د. حسن أبوطالب: عودة العلاقات مع "طهران" لا تتوقف على الموقف الخليجى

د. حسن أبوطالب: عودة العلاقات مع "طهران" لا تتوقف على الموقف الخليجى
قال الكاتب والمحلل السياسى المختص بشئون الشرق الأوسط، الدكتور حسن أبوطالب، إن العلاقات بين مصر وإيران معقدة ومتشابكة لكنها فى نفس الوقت هادئة، فى ظل قناعات كل طرف بأهمية دور الطرف الثانى، وإمكانية أن يكون هناك انفتاح فى العلاقات بين البلدين لكن وفق ضمانات إيرانية باحترام سيادة دول المنطقة. وأضاف «أبوطالب»، فى حوار لـ«الوطن»، أن إيران ترى مصر باعتبارها أيقونة المنطقة، وحاولت الاستفادة من وجود الإخوان فى الحكم لتمديد نفوذها، لكنها ووجهت بمناعة مصرية ضد التشيع وضد محاولات الهيمنة الخارجية، واعتبر «أبوطالب» أن علاقة مصر بإيران لا ترتبط بالموقف الخليجى بقدر ارتباطها بمصالح مصر والتحركات الإيرانية فى المنطقة. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية كيف تصف طبيعة العلاقات المصرية الإيرانية؟
- العلاقات المصرية الإيرانية مركبة ومعقدة ومتشابكة، وفى نفس الوقت يغلب عليها الهدوء، وهذا يرجع إلى أن كل طرف يقدر الطرف الآخر ويدرك قيمته وتأثيره، وبالتالى هناك أمور تبدو متناقضة سطحياً لكنها تحكم العلاقة الإدراكية بين البلدين، فكلاهما يرغب فى استعادة العلاقات بينهما وفتح القنوات الدبلوماسية، فى الوقت نفسه لدى كل طرف مخاوف وقيود تحول دون استعادة تلك العلاقات.[FirstQuote]
■ هل تأثرت العلاقات بين البلدين بالفترة التى قضاها الإخوان على رأس السلطة فى مصر؟
- لم تتأثر العلاقات بين البلدين فى وجود الإخوان فى حكم مصر لقصر المدة، ولكن تلك الفترة أفصحت عن بعض المكنون الإيرانى تجاه مصر، فالإيرانيون يرون أن مصر أيقونة المنطقة، وأنها قوة مؤثرة فى سياساتها، وحكم الإخوان كان مندفعاً نحو إيران من ناحيتين، الأولى أنه كانت هناك محاولة لاستنساخ تجربة حكم المرشد فى إيران ومحاولة نقلها إلى مصر، كذلك استنساخ فكرة إنشاء الحرس الثورى الإيرانى فى مصر، إلى جانب ذلك كانت هناك محاولة لتبادل بعض الخبرات فى مجال إنشاء المجتمع المدنى الإيرانى فى مصر، وبالتالى فإن الإيرانيين نظروا إلى وجود الإخوان باعتباره فرصة للتغيير فى مصر يتماشى مع قناعات الجمهورية الإسلامية، لكن قوبل ذلك بمناعة مصرية رافضة لهذا التوجه.
■ ما تأثير الاتفاق النووى الإيرانى على مصر؟ وهل هى معنية به بنفس الدرجة التى لدى دول الخليج العربى؟
- مصر معنية بالأساس بالدور الإيرانى خلال العشر سنوات الماضية، لأنه دور محورى فاعل فى بناء قواعد للنفوذ بعيداً عن سيطرة الدولة، مثل تجربة «حزب الله» فى لبنان، والحوثيين فى اليمن، والميليشيات المنتشرة فى العراق، والميليشيات الداعمة لنظام بشار الأسد فى سوريا، وإيران لا تكتفى فقط بدعم تلك الجماعات بعيداً عن نفوذ الدولة، وإنما تسعى لأن تكون تلك الجماعات مهيمنة على الدولة، وهذه السياسة هى مصدر القلق الأكبر الذى تشعر به دول الخليج العربى.
