُتل على يد أسد أمريكي في العصر الجليدي، وربما يكون قد مات أثناء الخريف أو الشتاء، عندما كان الجو باردًا نسبيًا وقد بردت الجثة بسرعة وسرعان ما تجمدت، وهو ما جعل من الصعب على العمال تناولها.
حالة من الدهشة أصابت الباحثين عندما وجدوا أنّ «بلو بيب» كانت متجمدة بشكل جيد، لدرجة أنّ أنسجة عضلاتها احتفظت بقوام لا يختلف عن لحم البقر المجفف، كما ظل جلدها الدهني ونخاع عظامها سليمين، حتى بعد آلاف السنين، ما طرح سؤالًا: لماذا لا نحاول تناول جزءًا منها، وتحديدًا عضلة الرقبة؟
عالم الحفريات ديل جوثري قرر إقامة حفل عشاء بحضور خبير التحنيط إيريك جرانكفيست والراحل بيورن كورتن، يحكي «جوثري»: «لم يكن تحضير شريحة لحم الرقبة فكرة جيدة على الإطلاق. ولكن ما يمكننا فعله هو إضافة الكثير من الخضروات والتوابل، ولن يكون الأمر سيئًا للغاية، فقد قام الروس بمثل هذه الحكايات قديمًا عندما استخرجوا الماموث من أقصى الشمال وتناولوها».
العلماء وضعوا التوابل والخضروات على اللحم
ولتحضير الحساء لحوالي ثمانية أشخاص، قطع «جوثري» جزءًا صغيرًا من رقبة البيسون، وعندما ذاب الثلج المتكون على اللحم انبعثت منه رائحة لحم البقر المميزة، ولحسن الحظ لم تكن مختلطة كثيرًا برائحة الأرض التي وجد فيها سوى بعض الفطر، وبعدها جرى إضافة كمية سخية من الثوم والبصل إلى جانب الجزر والبطاطس، وفي النهاية أضيف النبيذ، وبعدها أصبح العشاء جاهزًا للتناول.
يقول جوثري، إنّه لم يُثنه مرور آلاف السنين على تناول لحم البيسون ولم يشك حتى في إصابته بأي أمراض، خاصة مع خبرته الطويلة في أكل اللحوم المجمدة للحيوانات التي يصطادها سواء هو أو جيرانه: «كان مذاقه يشبه إلى حد ما، ما كنت أتوقعه، مع القليل من الطين، لكنه لم يكن سيئًا للغاية، ولم يكن سيئًا أيضًا لدرجة أننا لم نتمكن من تناول طبق واحد». لكنه لا يستطيع أن يتذكر ما إذا كان أي من الحاضرين قد تناول طبقًا آخر.
ولحسن الحظ، نجا جميع الحاضرين في هذا العشاء ليرووا القصة، ويظل الجزء المتبقي من حيوان «بلو بيب» معروضًا في متحف الشمال بجامعة ألاسكا.