حضانات «الجلاء».. المدعم «عطلان» بسبب انفجار «القنصلية»

حضانات «الجلاء».. المدعم «عطلان» بسبب انفجار «القنصلية»
جاءوا إلى مستشفى الجلاء التعليمى.. وجوه ساخطة وأعين متنمرة، فالقسم الاقتصادى «أبوفلوس» تحت الخدمة لمن يدفع، أما حضانات القسم المدعوم فمتوقفة، بحجة انفجار القنصلية الإيطالية الذى وقع الأسبوع الماضى.
طابور طويل ينتظر زوجة أحمد سعيد، موظف حكومى، بالاستقبال فى مستشفى الجلاء، رغم وصوله مبكراً فى تمام الساعة الثامنة مع بدء مواعيد عمل المستشفى، يجلس «أحمد» ويقول: «طول الليل عينى ماداقتش النوم من مراتى اللى مابطلتش صراخ مع أن لسه فاضلها شهرين ونص على موعد الولادة، فقلت تولد قيصرى طفل مبتسر وأبطل أقلق»، على الرغم من أن هذه المرة الثالثة التى سيستقبل فيها «أحمد» مولوداً، إلا أنه يقول: «الأطباء قالوا لنا إن مفيش حضانات خالص فى القسم المجانى، بس أنا سمعت أن القسم الاقتصادى شغّال، وده من إيه عشان انفجار القنصلية، هو الانفجارات مالها ومال الحضانات».
تأوهات زوجة «أحمد» وصراخها بجانبه، يشق هدوء نفسه ليشب مذعوراً متوجهاً لموظفة الاستقبال، فيسألها متودداً عن موعد دوره، ويفكر فى أن يذهب إلى مستشفى آخر، فيطرد الفكرة ويهدأ «بس كلها هتبقى زى بعضها، الفلوس هى اللى بتمشى كل حاجة، بس يا ريت كان معايا فلوس، كنت رحت أى مستشفى خاص، بس ما أقدرش أدفع ألف جنيه للحضانة كل يوم فى حضانة بره، خاصة بعد ما عرفت من الدكتور المتابع لحالة زوجتى أن بقاء الجنين لمدة أطول، فيه خطورة على حياتها». ويتابع «أنا ماسألتش ده سببه إيه هو أنا الدكتور ولا هو؟»، يصمت لبرهة ثم يقول يائساً: «مش عارف أروح فين وأعمل إيه وخايف مراتى يحصل لها حاجة، مضطر أعالجها ومفيش قدامى حل إلا أنى أبيع دهبها وعفش الشقة لو هعالجها فى مستشفيات خاصة».
يقطع صوت «أحمد» صياح مدوٍ لرجل ممتلئ الجسم، يبدو أنه فى الأربعين، يصرخ: «مفيش حضانات إزاى، وماله الانفجار بالحضانات»، يحاول الجميع تهدئته، فيقول بغضب: «دول بيريحوا دماغهم من زن الغلابة وفاتحين حضانات الاقتصادى يبقى انفجارات إيه وزفت إيه»، ثم يردف الرجل، واسمه أنور عبدالعال، غاضباً: «الواحد خلاص جاب آخره فى البلد دى، أظن مفيش إهانة أكثر من أنه لما الواحد يمرض مايتعالجش إلا لو معاه فلوس، ما هو اللى معاه بيتعالج واللى معاهوش بيتبهدل ومش هيتعالج، ده يرضى مين لما مراتى تبقى بتفرفر قدامهم ولا حاسين بحد». يشير عليه أحدهم بأن يذهب إلى الطوارئ، فيرد عليه ساخراً: «إحنا بقالنا 4 سنين مابنسمعش غير الكلمة دى لحد ما فقدت معناها حتى فى المستشفيات، يا عم الله يرحم، الطب بقى كله سبوبة».
يصمت الرجل قليلاً قبل أن يقول بحسرة: «من شهر تقريباً زوجة أخى كانت بتولد هنا واتحجزت، ولما كانت بتعمل العملية جالها نزيف، قالوا لنا بسرعة هاتوا لها دم عشان بنك الدم مافيهوش، ولولا لاقينا لها متبرع نفس فصيلتها كانت راحت بلاش»، ويضيف: «مش دى المفروض مستشفى برضه، ولما بنتها كانت فى الحضانة كانت بتشرف عليها وعلى 5 حضانات ولما كنا نكلمها كانت ترد من طرف لسانها وتقول: (احمدوا ربنا أحسن ممرضة بره بتشرف على حضانتين بس)»، ثم يتابع: «الليلة فى الحكومى بـ150 جنيه وفى الخاص بألف جنيه، يعنى آخد مرتبى وأروح أحجز ليلة واحدة؟، طب وباقى الأيام أجيب منين، طب وآكل منين؟».