أعضاء هيئات التدريس: النظام "مهزلة" يجب وقفها فوراً

أعضاء هيئات التدريس: النظام "مهزلة" يجب وقفها فوراً
أثار نظام «التعليم المفتوح»، مؤخراً، جدلاً ساخناً بين أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، الذين اعتبروا أن هذا النظام «مهزلة» لا بد من وقفها فوراً بسبب رفض عدد من النقابات المهنية قيد خريجيه بها، معللة هذا الرفض بأنه خرج عن مساره الطبيعى وتم تطبيقه على توسع ودون وضع خطة محددة له، ما أدى بالتالى إلى تدهور مستوى الخريجين وقلة كفاءتهم لدخول سوق العمل.
وكان المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، التقى الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالى. وأكد «محلب» للوزير أن «التعليم المفتوح خرج عن مساره، وطالبه باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح مساره خلال الفترة المقبلة. قال الدكتور يحيى القزاز، الأستاذ بجامعة حلوان، عضو «حركة 9 مارس»، إن التعليم المفتوح معترف به فى كل العالم، نظراً لإعطائه الفرصة لمن يريد أن يحصل على مؤهل عالٍ أو على مزيد من الدراسة الجادة، وذلك على العكس تماماً مما يحدث فى مصر، مشيراً إلى أنه تم تطبيقه فى مصر منذ انتشرت الجامعات الخاصة، وتحولت إلى بيزنس ومشروعات استثمارية بالدرجة الأولى، فحذت الجامعات الحكومية حذوها، وبدأت فى اختراع ما يسمى «نظام التعليم المفتوح»؛ لتحقيق الربح أيضاً.
وأضاف «القزاز»، لـ«الوطن»، أن نظام التعليم المفتوح عبارة عن اسم بلا مسمى، فهو لا يعطى سوى شهادات للوجاهة الاجتماعية فقط، ولا يوجد به أى اهتمام سواء من قبل الطالب أو الأستاذ، فعضو هيئة التدريس يرى أنه فرصة لزيادة الدخل، والطالب يدفع مقابل الحصول على شهادة لتحسين مستواه الاجتماعى، ونحن فى حاجة إلى إعادة هيكلة التعليم كله الجامعى والمفتوح وما قبل الجامعى أيضاً.
واعتبر «القزاز» أن «التعليم المفتوح مهزلة لا بد أن تتوقف»، مطالباً بإلغائه «نظراً لوصوله إلى درجة يرثى لها»، حسب تعبيره، مشيراً إلى أن المجتمع المصرى لديه عقدة نقص، وما زال يتعامل الناس بمؤهلاتهم، الأمر الذى دعا الكثيرين إلى الالتحاق به، وبالتالى مطالبتهم بالالتحاق بالنقابات المختلفة طالما حصلوا على مؤهل عالٍ، ولكن الحقيقة هى أن التعليم المفتوح عبارة عن مورد مالى، أو دكانة على الأكثر، فالطالب يدفع والدكانة تعطيه الشهادة. فيما قال الدكتور ياقوت السنوسى، عضو هيئة التدريس بالجامعة، إن نظام التعليم المفتوح ليس له ضابط ولا رابط، وهو مهزلة بكل معنى الكلمة، مشيراً إلى أنه لا يؤدى إلى الهدف المرجو منه، ولا بد من إعادة النظر فى مناهجه وآليات القبول به.
من جانبه، قال الدكتور عبدالله سرور، وكيل مؤسسى «نقابة علماء مصر»، إن نظام التعليم المفتوح تم تطبيقه فى مصر منذ البداية قبل 25 عاماً بشكل خاطئ، وأبرز مشكلاته تتمثل فى معادلة شهادة طالب التعليم المفتوح بشهادة الطالب المنتظم ومطالبتهم بالالتحاق بالنقابات المختلفة. وأشار «سرور» إلى ضرورة اتخاذ المجلس الأعلى للجامعات قراراً بتحويل شهادات التعليم المفتوح إلى شهادة مهنية وليست جامعية، فهذا النظام هدفه الارتقاء بالمستوى العلمى والثقافى للدارسين وليس الحصول على مؤهل للالتحاق بمجال مهنى آخر كما يحدث حالياً، فهناك على سبيل المثال العديد من الممرضات اللائى التحقن بالتعليم المفتوح، ثم طالبن بتسوية وظيفية، وهو ما تسبب فى حدوث أزمات داخل القطاع الطبى.
من جهته، أكد الدكتور السيد عبدالخالق، وزير التعليم العالى، أنه «لا نية إطلاقاً لإلغاء نظام التعليم المفتوح»، مشيراً إلى أن هناك العديد من الملاحظات عليه، لذلك تم تشكيل لجنة من المجلس الأعلى للجامعات لدراسة سبل تطويره والنهوض به، وتم مناقشة المقترحات خلال اجتماع المجلس الأخير وسيتم اتخاذ قرارات نهائية بشأن تعديل مساره قريباً.
