علي الفاتح يكتب: شرق أوسط مخيف!

علي الفاتح يكتب: شرق أوسط مخيف!
حرق مستشفى كمال عدوان بشمال قطاع غزة يمثل ذروة الإرهاب الصهيوني، وصورة مستقبل الشرق الأوسط، الذي أعلن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إعادة رسم خريطته من أعلى قمة جبل الشيخ في سوريا.
بعيدا عن ملابسات ومقدمات ما جرى فجر الثامن من ديسمبر 2024، في العاصمة السورية دمشق، سيظل ذلك اليوم نقطة تحول مركزية لكل التغييرات الدراماتيكية التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط على المدى القريب والمتوسط.
تغييرات تحسمها طبيعة تفاعل القوى الإقليمية الرئيسة مع أخطر تداعيات سقوط نظام بشار الأسد، وهو احتلال الكيان الصهيوني للمنطقة العازلة، والتوسع في الأراضى السورية، وصولا إلى ريف العاصمة دمشق، وإخلاء العناصر المسلحة التابعين لما يسمى بهيئة تحرير الشام الطريق الواصلة بين دمشق ومحافظة القنيطرة لصالح تمدد آليات ومدرعات جيش الاحتلال الصهيوني.
حرق المستشفيات في قطاع غزة يؤكد بشكل قاطع أن ما تسمى بدولة إسرائيل عصابة إرهابية لم ولن تحترم القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، وبكل المعاني لا يمكن الفصل بين هذا المشهد المفزع، وتمزيق زعيم هذه العصابة الإرهابي ومجرم الحرب والمطلوب للعدالة الدولية نتنياهو لاتفاق فك الارتباط مع سوريا، فكلاهما يعكس ذات الدلالة.
العصابة الصهيونية لن تنسحب من الأراضي التي احتلتها في سوريا الجديدة، والتي أعلنت أنها ليست بصدد خوض صراع مع ما أسمتها الجارة إسرائيل، غير أنه من المهم هنا التدقيق في الدلالة الأخطر، فحينما تتهيأ الظروف ستمزق العصابة جميع اتفاقاتها في المنطقة.
شعر مجرم الحرب بالقوة عندما صعد إلى قمة جبل الشيخ البالغ ارتفاعه أكثر من 2800 متر، ووجد أن مدافع جيشه تستطيع استهداف 4 دول عربية، هى سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، وأن الرادارات العسكرية تسطيع رصد تفاصيل كل ما يحدث في الأسفل.
الجبل بينابيعه وعيون مياهه الجارية يوفر نحو مليار ونصف المليار متر مكعب من المياه لنهري الأردن واليرموك، ومصدر غني بالتنوع النباتي والحيواني بخلاف ما يحويه من ثروات معدنية هائلة.
بالنسبة للكيان الصهيوني وداعمه الأمريكي كان لا بد من تغيير في سوريا يسمح بتمكين جيش الاحتلال من القضاء نهائيا على كل قدرات الجيش السوري العسكرية، وعلى نحو لا يمكن معه إلا إعادة بناء جيش منزوع السلاح يغلب على أفراده السلوك الميليشياوى.
بالتزامن مع بدء تنفيذ مخططات العدو الصهيوني في سوريا تقدمت مجموعة داخل الكنيست (البرلمان الصهيوني) تُدعى «كتلة الأرض» باقتراح لتعديل قانون الاستفتاء، الذي أُقر في عام 2010، وينص على ألا يتم الانسحاب من القدس الشرقية وهضبة الجولان إلا بعد موافقة 80 عضوا من بين 120 من أعضاء الكنيست، أو عمل استفتاء شعبي.
التعديل المقترح يطالب بتطبيق ذات القانون على أراضي الضفة الغربية والمياه الإقليمية، وذلك للقضاء على أي احتمال لإبرام اتفاق من شأنه إقامة دولة فلسطينية، وكذلك منع ترسيم حدود المياه الاقتصادية الإقليمية مع أي من دول الجوار، على غرار ما حدث مع لبنان، ليظل الكيان واضعا يده على المياه الإقليمية التابعة للأراضي التي يحتلها.
اعتلاء الكيان الصهيوني قمة جبل الشيخ أعطاه دفعة قوية ليمضي في مخططه بشأن القضاء على أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية، وبما أن ما جرى في سوريا لم يكن وليد اللحظة، فمن المؤكد أن تصويت الكنيست في 18 يوليو الماضي على قرار عدم الاعتراف بحل الدولتين، جاء في سياق المخطط بشأن سوريا، الذي لا يمكن فصله عن خطة ضم أراضي الضفة الغربية، عبر آلية التهجير القسري، التي يسعى الاحتلال لتنفيذها في غزة.
يعتقد الكيان الصهيوني أن هذه اللحظة مواتية ليتزعم المنطقة، ولفرض تصوراته بشأن خرائطه الجيوسياسية وتحالفاته الجديدة.
من الخطر أن يتوافق دونالد ترامب مع رؤية حكومة المتطرفين، ويتصور أن الوقت بات مناسبا لزعامة الكيان الصهيوني، ما يُمكن الولايات المتحدة من فرض كامل هيمنتها على مقدرات الشرق الأوسط، ما يعني أن المنطقة ستشهد توترا تصاعديا، فليس صحيحا أن ما يسمى بالإسلام السياسي، المصنوع غربيا، الفاعل الوحيد.