استشارى أمراض الدم: اضطراب وراثى وراء الإصابة بـ"جوشر" وعلاجه مكلف

استشارى أمراض الدم: اضطراب وراثى وراء الإصابة بـ"جوشر" وعلاجه مكلف
قال استشارى الأطفال وأمراض الدم بمستشفى أبوالريش الدكتور خالد عبدالعظيم عيد، إن سبب الإصابة بمرض «جوشر» هو نقص فى أحد إنزيمات التمثيل «الهدمى» داخل الجسم، مما يؤدى إلى تراكم المادة التى من المفترض هدمها فى كافة أجزاء الجسم، ومن أهمها «الكبد والطحال» كما يتم تراكمها داخل النخاع العظمى، وفى بعض الأحيان يصيب القلب والرئتين، وبعض الحالات قد يصيب الجهاز العصبى.
وأوضح استشارى الأطفال، لـ«الوطن»، أن أعراض المرض تبدأ عن طريق تضخم فى الطحال ونقص فى الصفائح الدموية المسئولة عن تجلط الدم داخل جسم الإنسان، مما قد يؤدى إلى سيولة فى الدم، مؤكداً أن وجود المادة المتراكمة نتيجة نقص إنزيم «الجلوكوسيريبروسيديز» يؤدى إلى تأخر عضلى وذهنى لدى المريض.
وأضاف «عبدالعظيم» أن مرض «جوشر» يعد من الأمراض الوراثية المنتشرة فى العالم، وتنتقل الإصابة عن طريق الأب والأم الحاملين للمرض، والاحتمالات الطبية تشير إلى أن نسبة الأطفال المرضى داخل الأسرة الواحدة تكون بمعدل 25%، مشيراً إلى أن «جوشر» مرض نادر وقاتل ومن الأمراض التى يختلف فيها شكل الأعراض وشدتها حتى بين الأخوات فى حالة مرض أكثر من حالة فى نفس الأسرة.
وأشار «عبدالعظيم» إلى أن المرض ينقسم إلى ثلاثة أنواع، فالنوع الأول لا توجد لديه إصابة عصبية، أما النوع الثانى فهو شديد الخطورة ويصيب الجهاز العصبى بشدة، ويؤدى فى النهاية لوفاة حامله فى سن صغيرة، أما النوع الثالث وهو الأكثر انتشاراً، فتكون لدى المريض إصابة عصبية متوسطة، وهؤلاء إذا تم الاهتمام بهم وبتوفير العلاج لهم مبكراً، سوف يؤدى إلى تحسن حالتهم، لكن فى حالة تأخر العلاج قد يؤدى إلى زيادة الإصابة العصبية، التى تؤثر على حركة العين أو نسبة الذكاء وبعض أعضاء الجسم فى الحركة، وهو ما يصعب بعد ذلك علاجه.
وأوضح الدكتور خالد أن علاج هذا المرض يقتصر على اتجاهين أولهما علاج الأعراض مثل نقل الدم والصفائح أو إزالة الطحال، ولكن تظل الحالة تتفاقم لعدم إعطاء العلاج الموجه إلى المريض، ألا وهو إحلال الإنزيم، ويعطى للمريض عن طريق جرعة كل أسبوعين مدى الحياة على حسب وزن الجسم، وهذا الدواء تنتجه شركتان فقط فى العالم، وأولاهما شركة أمريكية تسمى ««Sanofi-Genzyme، وهو علاج مكلف للغاية، لا يستطيع المريض العادى تحمل تكاليفه.
وتابع استشارى الأطفال أنه تم التواصل مع هذه الشركة المنتجة لهذا الدواء عام 1997، حتى تم إقناعها بأن مصر لا تستطيع شراء هذا الدواء نتيجة لارتفاع ثمنه، فتم الاتفاق على منح مصر العلاج لعدد من المرضى وصل تقريباً إلى 150 مريضاً فى مختلف أنحاء مصر، مشيراً إلى أن الشركة تورد هذا الدواء بالمجان إلى مصر بما يعادل 100 مليون جنيه سنوياً، ويتم صرف هذا الدواء بالتعاون مع «مشروع الأمل»، وهو منظمة أمريكية غير هادفة للربح، لها مساهمات فى مجال الخدمات الصحية فى مصر منذ الخمسينات طبقاً لاتقاقيات بينها وبين وزارتى الصحة والتعليم العالى، عن طريق المستشفيات التابعة للجامعات المصرية، موضحاً أنه يتم توجيه العلاج إلى أسماء المرضى أنفسهم، نظراً لعدم تسجيل هذا الدواء فى مصر حتى الآن.
وتحدث «عبدالعظيم» عن أزمة تسجيل الدواء فى مصر، موضحاً أن الشركة الأمريكية تقدمت بطلب التسجيل إلى وزارة الصحة أكثر من مرة قبل 25 يناير، ومن خلال ذلك يتاح الدواء لبقية المرضى، الذين يزيد عددهم الآن على 70 مريضاً لا يتلقون علاجاً، ما يؤدى إلى ضعف حالتهم، موضحاً أن الحالات التى يرسل العلاج لها كانت فى السابق وتوقفت الشركة بعدها عن اعتماد العلاج لمرضى جدد، ولكن الأعداد فى تزايد.
وعن دور وزارة الصحة فى علاج هؤلاء المرضى، يوضح «عبدالعظيم» أنها حالياً تقوم بإجراءات تسجيل الدواء وإن جاءت متأخرة بينما لا يمكن أن يتم التعامل مع آباء وأمهات المرضى بطريقة «انت ملكش علاج عندى وهما بيخبطوا على بابك»، لا أحد ينكر أن هناك نقصاً فى إمكانيات الوزارة، وميزانية الصحة لا تحتمل هذه التكلفة العالية لعلاج هؤلاء المرضى، لكن من يسعى تتفتح له الأبواب، وما سمعته أن الشركة الأمريكية عرضت سعراً منخفضاً عن السعر العالمى للدواء، فى حالة تسجيل الدواء داخل مصر، موضحاً أنه لم تتم إضافة أى حالة جديدة منذ 5 سنوات، وإذا تم وجود حالات استثنائية لمريض من المرضى، نظراً لخطورة حالته، يتم وضع اسمه بديلاً لحالة قد توفيت وفرغ مكانها فى العلاج.