الفتى الأسمر الذي أصبح سلطانا للغناء الشعبي.. محطات في رحلة أحمد عدوية

كتب: نورهان نصرالله

الفتى الأسمر الذي أصبح سلطانا للغناء الشعبي.. محطات في رحلة أحمد عدوية

الفتى الأسمر الذي أصبح سلطانا للغناء الشعبي.. محطات في رحلة أحمد عدوية

«أنا سلطنجي السلطنة لعبتي».. يقف الشاب الأسمر النحيل بشعره الأسود الفاحم، وسط الحضور، يضم أصابع يديه يصنع منها قبضة ويرفع ذراعيه إلى الأعلى بالقرب من وجهه، في حركته الشهيرة، يخرج صوته العذب يمتزج بالموسيقى والكلمات في موال «يسلطن» به «السميعة»، وسط صيحاتهم التي لا تنبئ فقط بميلاد نجم جديد، ولكن سلطانًا لا يشبه أحد سيخرج من أزقة وحواري القاهرة الضيقة ليعتلي عرش الغناء الشعبي لسنوات طويلة، الذي أصبح مسجلًا باسم «عدوية».

في جنوب مصر وتحديدًا محافظ المنيا، استقبل تاجر المواشي مرسي العدوي مولودًا جديدًا في يونيو 1945، لم يكن للطفل الوليد مكانة مميزة بين 14 ابنًا للتاجر الثري، فكان الوليد الذي اختار له اسم «أحمد» هو رقم 13 بينهما، ولكنه كان يحمل بين طيات نفسه موهبة ستجعل منه رقمًا لا يقبل القسمة.

شارع محمد علي المحطة الأولى في رحلة أحمد عدوية

ما بين الموالد والأفراح المليئة بالمواويل ورواة السير الشعبية كانت نداهة الفن تجذب «أحمد»، الذي كان يهرب من المنزل سعيا خلفا ذلك العالم الساحر، ولم تنجح العائلة في إبعاد الشاب الذي نضج وأصبح مولعًا بهذا العالم، حتى قرر أن يرحل إلى العاصمة بحثا عن فرصة توازي شغفه تجاه الفن، ولم يجد أفضل من شارع محمد علي قبلة صناع الفن الشعبي والموسيقى في القاهرة، لتبدأ الرحلة الترقي من صبي يحمل الآلات إلى أحد أفراد الكورال ثم عازف رق داخل الفرقة، والتي منحته فرصة في تعلم أصول الموسيقى والغناء ليصقل بها موهبته الخام، وفي نفس الوقت ينتهز الفرص للغناء في الأفراح الشعبية فوق الأسطح أو بين الأزقة حتى يصل على جنيها كاملا.

وكانت الفرصة أقرب إلى الشاب الذي كان يحمل اسم أحمد العدوى حتى ذلك الوقت، حين شارك في الغناء في عيد زواج الفنانة شريفة فاضل، والذي كان يحضره صاحب واحد من أشهر كازينو في شارع الهرم، ويبدأ فصل جديد أمام النجم الصاعد الذي سمعه المنتج عاطف منتصر والفنان مأمون الشناوي، ليسحرهما ويقررا أنَّ يقدماه إلى شريحة أكبر من الجمهور.

10 آلاف نسخة في 24 ساعة.. أحمد عدوية يضع نفسه على خريطة الفن الشعبي

10 آلاف نسخة في أقل من 24 ساعة باعتها الأسطوانة الأولى لـ أحمد عدوية، نجاح غير متوقع حققه الشاب الصاعد الذي يحمل في طياته صوته مزيج غريب يتقلب ما بين الحزن والفرح في آن واحد، أخرج الغناء الشعبي من الموالد والأفراح ووضعها على خريطة الفن في مصر، ونجح في تحقيق جماهيرية لم يصل لها أحد من قبله، بعد ما نجح في الوصول إلى جمهوره بصوت عنهم وكلمات من مفرداتهم تحمل فلسفة عميقة بالرغم من بساطتها، فلحن له أشهر نجوم التلحين بليغ حمدي، كمال الطويل، هاني شنودة، ومنير مراد، وسيد مكاوي.

رحلة صعبة ومليئة بالمحطات خاضها أحمد عدوية حتى نجح في أن يصبح وعن جدارة سلطان الأغنية الشعبية في مصرـ قبل أن يرحل تاركًا إرثًا سيظل شاهدًا على فنان صاحب مدرسة فنية لن تتكرر.  


مواضيع متعلقة