وأضاف «عبدالخالق» أن هناك دراسات ومؤتمرات عديدة سابقة أجريت فى هذا الشأن، وستكون محل اعتبار من قبل الخبراء والمتخصصين، لافتاً إلى أن القرار النهائى بالتطوير والإصلاح يرجع للمجلس الأعلى للجامعات لأنه صاحب القرار فى هذا الشأن، وليس للوزير منفرداً. بينما قال الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات، إن هذه اللجنة مشكلة من الدكتور أمين لطفى رئيس جامعة بنى سويف، والدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة والدكتور حسين عيسى رئيس جامعة عين شمس، والدكتور عبدالحكيم عبدالخالق رئيس جامعة طنطا، مشيراً إلى أن اللجنة أعدت تقريراً من 500 صفحة بشأن مشاكل التعليم المفتوح وخروجه عن مساره وتم توزيع التقرير على جميع رؤساء الجامعات والمختصين لعرض مقترحاتهم فى هذا الشأن، وهناك عدد من الجهات والنقابات المهنية طالبت بإصلاح نظام التعليم المفتوح ومن ضمنها نقابتا المحامين والتجاريين.
أما الدكتور عبدالحكيم عبدالخالق، رئيس جامعة طنطا عضو اللجنة، فقال إنه تم إعداد تقرير بعد اجتماع اللجنة مع ممثلين عن نقابة المحامين والتجاريين ومسئولين من وزارة الداخلية، لاتخاذ قرارات حاسمة فيما يخص نظام التعليم المفتوح، وستتم مناقشة وعرض تقرير اللجنة خلال الاجتماع المقبل، وسيجرى الإعلان عن النتائج عقب الانتهاء من مناقشة جميع المقترحات المقدمة.
فى المقابل، قال الدكتور على شمس الدين، رئيس جامعة بنها، إن إلغاء التعليم المفتوح «كلام فارغ»، مؤكداً أنه سيتم العمل على تصحيح مساره من خلال التركيز على جودة المناهج، وتخفيض أعداد المقبولين به، خصوصاً أن الكثير من الدارسين يلتحقون بالتعليم المفتوح لتصحيح وضعهم الاجتماعى والاقتصادى، وهذا حقهم.
ولفت «شمس الدين» إلى أن أعداداً كبيرة من أمناء الشرطة الذين التحقوا بكلية الحقوق وفق نظام التعليم المفتوح طالبوا بترقيتهم إلى ضباط، وكذلك الراغبون فى الالتحاق بنقابة المحامين لممارسة مهنة المحاماة، لافتاً إلى أن التعليم المفتوح نظام طبق فى مصر بتوسع ودون دراسة، مما أدى إلى انخفاض جودته.
وأخيراً، قال الدكتور حسين عيسى، رئيس جامعة عين شمس، عضو لجنة تطوير نظام التعليم المفتوح، أنه تم عرض جميع وجهات النظر التى قُدمت إلى اللجنة من قبل النقابات المختلفة التى طالبت بتحسين مستوى الخريج، على المجلس الأعلى للجامعات، لافتاً إلى أن اتخاذ أى قرار جديد لا ينطبق على المسجلين حالياً، إنما على الطلاب الجدد بدءاً من سبتمبر المقبل.
ونوه رئيس جامعة عين شمس إلى أن اللجنة انتهت من تقريرها الذى أعدته حول المشاكل والمساوئ التى يعانى منها التعليم المفتوح وحول انحرافه عن أهدافه المرسومة خلال الأعوام الأخيرة من أجل تدارك هذه الأخطاء، والعمل على تصحيح مساره خلال الفترة المقبلة، باعتباره تعليماً مهنياً بالأساس يهدف إلى رفع مستوى الأفراد، إلا أنه خرج عن دوره وسبب العديد من المشكلات إلى جانب عدم مهارة وكفاءة الخريجين، لأنه يخرّج أعداداً ضخمة كل عام والسوق والنقابات غير راضين عن كفاءة هذه الأعداد، وفى حال موافقة المجلس الأعلى للجامعات على التقرير المقدم سيتم تغير نظام التعليم المفتوح الحالى بشكل جذرى.
وأوضح عيسى، لـ«الوطن»، أن التقرير اشتمل على إعداد لائحة موحدة تتمثل فى حظر قبول طلاب الشهادات الفنية بكليات الإعلام والحقوق، قائلاً: «خريج دبلوم التجارة ليس من حقه الالتحاق ببرنامج غير متصل بشهادته، إلى جانب اتخاذ قرار بشأن معادلة التعليم المفتوح بالتعليم النظامى ووضع شروط جديدة للالتحاق به وتحديد نسب الطلاب المقبولين».