■ وبالنسبة للاتفاق النووى.. هل ترى أنه يمثل قلقاً لمصر؟
- البرنامج النووى الإيرانى طالما أنه تحت الرقابة الدولية ويسير وفق المعايير الدولية للاستخدام السلمى للطاقة، فليس هناك ما يقلقنا فى ذلك، كما أن بنود الاتفاق النووى نفسها تعد إقراراً بقاعدة جديدة فى القانون الدولى، تتمثل فى أنه يحق للمجتمع الدولى فى حال رأى أن برنامجاً نووياً ما يحيد عن أهدافه السلمية، فمن حقه اتخاذ التدابير اللازمة من أعمال رقابة أو تحفظ أو سيطرة ولو جزئياً، وبالتالى فإن الاتفاق النووى الإيرانى الأخير يمكن أن نجعله صيغة للتطبيق على البرامج النووية الأخرى.
■ هل تقصد أن مصر يمكنها أن تستفيد من هذا الاتفاق فى تطوير برنامج نووى؟
- فى هذه النقطة يجب ألا نضع مصر وإيران على قدم المساواة، لأن مصر دولة لا ينظر إليها بعين الريبة عكس إيران، فنحن مع اتفاقية منع الانتشار النووى وعلاقتنا شفافة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونشارك فى أعمال الوكالة بشكل طبيعى، وبالتالى فليست هناك شكوك ضدنا، وعليه فإننا لسنا بحاجة إلى إجراءات ذات طابع خاص مثل الاتفاق الإيرانى، نحن مع المعايير الدولية بكل شفافية من أن لكل دولة الحق فى تطوير برنامج نووى سلمى تنطبق عليه الشروط الدولية.[SecondQuote]
■ هل قرار عودة العلاقات بين مصر وإيران متوقف على القرار الخليجى، خاصة السعودية؟
- لا، مصر لديها رؤيتها الخاصة تجاه إيران، ومنذ انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع مصر هناك حالة انفصام داخل إيران تجاه مصر بين الإصلاحيين والمتشددين، وما تريده مصر الآن هو التأكد من أن إيران ستتعامل مع الدول العربية من منطق دويلاتى، أى دولة مع دولة، وليس دولة تدعم كيانات خارج نفوذ الدولة، وأنها دولة تسير وفق القواعد المتعارف عليها فى المجتمع الدولى من احترام سيادة الدول وحسن النية فى العلاقات الدولية، وإذا توصلت مصر إلى اتفاق فى هذا الاتجاه وحصلت على الضمانات اللازمة فإنه سيكون هناك انفتاح فى اتجاه إيران.
■ الاتفاق النووى الإيرانى سيعيد صياغة العلاقات بين السعودية والإخوان، ومن ثم العلاقة مع مصر.. إلى أى مدى هذا التحليل صحيح؟
- أرى أنه تحليل متسرع وعبثى، لأن مصر لن تقبل أى ضغوط من أى دولة لتصحيح علاقتها مع جماعة داخلية، والعلاقة بين السعودية ومصر تقوم على أسلوب تعامل دولة مع دولة وليس دولة مع جماعة، ورغم أنه من غير الواضح الآن مدى انفتاح السعودية على الإخوان لمواجهة النفوذ الإيرانى، لكن علينا أن نقر أولاً بأنه من حق السعودية أن تتصرف وتتخذ ما شاءت من قرارات ترى أنها تخدم أمنها القومى، لكن حين يتعلق الأمر بموقف مصر من الإخوان، فإننا هنا يجب أن نكون دولة قانون، والكلمة الفصل فى ذلك للقانون المصرى وليس أى ضغوط خارجية، كما أن العلاقات بين القاهرة والرياض تقوم على مبدأ التعاون فى المصالح المشتركة وتقويتها والتحاور فى النقاط الخلافية أو تحييدها.